طلبة العراق والامتحانات..معاناة واستنزاف في ثلاثية الارهاب وانقطاع الكهرباء وسوء التعليم

الإمتحانات في العراق معاناة للطلبة واولياء امورهم كما هو الحال في كل دول العالم ..ولكن الظروف الامنية الإستثنائية التي يمر بها العراقيون جعلت من موسم الإمتحانات معاناة مزدوجة للجميع إبتداء من انقطاع الكهرباء وسوء الأوضاع الأمنية وليس إنتهاء بتعطيل وصول الطلبة الى قاعات الامتحان نتيجة قطع الجسور ..ومحافظة الموصل نموذج مثالي لكابوس الامتحانات في مدن العراق.

بدا القلق واضحا على محيا الاستاذ عصام عبد يحيى مدير تربية محافظة نينوى وكالة ،والذي قال لوكالة انباء (أصوات العراق ) " لم يعد قطع التيار الكهربائي يثير الخوف والقلق في قلوب التلاميذ واولياء امورهم والملاكات التربوية قدر القلق الحالي بسبب قطع جسور المدينة الخمسة وفصل الجانب الايمن عن الجانب الايسر."

واضاف " لانقطاع الكهرباء حل ولكن لاحل لمشكلة الجسور ، فالطالب يستطيع ان يستذكر دروسه نهارا أو على ضوء الفوانيس ليلا ، ولكن كيف يصل الى قاعة الامتحانات ودوريات الشرطة تغلق الجسور وقتما تشاء وبدون سابق انذار ؟!.. انها مأساة حقيقية ان يحرم طالب من الامتحان دون ذنب ارتكبه سوى هذه الممارسات الامنية التي نراها لم تجد نفعا ولم تحسن من الوضع الامني في مدينة الموصل."

جسر الخط السريع في حي الكفاءات يربط مجموعة أحياء ، هي المجموعة الثقافية شمالا وحي المصارف جنوبا و السكر غربا و المثنى شرقا.. على هذا الجسر وقفت مئات السيارات ، وعلى مرمى البصر تنتظر اشارة من احدى دوريات الشرطة التي وقفت تنظم السير وتجعله بصف واحد اولا ، ومن ثم تفتش السيارة التي تشتبه بها ..تتحرك السيارات ببطء شديد ، فالطريق الذي يستغرق عادة عشرة دقائق يوميا يقطعه المواطنون حاليا في وجود الدورية ساعة او ساعة ونصف او ربما اكثر..!!

ومع ذلك ، ربما يبدو الأمر هينا أمام قطع الجسور نهائيا في وقت الامتحان وهو ما يحدث الان باستمرار بالرغم من انتهاء عمليات (صيد الاسد) العسكرية.

طلبة الموصل وذووهم يعيشون في قلق مستمر ، ويخرجون صباح كل يوم مبكرين تفاديا للتأخير الذي قد يحدث عند انقطاع الجسور . وفي مثل هذه الحالات يفتح جسر واحد للسابلة وعلى الطالب ان يعبر هذا الجسر سيرا على الاقدام ليصل متاخرا بعد توزيع ورقة الامتحان.

مدير تربية محافظة نينوى عبر عن خشيته من استمرار قطع الجسور ايام امتحانات البكالوريا أي الدراسة المنتهية و قال:" نستطيع تمديد امتحانات الصفوف غير المنتهية الى ساعة اخرى في حالة قطع الجسور وعدم وصول الطلبة في وقتهم المحدد ، ولكن كيف يكون الحال في الامتحانات العامة والتي تبدأ في وقت موحد في جميع انحاء العراق وبأسئلة موحدة.. من المحال تأخير توزيع الاسئلة او غض النظر عن تأخر الطلبة ...مديرية التربية تعيش حالة من القلق ولانعرف لها حلا."

واضاف " نصف مليون تلميذ وتلميذة وطالب وطالبة من مدينة الموصل يؤدون هذه الايام الامتحانات النهائية بأعصاب مشدودة ويبقى الخوف في قلوبنا عند اداء طلبتنا للامتحانات النهائية والتي من المؤمل بدايتها في العاشر من حزيران يونيو."

والمشكلة تتفاقم مع انقطاع الكهرباء لما يقارب العشرين ساعة يوميا في هذا الوضع الامني المتردي والخوف من انقطاع الجسور ..وبشير السيد يحيى كذلك الى "إرتفاع درجة الحرارة لاكثر من الخمسين درجة لتضاعف من المعاناة التي يسببها انفجار العبوات والسيارات والاطلاقات ، وزيادة اسعار اجرة المواصلات بسبب ارتفاع اسعار الوقود."

السيدة أمل عبد الله مديرة اعدادية الموصل للبنات ، ردت على سؤال ل(أصوات العراق) عن وضعية الطالب اثناء ادائه الامتحانات ، بقولها " تستعد العائلة العراقية هذه الايام لتهيئة الجو الملائم لابنائها وبناتها لدخول قاعات الامتحان وهم على ثقة عالية بجاهزيتهم واستعدادهم لادائها ، وبالرغم من جميع الظروف المحيطة بالطالب ، الا ان علينا ان نتفائل ونعكس تفاؤلنا لطلابنا وطالباتنا."

ومن جانبها ، تقول الدكتورة ندى العبايجي من كلية التربية / جامعة الموصل " قد تنتاب الطالب الذي يؤدي الامتحانات حالات نفسية معينة ،وخصوصا وهو يعيش في اجواء نفسية صعبة ، ومع ذلك فان قلق الامتحان ضروري لكل طالب ليحفز ه على المذاكرة والجد والاجتهاد.. ولكن في مدينة ساخنة كمدينة الموصل يأخذ القلق منحى اخر ، فصوت الاطلاقات والانفجارات يؤثر سلبا على تركيز الطالب."

ام احمد ربة بيت ولديها خمسة اولاد يؤدون الامتحانات ،قالت " انا والاب والاولاد نعيش في حالة عصبية لاتوصف . فالايام تمر ببطء والانفجارات والجثث تتكاثر يوميا . الجسور مقطوعة والوقود شحيح وعلى الاولاد ان يدرسوا في ظل اجواء متوترة . فكيف سينجحوا."

مهند كريم موظف يقول " نمر بحالة نفسية صعبة للغاية .. يوميا افكر ان اجبر ابنتي على ترك الدوام ، ولكن اتأسف على مستقبلها ، فهي في الصف الثالث كلية الصيدلة . لن تغيب عن بالي مأساة جارنا الذي قتل ابنته بمسدسه الخاص وفي اخر يوم من امتحانات العام الماضي عندما استوقفته عصابه اثناء رجوعهما من الكلية وارادت العصابة اختطاف ابنته امام عينه."

ستار طارق ..اب لبنت وولد يخشى تكرار ماحدث لابنه في الامتحانات السابقة ويقول " لم يستطع ابني حضور امتحانات الكورس الثاني بسبب قطع الجسور في الاسبوع الماضي وقام بتأجيل الامتحان ، اما ابنتي فأنها تبيت في دار عمها الواقعة في الجانب الايسر قرب كليتها تفاديا لمشاكل الجسور ... ولانعلم كيف ستكون امتحانات نهاية العام ونحن في ظل هذه الظروف."

ام سعد ربة بيت يزعجها إستذكار اولادها دروسهم على ضوء الشموع وقالت "سحبت خطا اضافيا من مولدة تجارية اخرى غير مولدة الشارع التي تتعطل بإستمرار .. وقد كلفني سحب الخط الاضافي مبلغا من المال استدنته من اخي كي احافظ على مستوى ابنائي الدراسي."

ومن جهته يعتبر ، علي عبد الله ان الامتحانات منغص اضافي.. وقال " لم تعد تنقصنا الا الامتحانات والتفكير في الامتحانات ...لقد مللنا وتعبت اعصابنا من الحروب والتفجيرات والماسي التي نعيشها والتفكير بالبنزين واي الطرق نسلك..والله عندما يسألني احد اولادي عن حل مسألة او قراءة جملة اقوم بتوبخه ونهره والسبب الحياة السيئة التي نعيشها."

هيثم نجيب ، طالب في الاعدادية متخوف من اداء الامتحانات ووصف وضعه النفسي بقوله "في الشهر الماضي قتل زميلي الذي يجلس بجانبي برصاصة طائشة دخلت الى الصف ، اصبت بإنهيار عصبي ولازمت الفراش اسبوعين تناولت فيها مختلف المهدئات . كيف ساستطيع الإجابة في الامتحان وصورة زميلي اكرم لاتفارقني."

غادة وميسون وهالة طالبات في كلية الادارة والاقتصاد المرحلة الثالثة عبرن عن مخاوفهن بالقول " يخيفنا وجود دوريات الشرطة بالقرب من الجامعة ، عندما نشاهد هذه الدوريات نهرب الى اتجاه اخر لانها مستهدفة من قبل الجماعات الارهابية."

إتصلت (أصوات العراق) باللواء الركن واثق محمد عبد القادر الحمداني قائد شرطة محافظة نينوى للسؤال عن انقطاع الجسور ومدى تأثيرها على سير الامتحانات، فقال "إنها ممارسات امنية الغاية منها القبض على المشتبه بهم . انها خطط امنية ولا نستطيع البوح بأسباب استمراها." ، في حين قال مدير غرفة العمليات والحركات والتابعة لقيادة شرطة محافظة نينوى بوضوح :" لايهم اذا رسب الطلاب عند فشلهم بعبور الجسور او لم يشتركوا اصلا في الامتحانات ، المهم هو القبض على الارهابيين."

وبالاستفسار عن صحة ما اشيع مؤخرا في الشارع عن إستمرار التيار الكهربائي لساعات الليل أجاب المهندس صالح صفو مدير توزيع كهرباء نينوى قائلا " من يريد ان يطلق اشاعة فله مطلق الحرية، من جانبنا نحن ملتزمون بإنتاج وحدات معينة من الكهرباء توزع بشكل عادل وتقطع بشكل مبرمج."

وتبقى هواجس الخوف من الامتحانات في الموصل وفي كل مدن العراق ببقاء مسبباتها ، وهي اغلاق الجسور والوضع الامني وشحة الوقود وساعات قطع الكهرباء.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعه 26/ايار/2006 -27/ربيع الثاني/1427