السماء الثالثة لأحمد آدم

علي حسين عبيد

اليوم تكتمل سنة على غيابك يا أحمد ..

فهل رحلت فعلا ؟؟؟

هل رحل الشعر الذي كان يتنفس هواء العراق

ويمرح في أزقة كربلاء وشوارعها وأرصفتها

ويهزج في بساتين طويريج ويشرب من مياه الفرات

الذي يسقي ابنك الوحيد وبناتك الخمس يوميا

هل غابت كتبك التي تنشرها يوميا على رصيفك

الحميم لتشاكس بعناوينها أبصار المارة

من لحظات الصبح حتى آخر أنفاس المساء

هل غابت ضحكتك يا أحمد

والقهقهة التي ضجت بها أجواء كربلاء

وهل انطفأ حزنك الجميل وأنت تبصر نجيمات الشعر

تتساقط من سمائك الثالثة فوق أرض لا تستحقها

هل مازلت تتألم يا آدم

لأن ديوانك الشعري الألف لم ير النور

إلا بعد أن بعت أجمل ما تملك

 وهل ستفرح اذا قلت لك

أن أكثر من دار عراقية وعربية وغربية

عرضت على شعرك الطبع والتوزيع ..

وهو يتأبّى ويزوغ ويتحسر لأنك لم تعد تتنفسه

وهل تعرف أن قصائدك التي كانت تنام

في ادراج المحررين شهورا وأعواما

صارت أقمارا

تتسابق عليها سماءات الصفحات الثقافية

لكي تتألق بضوئها ..

هل يفرحك هذا يا أحمد

يا وليد الشعر وشهيده ويا ابنه البار

ويا وريث الشاهر ... صاحب (أيها الوطن الشاعري)

الذي ما أن بزغ ضوءه الشعري حتى خطفته يد المنون

فكلاكما مات في أول النبوغ

وكلاكما تشرب بساتين الرمان

وكلاكما شرب من حليب الفرات

وكلاكما خلف وراءه

 حشدا من الاصدقاء اليتامى

وحشدا من القصائد المترعة بأنفاس العراق

وكلاكما ترك حومة الشعر

في عز شبابه الشعري

لا تحزن يا أحمد

فالشعر الذي خلفته وراءك صار (صدقة جارية لك)

وإبنا صالحا والله

أما الذي يكتبه الاحياء الجدد

فلا يستحق العناء ولا الحسد ولا الحسرة

وحدك كتبت شعرا يليق بالحياة

ووحدك أغظت الموت بشعرك

فمد لك يد الخديعة

وسرق قلبك بطلقة شوهاء بائسة

لا تحزن يا أحمد فالأنفاس التي نسرقها اليوم

من بين أنياب الموت

لا تستحق أن تحزن عليها وحتما أن حياتك

في رحاب السماء أجمل بكثير وأرحم وأكثر عدالة

من غابة الارض التي تناهشت لحم الفقراء

فنم يا صديق الشعر وارصفة الحب والجمال

نم يا توأم السحر

ويا أجمل الفقراء

ويا أنقى الشعراء

نم ولا تنظر الى أسفل أبدا

واغفُ في سمائك الشعرية الثالثة

بعيدا عن مصاصي دم الشعر

وآكلي لغة الجمال.. ومطفئي وهج الخير والحقيقة

حلق حبيبي عاليا

ولا تدهشك نجمة شاعر أرضي لمعت هنا او هناك

فبريقها زائف

وخراجها زبد سيمضي جفاء

حلق حبيبي متساميا

ولا تنظر صوب أرض لا يزدهر فيها سوى القتلة الظلاميين

حلق حبيبي عاليا

واقدح فنارات شعرك في سماء الله

وهبنا

حبيبي صديقي

يا صديق الحزن الجميل والألم الأجمل

هبنا بيتا شعريا واحدا

يعيدنا بل يسحبنا الى سمائك  الشعرية الثالثة

بعيدا عن أرض

لا تستحق أن تنظر إليها أبدا.

* صاحب الشاهر شاعر عراقي من كربلاء ينتسب لجيل الشعر السبعيني تلقفته يد المنون في الحرب العراقية الايرانية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 25/ايار/2006 -26/ربيع الثاني/1427