الحكومة العراقية الجديدة والبرلمان... المحاسبة المستقلة أولاً

المهندس مصطفى الصادق

بعد أكثر من أربعة شهور شهد العراق والعراقيون ميلاد أول حكومة عراقية جديدة دائمة وإن كانت الولادة عسيرة والتحديات المرتقبة عديدة وعتيدة. لكن لابد من الأمل والتفاؤل فهما النافذتان اللتان يمكن النظر من خلالهما إلى مستقبل مشرق ومزدهر للعراق والعراقيين. قدرة البرلمان على الرقابة والمحاسبة  يدفع الى الأمل والتفاؤل رغم كل ما شهده تشكيل الحكومة من محاصصة وطائفية وعقبات... نعم يبقى الأمل في أداء البرلمان لدوره الرقابي بالتمام والكمال وحسب الدستور العراقي الجديد لضمان بقاء الديمقراطية العراقية الفتية.

البعض يزعم أن تلك المحاصصة نتيجة طبيعية للتركيبة الطائفية والعرقية في العراق وضرورة فرضها الواقع على الجميع !!

على كل التقادير يمكن تجاوز الأربع سنوات المقبلة بأقل الخسائر إذا قام  البرلمان بدوره الرقابي بشكل فاعل وحيادي شفاف ومميز ومتحيز وفقط للديمقراطية والدستور والشعب والوطن وخارج الإطار الحزبي الضيق.

إن الأليات التي تتصدى للعمل الطائفي او الفئوي او الحزبي او الشخصي في الوزارات العراقية الجديدة مضمونة في الدستور العراقي الجديد ولايبقى إلا تفعيل هذه الاليات لكي تدخل حيز التنفيذ وليس هناك من مفعّل لهذه الأليات إلا البرلمان العراقي الجديد( ونوابه الـ 275) الذي من المفترض أن يقوم بدور تأريخي في هذه المرحلة بالذات.

صحيح أن النواب جاءوا تحت قبة  البرلمان من خلال قوائم إنتخابية حملت إسم هذه الكتلة او تلك لكن في النهاية هم ممثلو الشعب العراقي ويجب أن يدافعوا عن مصالح هذا الشعب قبل  كل شيئ. فالمحاسبة ومراقبة أجهزة الدولة هي أول وأبسط ما يمكن أن يفعله البرلمانيون لحفظ مصالح الشعب العراقي. ونجاح ذلك يملي :

تكريس نمط التصويت بصورة مستقلة اي التصويت خارج الولاء الحزبي... خارج الولاء الكتلي... خارج الولاء الفئوي وخارج...الـخ.

ما وقع بالفعل حتى الآن هو أن المفاوضات التي تمت لتشكيل الحكومة أجريت بين رؤساء القوائم الكبرى وهذا ما سمعناه عدة مرات من نواب ومن مختلف القوائم والأطياف وهذه ظاهرة تدعي للقلق بمعنى أن ليس للنائب حق إبداء الرأي إلا في إطار الرأي الحزبي الذي يملى عليه من قيادة القائمة وهذا ما سيقلص حظوظ البرلمان لأداء قوي ومتناسب مع شأنه الدستوري وهذا الهاجس أي هاجس الانتماء الحزبي أو الكتلي سيبقى العقبة الأساسية لقيام النواب بواجبهم الدستوري.

فإذا جرت الأمور على أساس ما جرى حتى الآن فستكون النتائج كارثية لأنه على أساس ذلك لا يمكن إستجواب هذ الوزير او ذاك لأنه ينتمي أما لكتلتي أو لكتلة الحليف او...الـخ.

فإذا كان الوزير من كتلته  فلا يجوز ذلك بتاتاً لإنه ينتمي اليها وأما إذا كان ينتمي الى  الكتلة المنافسة فهناك توافقات ومعاهدات مسبقة وربما متعارضة مع الدستور لا يمكن تجاوزها، وحتى لوتم الإستجواب فالكتلة المنافسة ستنسحب من جلسة الإستجواب والثأر والصراع يدخل في حلقة مفرغة مشابهة لتلك التي عانت تشكيل الحكومة منه فينسحب وزراء الكتلة من الحكومة وربما ليبدأ كل شيئ من المربع الأول.

بعد كل ما جرى من محاصصة في تشكيل الوزارات فالأمل مازال قائما لتعديل تلك الأخطاء إنْ لم ينخرط النواب في التصويت ومحاسبة الوزارات في معسكر الطائفية والحزبية على حساب مصلحة الشعب والعراق.

ولذلك فأهم أولويات البرلمان العراقي تتجسد في المراقبة والمحاسبة وبالتصويت المستقل بعيدا عن الولاءات المذكورة لضمان قرارات ناجحة ومحاسبة فاعلة حيادية شفافة ومميزة ومتحيزة وفقط وفقط للديمقراطية والدستور والشعب والوطن.

معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن

http://www.siironline.org

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 23/ايار/2006 -24/ربيع الثاني/1427