العانس واقع اجباري مر في كل بيت عراقي

وكأن العراقيات ينقصهن المشاكل لتزيد عليهن مشكلة جديدة إسمها (العانس)،  وهى مشكلة لا ذنب للعراقيات فيها سوى أنهن من بلد يمر بظروف سياسية وإقتصادية يصعب معها أن تكون المرأة والفتاة فيها مثل نظيرتها فى أى دولة أخرى.

وهكذا جاءت مشكلة (العانس) أو (العنوسة) لتضيف عبئا على الأسر العراقية إضافة إلى الأعباء الثقيلة الموجودة بالفعل، وهى كلمة مكروهة ولكنها واقع موجود فى كل البيوت العراقية أو غالبيتها.

في ظل الظروف الأمنية الخطيرة والإقتصادية الصعبة التى تتحكم في مصير العراقيين والعراقيات ظهرت هذه المشكلة التى بات فيها الشاب العراقي عاجزا عن التقدم الى فتاة للزواج بها لأنه غير قادر على اتمام متطلبات هذا الزواج.

الشاب العراقي بدأ أمام المشاكل الاقتصادية والامنية يفكر فى الهروب من هذا الواقع والسفر الى خارج العراق بحثا عن مصدر رزق ومكان آمن.

وباتت الفتاة العراقية ضحية وضع سيء ليس لها فيه ناقة ولا جمل.

لا تخلو عائلة عراقية حاليا من فتاة متقدمة في السن فاتها قطار الزواج جرى العرف على وصفها بصفة (العانس)، وهى صفة موجودة فى معظم دول العالم، ولكنها تأخذ بعدا أكثر خطورة فى العراق نتيجة الظروف المأساوية التى يمر بها.

يقابل هذا فى نفس الوقت آلاف الضحايا من الشباب المقبل على الزواج نتيجة أعمال العنف والتفجيرات التى يشهدها العراق بشكل يومى، وهو ما أدى إلى زيادة حدة المشكلة الموجودة بالفعل.

وتنظر المجتمعات الشرقية عادة إلى الفتاة التى فاتها قطار الزواج نظرة بها الكثير من الشفقة والحسرة فى نفس الوقت، وهو ما يترك فى الفتاة أثرا نفسيا خطيرا قد ينعكس عليها بيلوجيا نتيجة زيادة الضغوط النفسية عليها.

هناك بعض الفتيات تضطر إزاء هذه المشكلة إلى تقديم بعض التنازلات والقبول بالارتباط من رجل متزوج ولديه أولاد أو أرمل أو مطلق أو يكبرها في السن، وهى حالات عادة ما تنتهي بالفشل.

والغريب هذه الأيام أن الفتاة العراقية ترى في الإرتباط برجل خلاص من الوضع السيء الذي تمر به جميع العوائل العراقية، وتجد في فارس الأحلام القادم أنه قادر على أن يوفر لها الأمان ويوفر جميع طلباتها المشروعة وغير المشروعة.

لكن.. مارأى الفتاة كبيرة السن فى هذه المشكلة ؟ وما هى العوامل التى تساعد على تفاقمها؟ وما هو رأى علماء الاجتماع فى هذه الظاهرة؟

التقت وكالة أنباء(أصوات العراق)  بنماذج من الفتيات صادفتهن مشاكل جعلت منهن ضحية لهذه المشكلة.

تقول(ميسون علي) "أبلغ من العمر (33 عاما، وانحدر من عائلة ميسورة الحال وأتمتع بقدر من الجمال، توفقت بعمل مرموق منذ تخرجي ووصلت الى منصب مديرة لإحدى إدارات الشركة التى اعمل بها، لكن هذا المنصب أصبح مصدرا لشقائي لأن الشاب الذي يفكر في الزواج مني يخشى من منصبي وراتبي فيبتعد مع إنني لا أرى أي خطأ في هذا." وتستطرد قائلة "احببت شابا من عائلة بسيطة جاء الى شركتنا من إحدى المحافظات لكنني للأسف كنت رئيسته في العمل وكنت أشعر بأنه يكن لي الحب والتقدير، فتقربت منه،  إلا أنه أخبرني بأنه لا يستطع الأرتباط بي بسبب منصبي الذي يفقده رجولته."

وتقول هدى 35 سنة "أعمل مهندسة زراعية، لي شقيقان تزوجا قبل سنوات، ومنذ ذلك الوقت توقف العرسان عن طرق بابي حتى لجأت الى العرافين وانفقت اموالا طائلة حتى تقدم الي أحدهم، إلا أنه سرعان ما إكتشفت انه كان يطمع في راتبي والبيت الذى أملكه، فرفضت الزواج به وفضلت ان احمل لقب عانس."

آمال محمد، 40 سنة، تعمل في إحدى الدوائر الحكومية، وهي اكبر اخوانها واخواتها وقضت عمرها فى سبيل تزويج اخواتها الصغار بحكم أنها كبيرة العائلة، عينت نفسها المسؤول الأول والأخير عن الأسرة،  ولازالت تمارس نفس الدور..

تقول عن موضوع زواجها "ان القطار فاتها ولا تفكر اليوم إلا بأولاد الأخوات والأخوة." إلا انها تعود لتقول "لم يطرق بابي ابن الحلال حتى هذه اللحظة، وان حضر فمن سيبقى لأخوتي.. كل شيء قسمة ونصيب."

استاذة علم الإجتماع نادية المحاويلي من جامعة بغداد كلية الأداب تقول "إن التأخر عن الزواج لدى الفتيات يعتبر مشكلة اجتماعية مهمة لا بد من معالجتها، فعدم زواج الفتاة بعطل تطورا طبيعيا خلقه الله في كل أنثى ويزيد من حدة المشكلة."

تضيف" إن الشاب يجد صعوبة في الزواج بسبب البطالة المتفاقمة والمسؤلية الكبيرة المترتبة على عاتقه إن هو أقدم على هذه الخطوة."

وتحذر المحاويلي من أن" الفتاة التي حرمت من الزواج تتعرض لضغوط نفسية تتحول الى قلق وتوتر واحباط بسب نظرة المجتمع لها، وكلما تقدمت في السن قلت فرصتها للزواج فتضطر لقبول التنازلات بدلا من ان تكون وحيدة."

وتنصح الفتيات بضرورة التسلح بالتعليم لأنه سلاح قوي يضمن لها دخلا يعضدها في التدقبق في البحث عن شريك الحياة المناسب لكن دون مغالاة.

وتقول أستاذة علم النفس لطيفة ستار من كلية الأداب الجامعة المستنصرية "إن الفتاة بطلق عليها لقب (عانس) اذا زاد عمرها على 35 سنة دون زواج، وان كانت لا تحبذ هذا اللقب لأنه جارح للمشاعر."

وتقول "على الفتاة التي فاتها القطار ان تتقبل الأمر الواقع، فالإنسان له ادوار عدة في الحياة أولها وصول الأنثى الى مرحلة الأمومة، وطالما لم يتيسر لها هذا فعليها أن تحاول تحقيق النجاح، فهي عضو في أسرة وفي مجال عمل وعضو في مجتمع كبير تعيش فيه وتحقق ذاتها."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 21/ايار/2006 -22/ربيع الثاني/1427