اظهر استطلاع نشرت نتائجه يوم الثلاثاء لاراء بريطانيين قرأوا رواية
"شفرة دافنشي" "The Da Vinci Code" للكاتب دان براون وهي من اكثر الكتب
مبيعا ان قراءة الرواية تقوض الايمان بالكنيسة الكاثوليكية وتلحق ضررا
بالغا بمصداقيتها.
وتزيد قراءة الرواية الى الضعفين احتمال ان يصدق قارئوها أن المسيح
انجب ابناء كما تزيد إلى اربعة اضعاف احتمال أن يعتقدوا أن جماعة طريق
الرب (أوبوس دي) Opus Dei الكاثوليكية المحافظة طائفة ارتكبت جرائم قتل.
وقال اوستن ايفري السكرتير الصحفي للكردينال كورماك ميرفي أوكونور
كبير الاساقفة الكاثوليك في بريطانيا "عدد من يأخذون مزاعمها الزائفة
مأخذ الجد كبير على نحو يثير الانزعاج حقا."
وأضاف "استطلاعنا يبين أن شفرة دافنشي ليست مجرد رواية بالنسبة
لكثير من الناس."
ويرأس الكردينال اوكونور مجموعة بارزة من الرهبان والراهبات وعلماء
اللاهوت الكاثوليك واعضاء جماعة أوبوس دي في بريطانيا. وكلفت تلك
المجموعة مركزا كبيرا لابحاث وقياس الرأي العام باجراء الاستطلاع وهي
تسعى للنهوض بالمعتقدات الكاثوليكية في وقت أثار فيه عرض الفيلم عاصفة
من الجدل.
وأجرى المركز الاستطلاع في مطلع الاسبوع على عينة شملت ألفا من
البالغين ووجد أن 60 بالمئة يعتقدون أن المسيح انجب ابناء من مريم
المجدلية وهو احتمال أشارت إليه الرواية مقابل 30 بالمئة ممن لم يقرأوا
الرواية.
وطالبت الجماعة الانجليزية بأن يصحب فيلم "شفرة دافنشي" الذي يعرض
في افتتاح الافلام الاجنبية المشاركة في مهرجان كان يوم الاربعاء
"تحذيرا للمشاهدين".
واتهمت الجماعة التي لم تحذو حذو الفاتيكان في دعوة الكاثوليك
لمقاطعة الفيلم براون بالتسويق غير النزيه لكاتبه استنادا إلى خلطه
الخيال بالواقع.
والرواية التي بيع منها أكثر من 40 مليون نسخة تصور جماعة أوبوس دي
كمنظمة قاسية تتبع وسائل انتهازية ويلجأ اعضاؤها للقتل للحفاظ على
أسرار الكنيسة.
وأبرز المسح الشعبية المذهلة التي تتمتع بها رواية بروان حيث قرأها
أكثر من واحد من بين كل خمسة بالغين من جميع الاعمار في بريطانيا.
وشكا افري من أن براون وشركة سوني بيكتشرز المنتجة للفيلم "شجعا
الناس على أخذ الرواية مأخذ الجد متخفيين وراء زعم أنها خيالية."
وأضاف "استطلاعنا يبين أنهما ينبغي ان يتحملا المسؤولية لعدم
نزاهتهما ويصدرا تحذيرا للقراء."
وتضمن الاستطلاع سؤالا للقراء عما إذا كانت جماعة أوبوس دي ارتكبت
أي جرائم قتل. وقال 17 بالمئة من القراء إنهم يعتقدون أنها فعلت مقابل
أربعة بالمئة فقط ممن لم يقرأوا الرواية.
وعبر جاك فاليرو المتحدث باسم الجماعة عن دهشته.
وقال "سعت جماعة أوبوس دي منذ تأسيسها في عام 1928 إلى الارتقاء
بأعلى المعايير الاخلاقية في العمل على نشر رسالة الحب والتفاهم
المسيحيين."
واضاف "غير أن شفرة دافنشي أقنعت مئات الالاف من الناس بأن أيادينا
ملطخة بالدماء."
من جهة اخرى وعدت منظمة إسلامية قوية في الهند يوم الاثنين جماعات
مسيحية بالانضمام اليها في حملة احتجاجات اذا لم تمنع السلطات عرض
الفيلم المثير للجدل (شفرة دافينشي) (DAVINCI CODE).
ولم تجتذب الاحتجاجات ضد الفيلم في الهند حتى الان الاضواء لكن عددا
من الجماعات الكاثوليكية هددت بتنظيم مظاهرات في الشوارع بل واغلاق دور
السينما التي تعرضه.
وانضم الآن رجال اقوياء من الدين الاسلامي الى المسيحيين وقالوا ان
فيلم (شفرة دافينشي) المأخوذ عن رواية بهذا الاسم هو تجديف وينشر
اكاذيب عن السيد المسيح.
وقال مولانا منصور علي خان الامين العام لجماعة العلماء السنية
لعموم الهند وهي مظلة لعدد من المنظمات الاسلامية لرويترز "القرآن يقول
إن المسيح نبي. وما يقوله الكتاب (شفرة دافينشي) هو إهانة للمسيحين
والمسلمين على السواء".
وأضاف "مسلمو الهند سيساندون اخوانهم المسيحيين للاحتجاج على هذا
الهجوم على معتقداتنا الدينية الواحدة."
ورواية (شفرة دافينشي) للكاتب دان براون هي من اكثر الروايات مبيعا
وجاء فيها ان السيد المسيح تزوج من مريم المجدلية وله ابن منها.
ومن المقرر ان يعرض الفيلم على مستوى العالم في مطلع الاسبوع المقبل.
وأدان الفاتيكان الكتاب والفيلم وطلب من المسيحيين في شتى انحاء
العالم مقاطعة (شفرة دافينشي).
وفي الهند التقى زعماء المسلمين والمسيحيين مع رجال السياسة والشرطة
في مدينة مومباي الغربية يوم السبت وحثوا السلطات على منع عرض الفيلم.
وقال سيد نوري رئيس اكاديمية رازا وهي منظمة ثقافية اسلامية تتخذ من
مومباي مقرا لها وكثيرا ما تنظم احتجاجات في قضايا تهم المسلمين "اذا
لم تفعل الحكومة شيئا سنجرب طرقنا لمنع عرض الفيلم. مستعدون لتنظيم
احتجاجات عنيفة في الهند اذا لزم الامر."
وأعلنت عدة جماعات مسيحية في الهند انها ستنظم احتجاجات ضد الفيلم
كما دعت منظمة كاثوليكية غير معروفة المسيحيين للصيام حتى الموت.
وفي الاسبوع الماضي سارت مجموعات صغيرة من المحتجين في مومباي
واحرقوا نسخة من الكتاب.
وقال دولفي دسوزا المتحدث باسم جماعة سابها الكاثوليكية في مومباي
وبها 40 الف عضو "سنرابط امام دور السينما التي تعرض الفيلم. نحن
متألمون وغاضبون للغاية."
ويشكل المسيحيون نحو واحد في المئة من سكان الهند البالغ عددهم 1.3
مليار نسمة وتقطنها اغلبية هندوسية اما المسلمون فيشكلون 13 في المئة.
ولقي فيلم "دافينشي كود" (شيفرة دافينشي) استقبالا فاترا لدى عرضه
مساء الثلاثاء في كان على نحو الفي صحافي قابلوه بالصمت وبعض الضحكات
والصفير عشية عرضه رسميا على الجمهور.
والفيلم الذي يستغرق ساعتين و32 دقيقة مقتبس عن رواية دان براون
التي تحمل الاسم نفسه والتي لاقت نجاحا عالميا وحققت مبيعات وصلت الى
اربعين مليون نسخة فيما حمل عليها رجال دين كاثوليك من العالم باسره
منددين ب"الحقائق المغلوطة" التي تضمنتها على حد قولهم.
وفي الفيلم الذي اخرجه رون هاورد يكشف توم هانكس الذي يلعب دور
الاستاذ في دراسة الرموز روبرت لانغدون لاودري توتو التي تجسد الفرنسية
الشابة صوفي نوفو انها قد تكون من ذرية السيد المسيح.
وتشكل هذه الذرية جوهر القصة التي تتحدث عن سر كبير اجتهدت الكنيسة
لاخفائه منذ الفي عام ويدور حول علاقة مفترضة بين السيد المسيح ومريم
المجدلية نشا عنها ذرية تناسلت حتى ايامنا هذه. غير ان هذا المقطع من
الفيلم اثار ضحكا في جمهور الصحافيين الذي غصت به قاعة دوبوسي في قصر
المهرجانات.
ولم يلق الفيلم اي تصفيق عند انتهاء عرضه بل بعض الصفير فيما صبت
ردود فعل النقاد الذين استجوبتهم وكالة فرانس برس كلها في الاتجاه ذاته
وقد عبر عنه غيرسن دو كونه الناقد في صحيفة تايمز اوف اينديا بقوله
"القصة لم تكن مفهومة بشكل واضح. والجملة التي كان يفترض ان تشكل مفتاح
الفيلم قوبلت بضحكات او بالاحرى بضحكات ساخرة وهذا يلخص كل شيء".
وقال بيتر برونيت من صحيفة "بوسطن غلوب" الاميركية ان الفيلم "يكاد
يكون سيئا بمستوى الكتاب. توم هانكس كان اشبه بزومبي لحسن حظنا كان
هناك ايان ماكيلان" معتبرا ان الفيلم اضر به "الافراط في التفخيم".
وفي هذه الاثناء تواصلت التعليقات المعادية للفيلم والنداءات الى
اخضاعه للرقابة ولم تقتصر على الكنيسة الكاثوليكية بل صدرت عن جهات
اثارت مواقفها مفاجأة مثل مسؤولين سياسيين مسلمين في اذربيجان ولجنة
الرقابة في تايلاند حيث غالبية بوذية.
واجمع عدد متزايد من رجال الدين من الفيليبين الى بيرو على التنديد
بشدة بالرواية غير ان الكنيسة ترفض في غالب الاحيان الدعوة الى
المقاطعة.
وقال المنسنيور جان ميشال دي فالكو لياندري رئيس مجلس الاعلام في
جمعية اساقفة فرنسا متحدثا لوكالة فرانس برس قبل عرض الفيلم على
الصحافيين "ان دور الكنيسة في هذه القضية يقتصر على اعطاء عناصر لفهم
وتحليل" الفيلم مضيفا "انه مجرد فيلم ثمة امور اخطر تجري في العالم".
وكثيرون ممن قرءوا هذه الرواية اعتبروا أن فيها محاولات للتشكيك
بأسس العقيدة المسيحية التي تنص على بعضها أيضا العقيدة الإسلامية،
وتحاول الرواية المثيرة للجدل والتي تقع في نحو 500 صفحة من القطع
المتوسط كشف التأثيرات المتبادلة والتفاعلات بين الأديان السابقة
للمسيحية والمسيحية نفسها، وتحديدا بين الوثنية والمسيحية.
وتوظف الرواية مقولات مقدسة ومقبولة دينيا إسلاميا ومسيحيا لتسقطها
على أحداث وتحولات وصراعات تاريخية ودينية وسياسية، كما تحاول الرواية
عبر شخوصها وأحداثها وعقدها عرض أفكار تناقض العقيدة المسيحية الحالية
على نحو جوهري، بل إنها تنسف أحيانا بين سطورها حقائق عقدية غاية في
الأهمية.
وتعرض القصة من خلال سردها للأحداث لكثير من المعتقدات التي تشكل
خطا أحمر بالنسبة لمسيحيي اليوم على اختلاف طوائفهم، ومثال ذلك أن
المسيح باعتقاد جماعة "السيونيين" رجل عادي تزوج من مريم المجدلية،
وأنجب منها بنتا سميت "سارة" وأن ذريتها الملكية -باعتبار أن المسيح من
ذرية داود وسليمان- باقية حتى اليوم"، وأن وظيفة أعضاء جمعية سيون
حماية هذه الأسرة الملكية من نسل المسيح ومريم المجدلية والحفاظ عليها.
وبالعودة لأحداث القصة فإن "سونيير" مدير متحف اللوفر هو آخر رئيس
للجمعية، وهو أيضا من هذه السلالة الملكية.
القصة إذن تعرض وتبشر بـ"المسيحيين الجدد"، وهؤلاء المسيحيون
(الجدد) بحسب السرد التاريخي الذي امتزج بالروائي في "شفرة دافنشي" هم
"السيونيون".
والسيونية التي تعرض لها الرواية تبدو مزيجا من الوثنية والمسيحية
فهي تؤمن بالمسيح وتعتقد بأتباعه، وتعتقد أيضا ببشريته وبالمعتقدات
السابقة للمسيحية. وأن يسوع المسيح كان شخصية تاريخية ذات تأثير مذهل،
ألهم الملايين وابتكر فلسفات جديدة، وكان يمتلك حقا شرعيا للمطالبة
بعرش ملك اليهود؛ باعتباره ينحدر من سلالة الملك داود والملك سليمان.
وتنسف الرواية حقائق عقدية مسيحية غاية في الرسوخ من قبيل أن ألوهية
المسيح حاجة ملحة وضرورية للسلطة السياسية تم اعتمادها كضرورة فقط.
والمثير ما تقوله الرواية من أن قسطنطين أمر بإنجيل جديد أبطل
الأناجيل السابقة التي تتحدث عن إنسانية المسيح وبشريته وجمعها وحرقها
كلها. |