السجية السياسية الشفافة.. وجهة نظر مجردة

اعداد:  قسم المتابعة

يرتبط موضوع امتلاك السجية السياسية الإيجابية المُطلق عليها (الشفافية).. بضرورة التطبيق العملي لما يمكن أن ينسجم مع الطموحات الاجتماعية المؤمل تحقيقها لصالح بوصلة المجتمع بعموم أبنائه نظراً لأن الحديث عن استحقاقات الأمر تقتضي اتخاذ المبادرات العادلة ضمن سلسلة خطوات تصب في صالح العامة أكثر مما هو في صف النخب السياسية الحاكمة.

ومن الأهمية بمكان وزمان أن تتصدَّر الثقافة الإنسانية كل علاقة بين الأفراد والتجمعات وبالذات منها التي حصلت بالقوة أو اكتسبت بطريق الانتخاب على مركز قيادي وجاهي ابتداءً من الوظائف الكادرية الوسطى التي تشكل جسراً بين القاعدة لدى الموظفين المنفذين للقوانين والتعليمات والقيادة التي تشرف وتقود المؤسسات الحكومية الرسمية وشبه الرسمية وطبيعي أن تكون الجهات الأهلية طرفاً غير مباشر لتنظيم شؤون الحياة المجتمعية وإن كانت لا تملك كراسي سلطوية.

ومقولة (الشفافية) التي أخذت تنتشر مؤخراً في التداولات الإعلامية المختلفة هي صورة عن التعبير الذي بدء يأخذ فعل السحر على الأسماع فـ(الشفافية) في التفسير السياسي هي مصطلح ليس ضد حالات التشنج في الرأي أو التعصب لجهة بل أضحت الشفافية مطلوبة موضوعياً لتكون نبراساً مساهماً لحل أي مشكلة تمليها المماحكات إينما وجدت وكيفما تواجدت.

ومثال إطلاق تهمة (الإرهاب) بشطريه المعنوي التخويفي المطلق على مصطلحه (الترهيب) أو (التخويف) أو الشطر المادي الذي يصل لتصفية الخصوم جسدياً لا لكونهم يحملون آراءً مغايرة لما يحمله الآخر السلطوي (مثلاً) بل لكون الهاجس السياسي أو الاجتماعي المريض يقف وراء تلك التصفية مما يعني أن لعمليات القمع الفكري أو الجسدي لا بد من وضع نهاية لها. بديهي أن المعارضة الفكرية أو المعارضة الثقافية هي النواة التي تبدأ بإثارة وجهات النظر المغايرة ولكن من الخطأ الاعتقاد أن الاختلاف السياسي هو دائماً يتربص بإنهاء وجود الآخر.

فالدولة المتهمة بالإرهاب ضد شعبها (على سبيل المثال لا الحصر) وهي ليست كذلك أو تمارس إرهاباً خفياً أو مجدداً وليس شمولياً فإن قيادة تلك الدولة يمكن أن تزيل عن كاهلها تلك التهمة بما يمكن أن نسميه بالشفافية إذا ما اتخذت خطوة عقلانية بهذا المجال وهي أن تدعو جهات المعارضة للمشاركة في الحكم والإشراف على جلسات وقرارات القضاء لتتعرف بصورة مباشرة على كيفية معاقبة المخالفين أو تبرئة من لم يكن يستحق عقاباً.

 وماذا سيضير دست حكم تلك الدولة لو منحت منصب وزارة الداخلية وإدارة دوائرها الأمنية لتلك المعارضة كي تمارس هي ذاتها ما لا يمكن أن تتنصل عن اتخاذه من قرارات وتنفيذات تقوم بها بالعادة تلك الدولة التي تتحدث عنها القصص عن كذا وكذا من الإرهاب.

 وطبيعي فهذا ليس دفاعاً عن السلطات الحاكمة الجائرة التي لا تتورع من إنزال العقاب الشديد بمن لا يستحقونه إلا أن التجربة الممكن خوضها من إجل إثبات (النوايا الحسنة) لبعض الحكومات في موضوع مواجهة الخصوم لا بد وأن يضع لها حل بطريقة وبأخرى ولا بأس بهذا المجال أن تكون الأجواء الديمقراطية بين الخصوم ذات فعل كبير بهذا الصدد.

أن أساليب معاداة بعض الحكومات لشعوبها أو كراهية بعض الشعوب لحكوماتها هي مسألة عادية بهذا العصر الذي اختلطت فيه الكثير من الأمور لكن ما ينبغي عدم تهويله هو إجراء تجربة تنازل بعض السلطات للمعارضين ليأخذوا دورهم في قيادة الدوائر التي يثيرون الشكوك حول درجة اعتدالها وعولها مع المتهمين وسؤال من قبيل:- لماذا لا يكون ذلك ضمن تجربة حية تقدم عليها دولة ما مساهمةً منها لتحويل ثُقل الشدِّة على النفوس إلى حالة من النضج في الفهم الحيادي فما يحدث في العالم الآن ليس ظاهرة عادية.

لا شك أن أبعاداً كثيرة تلعب أدواراً سلبية من أجل أن لا تتحقق التعاملات الشفافة وما الأحداث المفرطة حقاً في حياة العديد من المجتمعات إلا صورة مأساوية لا يكفي أن يقف أخيار العالم أمامها وقفة المتفرجين.

فمع الإقرار أن الشر وقواه الخفية وراء كل نوائب البشرية اليوم ولكن الرأي العام العالمي الحر الذي يمكن أن يتبنى على عاتقه الضغط على الحكومات المعنية البعيدة عن إعادة الاعتراف بأن الحقوق الاجتماعية والديمقراطية لا يمكن أن تتوالى المظالم لمصادرتها بطرق غير مشروعة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس  17/ايار/2006 -18/ربيع الثاني/1427