
تعتقد فاطمة (43 سنة) انه طرأ الكثير على مظاهر التدين في المغرب
بعد ان فجر 13 انتحاريا أنفسهم في مثل هذا اليوم من سنة 2003 بمدينة
الدار البيضاء مخلفين 32 قتيلا.
وتقول فاطمة (ن) وهي ربة بيت في منزلها المتواضع بحي هامشي بضواحي
مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط "في السابق كنت اجتمع ومجموعة من
نساء الحي بكل حرية في منزل احدى صديقاتنا ونتناقش في أمور الدين
والدنيا ونقول بعض الاذكار دون أية خلفيات."
وتضيف "اليوم كل شيء أصبح يؤول ونصحنا مقدم الحي (عون السلطة يكلف
بشؤون حي ما) بعدم الاجتماع خاصة بعد هذه الاحداث مباشرة كي لا يتسلل
من أسماهم باصحاب الفكر المتطرف بيننا."
وقد شدد المغرب مراقبته لانشطة الاسلاميين بعد تفجيرات الدار
البيضاء في 16 مايو ايار 2003.
غير أن محللين يقولون إن المغرب بدأ خطة للاصلاح الديني في
الثمانينات بعد الثورة الاسلامية في إيران وخوفه من امتداد تاثيراتها
إليه لكنه سرع من وتيرة الاصلاحات في المجال الديني لاخضاعه لهيمنة
الدولة بعد تفجيرات الدار البيضاء.
ويقول محمد ضريف المحلل السياسي والمتخصص في الحركات الاسلامية في
المغرب "مسألة الاصلاح الديني ليست مرتبطة (باحداث) 16 مايو بل مرت من
عدة مراحل بدءا من أوائل الثمانينات بعد الثورة الايرانية والخوف من
امتداد تاثيراتها إلى المغرب حيث قام المغرب بانشاء المجلس العلمي
الاعلى."
واضاف لرويترز "لكن اعتداءات 2003 نبهت الدولة إلى أن هناك تيارا
سلفيا له دور وتأثير قوي يجب أن يراقب ومن هنا بدأ التفكير في ضبط
الحقل الديني بشكل أسرع."
وقال العاهل المغربي محمد السادس في خطاب في 30 أبريل نيسان من عام
2004 انه شرع في "إرساء استراتيجية مندمجة وشمولية ومتعددة الابعاد...
تهدف بالاساس إلى تحصين المغرب من نوازع التطرف والارهاب والحفاظ على
هويته المتميزة بالوسطية والاعتدال والتسامح."
ويقوم الركن المؤسسي لهذه الاستراتيجية على "اعادة هيكلة وزارة
الاوقاف والشؤون الاسلامية باحداث مديرية للتعليم العتيق واخرى مختصة
بالمساجد واعادة النظر في التشريع المتعلق باماكن العبادات بما يكفل...
ضبط مصادر تمويلها وشفافيتها وشرعيتها واستمراريتها."
ويعتبر العاهل المغربي "أمير المؤمنين" و"حامي حمى الملة والدين"
حسب الدستور.
وتخرجت في أواخر ابريل 50 مرشدة دينية في اول خطوة من نوعها قال
مسؤولون إنها تهدف إلى نشر الثقافة الدينية في المجتمع سواء في المساجد
أو المستشفيات أو السجون.
وقالت المرشدة زهور بورباش (39 سنة) لرويترز "دورنا سيتركز على
التوعية والوعظ والارشاد في المجال الديني خاصة بالنسبة للنساء."
واتجهت الدولة ايضا إلى وسائل الاعلام من أجل ضبط الحقل الديني
بانشاء (اذاعة محمد السادس للقران الكريم) ومحطة تلفزيون تعنى بشؤون
الدين (القناة السادسة).
ويقول ضريف "احداث 16 مايو سرعت من هذا الضبط وحددت الخصم في
السلفية الجهادية التي تتبنى العنف وليس الاسلاميين عامة او السلفية
الوهابية."
واعتقل المغرب نحو ثلاثة الاف شخص بعد تفجيرات الدار البيضاء وسجن
نحو ثلثهم. وما زال نحو 300 منهم في السجون بعد ان خرج 600 بموجب عفو
ملكي او لانقضاء المدد المحكوم عليهم بها.
كما فككت السلطات مؤخرا عددا من "الخلايا الارهابية" قالت انها كانت
تشكل تهديدا مباشرا لامن المغرب.
وتصاعدت حدة الجدل بين الاسلاميين وخصومهم العلمانيين خاصة بعد
احداث التفجيرات حيث يتهم عدد من العلمانيين بالمسؤولية المعنوية عن
التفجيرات لكنهم ينفون الاتهام ويقولون انهم سارعوا الى ادانتها.
واعتبرت صحيفة الاحداث المغربية وهي من اشد الصحف انتقادا
للاسلاميين ان "الخطر الارهابي لا يزال قائما."
وكتبت يوم الثلاثاء "هل اختفت هذه المعالم.. ابدا ما زالت تراوح
مكانها تتفشى في مجتمعنا وتورث افكارها السوداء للشباب.. قبل أن تتقوى
فيظهر عنفها في الخطاب والفعل."
أما يومية التجديد ذات الميول الاسلامية فتعلق قائلة في عدد اليوم "جهات
داخلية ما زالت تصر على ان تتخذ فزاعة 16 مايو وسيلة لارهاب كل من فتح
فمه للدفاع عن هوية المغاربة وعن عقيدتهم" في مواجهة ما تعتبره اخطارا
تتهددهما.
ويرى ضريف ان "التطرف موقف فكري ممكن لاي شخص ان يكون متطرفا في
فكره بواسطة قنوات نشر التطرف كالاقراص المدمجة أو المواقع
الالكترونية.. لكن الارهاب يتحول من الفكر إلى الممارسة."
ويقول "جهود الدولة في المغرب الان تتركز على الا تترك الشعب يساند
هذا الفكر المتطرف."
ويضيف اما الارهاب "فصعب جدا ان تقضي الدولة عليه مع تقدم
التكنولوجيا كما ان الارهاب ينشأ من خلايا صغيرة منظمة يصعب ضبطها..دول
كبرى لها امكانيات امنية هائلة كامريكا وبريطانيا... ضربها الارهاب."
ومن جهته علق محمد منار رئيس المكتب السياسي لجماعة العدل والاحسان
الاسلامية غير المرخص لها على مسالة الاصلاح الديني في المغرب قائلا
إنها غير ذات جدوى لانه "سواء تعلق الامر ب 1981 أو 2004 الملك هو من
يتفرد باصلاح الحقل الديني في المغرب."
ويضيف "الاصلاح يجب أن تكون له مقاربته الشمولية..مع نبذ الاستبداد
في الحكم."
ويقول "لا يمكن للعلماء أن يمارسوا دورهم الحقيقي دون تحقيق شرط
الاستقلالية عن السلطة" لأنهم لو صاروا "بوقا للخطاب الرسمي" لفقدوا
مصداقيتهم.
ويضيف "الاصلاح هو الحرية المضبوطة والمسؤولة مع فتح نقاش عام والا
تخيفنا كلمة الحق. |