الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية

اعداد: بسام محمد حسين

 تؤكد المعطيات أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط هي تابع متغير يتأثر بتأثير مباشر بتغيير السياسة العامة، فخلال الحرب الباردة مثلاً كانت واشنطن حريصة على بقاء حلفائها العرب إلى جانبها وبسقوط الاتحاد السوفيتي فلم تمانع حتى بالإطاحة بهم، وبتغيير طبيعة الأخطار التي كانت تواجهها السياسة الأمريكية خلال العقد الماضي حيث كانت الشيوعية ممثلة بالاتحاد السوفيتي وحلفائه مصدر الخطر الأكبر الذي يواجه أمريكا.

 وأدت أحداث أيلول 2001 إلى إنزياح مركز الثقل والاهتمام في السياسة الأمريكية من المسرح الأوروبي إلى المنطقة العربية حيث أصبح التطرف الإسلامي بصوره المختلفة أهم مصادر الخطر التي تواجه الولايات المتحدة واعتمدت الإدارة الأمريكية أن الإرهاب والتطرف نابع من حالات الفقر والإحباط والقهر والجمود المجتمعي الذي يعتمر الحال العربي والإسلامي وتتحمل أنظمتها المسؤولية الرئيسية عنه.

 وأدت مقاومة النخب السياسية العربية والأنظمة لمطالب الإصلاح، دفع بقوى التغيير (التي تحمل الصفة الإسلامية) إلى صب جام غضبها على الأمريكيين باعتبارهم الرأي الرئيسي لمعظم الأنظمة العربية استناداً إلى هذا المفهوم بدأت أمريكا تعدَّ الأنظمة العربية إلى الحليفة عبئاً عليها بعد أن كانت تخدم مصالحها وبالتالي فإن السياسة الأمريكية التي أبدت خلال النصف القرن المنصرم تمسكاً واضحاً بالنظام الإقليمي العربي واستقراره الآن أصبح تغييره مصلحة أمريكية، وأن الإستراتيجية القومية للولايات المتحدة ترى بوجود قانون أخلاقي – اقتصادي – سياسي ومعايير أخلاقية مشتركة تتمثل بقيم الحرية والديمقراطية والمبادرة الاقتصادية الحرة سوف تحارب وتكسب الحرب على الإرهاب من خلال نسف أو تغيير الأنظمة القديمة التي تنافس القيم الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية حول العالم.

 وتأمل إدارة الرئيس بوش ومنظروها الأكاديميون بجعل العالم أكثر أمناً بالنسبة للولايات المتحدة من خلال جعله ديمقراطياً أو استنساخ المجتمعات الأخرى، وهذه النظرية لا تبحث عن حلفاء بين دول أخرى ذات عقائد وأديان مختلفة لمنع هجمات جماعات متطرفة مثل القاعدة، إنما من خلال تغيير وإزالة بمرور الوقت الجذور الفكرية والاجتماعية لهذه الهجمات، إنما هي مهمة حضارية، مهمة تغيير العالم كما تراها الإدارة الأمريكية.

وتركز الإدارة الأمريكية على الخطر الأخر المحتمل بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل خوفاً من امتلاكها من قبل منظمات إرهابية، حيث ظهرت بما يسمى الضربات الاستباقية والاعتراضية التي تقوم على ضرب العدو قبل ضربته والضربات الوقائية التي تقوم على تحديد نوايا العدو وإجهاضها قبل أن تنفذ، وهذا لم يبدل السياسة الأمريكية بمصالحها في الشرق الأوسط (النفط – إسرائيل) إضيف إليها إبقاء التطرف الإسلامي بعيداً حدودها، يؤشر على عدم تغيير سياسة الولايات المتحدة لموقفها من الصراع العربي – الإسرائيلي حيث استمرت سياستها على أن الإسلام في الشرق الأوسط وسيلة وليس غاية لخدمة مصالحها تشتد الحاجة إليها بمقدار تأثيرها على مصالحها.

 فخلال الستين عاماً الماضية خدمت السياسة الأمريكية أهداف إستراتيجية لها ارتبط كل منها بمرحلة تاريخية، المرحلة الأولى احتواء الاتحاد السوفيتي خلال الفترة بين عامي 1946 – 1973.

المرحلة الثانية ربط تأمين إمدادات النفط بالصراع العربي الإسرائيلي بين عامي 1973 – 1991.

المرحلة الثالثة الهيمنة المطلقة والسلام الإسرائيلي بين عامي 1991 – 2001.

المرحلة الرابعة محاربة التطرف الإسلامي وبدأت في عام 2001.

ويشار هنا إلى السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تتأثر بالعوامل الخارجية بمقدار تأثرها بالعوامل الداخلية.

 ويلاحظ أن هناك مبالغة كبيرة حول قدرة اللوبي الصهيوني صاحب النفوذ الواسع في أمريكا في التأثير على السياسة الأمريكية لا شك أنه قادر على إعاقة وإرباك أو تسهيل تنفيذ سلسلة معينة من السياسات لكنه لا يمكنه بحال من الأحوال أن ينجح في تغيير هذه السياسة، وأدت هذه المبالغات إلى خدمة لمصالح معينة، العرب لتغطية عجزهم، تستخدم إسرائيل هذه الأسطورة وسيلة للابتزاز داخل الإدارة الأمريكية وأداة لترويع العرب عبر إظهار قدرتها على التأثير في صناعة القرار الأمريكي أما الإدارات الأمريكية تستخدمها وسيلة للاعتذار للعرب عن تحيزها الأعمى لإسرائيل.

aboalibassam@gawab.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/ايار/2006 -16/ربيع الثاني/1427