مظاهر فشل الاستراتيجية الامريكية في العراق: عدم استيعاب التركيبة الحقيقية للمجتمع وعجز في حماية العراقيين

كشف تقرير امريكي اعده مركز الابحاث (ثينك تانك) في واشنطن الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش في العراق.

وتحدث التقرير الذي حمل عنوان الاستراتيجية الامريكية والتكتيكات في العراق.. مجموعة من الاخطاء عن الهفوات التي رافقت الحرب الامريكية على العراق، قبل وبعد اسقاط النظام، مشيراً الى ان اول الاخطاء هو الادعاء بأن الحرب تسير وسارت، وفقاً لخطة مرسومة وانها ستكون حرباً سريعة وقليلة التكاليف، لان المنطقة اصبحت مألوفة للامريكيين بسبب حرب تحرير الكويت على حد ما ورد في التقرير.

ويشير التقرير الى ان المسؤولين بوزارة الدفاع توقعوا ان الدولة العراقية ستبقى مسيطرة على معظم اجزاء الإدارة الفعلية للبلاد على الرغم من اسقاط الديكتاتور صدام حسين وان العراق سيتكفل في بناء نفسه لثرائه، مشيراً الى انه سيتخطى الصراعات العراقية والطائفية ويحقق سلاماً داخلياً.

ولفت التقرير الانتباه الى ان ثقة الإدارة الجمركية بالمعارض العراقية الموجودة في الخارج كانت سبباً في قصورها لفهم الواقع العراقي موضحاً ان المعارضة بالغت بتصوير دعم الشعب العراقي لـ (غزو تحريري) مؤكداً ان هذه المعارضة لم تحظ بأية مصداقية في الداخل لفهم الواقع العراقي ولكنها ظلت مركز الثقل في توجيه الإدارة الأمريكية.

وقال التقرير ان مكتب وزير الدفاع الأمريكي ضغط على الجيش لوضع خطة تستلزم نشر اقل قدر ممكن من القوات في الطرق) مبينا (ان (البنتاغون) ارتكب خطأ آخر حينما اعتقد ان تركيا ستسمح للجيش الامريكي بدخول شمال العراق عبر حدودها)، موضحا (ان رفض تركيا الذي جاء كي يثبت للامم المتحدة انها بعيدة عن أي تصرف متهور كان سببا في تأخير نشر القوات الامريكية وبالتالي تعطيل العملية العسكرية).

واكد التقرير (ان عجزا اجماليا في فهم الوضع السياسي والاقتصادي العراقي، كان سببا لفشل الكثير من الخطط العسكرية) فضلا عن (عدم استيعاب التركيبة الحقيقية للمجتمع العراقي وتعدد الثقافات فيه وسيطرة النظام القبلي) وقال (ان الاستراتيجية الامريكية فشلت في فهم الخلافات الطائفية في المنطقة) اضافة الى (ان الحسابات الامريكية كانت مبنية على مفاهيم خاطئة بالنسبة للبنية التحتية والتعدد العرقي والوضع الاقتصادي للفرد والثراء النفطي).

وشدد التقرير الذي شارك في اعداده الخبير انطوني كوردسمان على (ان الادارة الامريكية لم تستفد من التجربة اللبنانية والصومالية والبلقانية لمعرفة الصعوبات التي تواجه العراق لتتلاحم فئاته الدينية ولتخمين انفجار صراعات غير متوقعة بين العرب والاكراد والاقليات الاخرى) مبينا (ان الامريكيين لم يتوقعوا تدخل اطراف من خارج العراق لتحويل البلاد الى ساحة معركة بين المتعصبين والقوات الامريكية) معزيا ذلك الى (اهمال التحذيرات التي قدمها لهم المتخصصون في المنطقة).

وتناول التقرير مسألة (اهمال حراسة البنايات الحكومية المركزية مثل الوزارات والمتاحف) مشيرا الى انها (احدثت ردة فعل عراقية غاضبة) مؤكدا (ان الامريكيين عجزوا عن منح العراقيين حماية للمناطق التي كان من المتوقع ان يلوذ بها ويلجأ اليها القادة السابقون والتي شنوا منها عمليات ضد القوات الامريكية).

واعتبر التقرير اعلان الادارة الامريكية (التخطيط للانسحاب خلال ثلاثة اشهر بعد سقوط صدام قبل تبلور رؤية واضحة للمشاكل القائمة خطأ آخر الى جانب عدم وضع خطة امنية) قائلا «ان الامريكيين لم ينجحوا في اقناع العراقيين بأن دخولهم البلاد ليس بغرض الاستعمار، بل من اجل تحرير البلاد من الديكتاتورية مما تسبب في خسارتهم للدعم المعنوي والمادي).

ورأى التقرير في (حل الجيش العراقي خطأ كبيرا اصبح قاتلا بعدم تشكيل مجموعة بديلة).

وافرد التقرير فصلا خاصة للحالة الاقتصادية مشيرا الى (ان الادارة الامريكية لم تكن لها تصورات واقعية عن الاقتصاد العراقي على الرغم من معرفتها السابقة بضعفه بسبب الحرب العراقية - الايرانية التي استنزفت البلاد) وقال (ان الامريكيين بدلا من وضع خطة فعالة لانعاش الاقتصاد اعتمدوا على فكرة ان البلاد هي نفطية تستطيع الوقوف على ارجلها بشكل سريع)، موضحا (لقد فوجئوا بحقيقة البنية التحتية وضعف الزراعة)، لافتا الى (دهشتهم بعد ان رأوا ان معظم الصناعات العراقية كانت تصب في التصنيع العسكري).

وقال (لم يتوقع الامريكيون حدوث مشكلتين ستوثر سلبا على الاقتصاد) اولهما (حرق ومهاجمة انابيب النفط) و(هبوط برنامج النفط مقابل الغذاء)، موضحا (ان عدم خلق ادارة حديثة افقد الادارة الامريكية مصداقيتها وجعلها تبدو غير قادرة على المساعدة).

وقال (بعد ان وافق الكونغرس على منح العراق مساعدات قيمتها 18 مليار دولار تمت الاستعانة بمقاولين لادارة الوضع الاقتصادي وكان هذا خطأ جديدا).

وقال التقرير (ان تحرك الشعب العراقي مسلحا ادى الى مشاكل اجتماعية وعمليات تصفية للخصوم وانتشار الجريمة المنظمة ثم تطور الى اشعال الفتيل الطائفي والسياسي والقبلي).

ومن الاخطاء الكبرى حسب التقرير (قيام الادارة الامريكية باستبدال لجنة اعمار العراق بسلطة التحالف المؤقتة التي حاولت ان تجمع اموالا لبناء العراق من دون خطة سليمة) فضلا عن (قيامها بنشر المبادئ الامريكية من دون اعطاء العراقيين الفترة الكافية لاستيعابها) و(تبني خطة (ثورية) هدفها التغيير المفاجئ للاقتصاد والمجتمع العراقي).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/ايار/2006 -15/ربيع الثاني/1427