عراقيون: معارض إعادة الإعمار في الأردن لا تسمن ولا تغني من جوع

قال مسؤولو شركات عالمية ان تفاقم العنف الطائفي عطل بشكل كبير أنشطة الاعمال في الاشهر الستة الماضية لكن امكانيات العراق الهائلة على الاجل البعيد تجعل الشركات الغربية حريصة على الاحتفاظ بموطىء قدم فيه. وقال رجال أعمال من نحو ألف شركة أجنبيه شاركت في معرض "اعاده بناء العراق 2006" في العاصمة الاردنية ان العنف يضر بجهود انفاق مليارات الدولارات علي مشروعات مزمعة في أرجاء البلاد.

وقال سراج خان المدير المسؤول عن العراق في وكالة التجارة والاستثمار البريطانية التي ترعى 30 شركة بريطانية في المعرض "الامن هو الاولوية القصوي ... في أي بلد والسلامة تأتي أولا وللاسف لا يوجد هذا في العراق... لا تستطيع السير في الشوارع لان الخطف أصبح عملا تجاريا." وأشار خان الي نمو قيمة الصفقات التجارية البريطانية في العراق بنسبة 40 في المئة في العام الماضي قائلا ان الفرص ستتحسن حالما تتشكل حكومة وتجلب معها استقرارا سياسيا. وقال "انه تقدم بطيء ...ما من أحد يتوقع أن يحدث شيء بين عشية وضحاها. لا أحد يعلم ما الذي سيحدث ولا أحد يريد مزاولة أعمال في بلد يفتقر إلى الاستقرار." لكنه أضاف أن اقامة روابط طويلة الاجل مع شركاء عراقيين يمكنها تحمل الظروف الحالية هو ما تسعى إليه أكثر الشركات الغربية. وأَضاف خان "نسعى إلي تعزيز الروابط مع العراقيين الآن...الامريكيون هناك لكن العقود ستنتهي في نهاية المطاف ونريد التعامل مع الشركات العراقية."

ويقول رجال أعمال ان العنف بين السنة والشيعة الذي يخشى الكثيرون أن يقود العراق إلي حرب أهلية حول بشكل جذري المعاملات التجارية في الاشهر الستة الماضية. وقال رجال أعمال إن العنف عرقل بشدة تنقل السلع والاشخاص بين أحياء السنة والشيعة داخل بغداد وخارجها وعصف بالتجارة. وقال مهدي قنبر أغا وهو رجل أعمال عراقي يدير أنتيمينا انترناشونال وهي شركة استيراد وتصدير لها مكاتب في بغداد والشرق الاوسط ان حركة البضائع أصبحت أصعب بكثير بين مناطق السنة والشيعة حيث يتعين على الشاحنات نقل حمولتها إلى شاحنات أخري للعبور بأمان. والعديد من رجال الاعمال العرب والغربيين الذين اعتادوا زيارة العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 توقفوا الان عن الذهاب. وأصبحوا الان يتشاورون مع شركائهم المحليين في عمان أو غيرها من الاماكن الامنة. وقال رمزي باطماني مدير قسم التصدير في شركة الاردن للهندسة والادوات التي تملك عبر فرعها العراقي عقود بناء مع مقاولين أمريكيين رئيسيين انه يخشى الذهاب الي العراق وأن شركاءه هناك لا يخرجون من منازلهم حيث يمارسون أعمالهم عبر الهاتف من منازلهم. وتقول شركات كثيرة إن تفاقم العنف الطائفي أوقف جهود اعادة البناء التي تساندها الولايات المتحدة بل وجعل بعض رجال الاعمال يحنون إلى الثروات التي حققوها خلال فترة العقوبات التي فرضتها الامم المتحده بعد حرب الخليج عام 1991. لكن رغم كثرة المشاكل فان الشركات الغربية لا ترغب في التخلي عن البلد الذي يتمتع بموارد طبيعية هائلة تبشر بصفقات مربحة علي الاجل البعيد.

وقال زيد عجينة من شركة تكنيكال سوليوشنز تو اندستري ومقرها بريطانيا "أعتقد أن الامكانيات هي التي تشجع الشركات على الحفاظ علي العلاقات مع نظيراتها العراقية." ويشكّل معرض عمان نافذة تطل منها شركات اجنبية على السوق العراقية العملاقة وتشارك أكثر من ألف هيئة اقتصادية واستثمارية دولية من 48 بلدا في "معرض إعادة إعمار العراق" الثالث الذي افتتح في عمّان يوم الاثنين الماضي وسط مطالبات عراقية بالاستثمار في مشاريع بنى تحتية ملّحة وقطاع تكنولوجيا المعلومات. ويأمل المشاركون في عقد صفقات مع العراق الذي يحتاج إلى استثمارات تزيد عن 60 مليار دولار لإعادة بناء بنيته التحتية، ثلثها على الأقل في قطاع الكهرباء. ويشتكي مستثمرون محتملون من الولايات المتحدة وأوروبا "من أن الفساد وانفلات الأمن يشكلان عقبة رئيسة أمام إعادة إعمار العراق". ويقول عراقيون مقيمون في الأردن إن "معارض إعادة إعمار بلدهم المدمر لا تسمن ولا تغني من جوع" معتبرين أن التركيز يجب أن "ينصب على تسهيل الحياة أمام المواطن بدلا من اعتماد الوسائل التجارية".

وأعلن رئيس الجناح الفرنسى فى معرض إعادة إعمار العراق الثالث أن بلاده تشارك فى المعرض من خلال 25 شركة فى مجالات الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والصناعات الكونكريتية، فيما اعلن مدير الجناح الماليزى ان بلاده تشارك من خلال 23 شركة فى مجالات البناء والانشاء والغاز، إلى جانب أكثر من مائة شركة تركية. وتواصل الدول المشاركة وعددها 48 دولة في معرض عمان لإعادة اعمار العراق عرض منتجاتها في المعرض الذي يستمر لليوم الثاني على التوالي. وقال السيد نيكولاس لي كوف رئيس الجناح الفرنسي في المعرض "إن مشاركتنا في معرض إعادة الأعمار في عمان لهذا العام تمت من خلال الجناح الوطني الفرنسي ولدينا 25 شركة تعرض في هذا الجناح "مشيرا إلى أن مشاركتهم في المعرضين السابقين الذي أقيم في الكويت عام 2004 والثاني الذي أقيم في عمان عام 2005 كانت مقتصرة على ثلاث أو أربع شركات اشتركت بشكل فردي." وعن تخصصات الشركات المشاركة في المعرض الحالي قال مدير الجناح الفرنسي " إن تخصصات هذه الشركات توزعت بين خدمات الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والبناء وفي مجال الصناعة والصناعات الكونكريتية." وأضاف " نعتزم تنظيم معرض في العام المقبل 2007 وهو خاص بالجناح الفرنسي، وننوي توسيع مدى نشاطاتنا في العراق لان العمل مع العراقيين الآن يعتمد على صناع القرار في العراق وعلى تواجد العراقيين في الدول المجاورة. "

من جانبه، قال نعيم عبد الكريم مدير الجناح الماليزي في المعرض والمفوض التجاري في القنصلية الماليزية العامة في المملكة العربية السعودية " إن مشاركة بلاده تحسنت في المعرض الحالي." وأضاف في تصريح مماثل "إن 23 شركة ماليزية تشارك في المعرض المقام الآن فيما كانت مشاركتنا في العام الماضي مقتصرة على عشرين شركة." أما تخصص هذه الشركات فقال "البناء والإنشاء والغاز وتصنيع مواد البناء." وأضاف"أن ماليزيا تركز الآن على قطاع الالكترونيات، ولدينا شركات تعتبر من احسن عشرين شركة الكترونيات في العالم،وولديها فروع في أكثر من واحد وعشرين بلدا عبر العالم." مشيرا إلى أنهم يتطلعون لتحسين علاقتهم مع العراق فيها هذا المجال." وأضاف" نحن نفهم أن العراق بحاجة إلى كل شيء، ونريد أن نمد أيدينا إلى العراق في كل مجال يحتاج اليه. " وأوضح عبد الكريم أنهم "يركزون في التعامل مع العراق وبشكل رئيسى على تجهيز المواد المختلفة عن طريق الأردن أو العراق مباشرة." وأستدرك " ولكن مازال حقل المشاريع النفطية لشركاتنا لم يأخذ حقه بين العراق وماليزيا، كما أن الوضع الأمني يعد أحد العوائق التي تعترض تقدم عملية التعاون بين البلدين". وفي مجال التعامل النفطي قال مدير الجناح الماليزي في المعرض "إننا مازلنا نشتري النفط الخام العراقي عن طريق بعض شركات النفط الماليزية وبالأخص شركة النفط الماليزية العملاقة بتروناس." مشيرا إلى أن الأخيرة لها تعامل مباشر مع العراق من خلال مركزها في بغداد. وأعرب عن أمله "أن يكون هذا المعرض مدخلنا الى السوق العراقية بالأخص في جانب البناء والإنشاء وفي الطاقة والمياه وفي مجال التعاون المستقبلي والنفط خاصة وان العراق يمتلك علاقة تجارية سابقة مع ماليزيا." وختم تصريحه بالقول "إن لدى ماليزيا علاقة مع 130 بلدا في العالم ، والعراق واحد من أكبر شركائنا في العالم." مشيرا إلى أن للشركات الماليزية المشاركة في المعرض جذور وأصول ماليزية ولكن بعض منها لها أصول من بريطانيا وألمانيا.

وبالنسبة للمشاركة التركية، أوضح السيد ميتين شوبلاق نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات(سنكسبو) التركية "أن أكثر من مائة شركة تركية تشارك في معرض إعادة اعمار العراق." واوضح أن هذه الشركات" متخصصة في البناء والإنشاء وصناعة الأغذية والزراعة والشركات التقنية." وأضاف "لدينا شركات مشاركة في المعرض متخصصة بتصنيع المولدات الكهربائية المختلفة وأنابيب بمختلف الأحجام وشركات مقاطع البناء الجاهز والمعامل المختلفة." كما أشار الى وجود شركات "متخصصة في تصنيع معدات معامل الاسمنت وتحلية المياه." وأوضح شوبلاق أن المشاركة في هذا المعرض "جاءت في كل المجالات، وهي مشاركة تمت بإشراف وإسناد من وزارة الخارجية التركية." وأضاف"نأمل بنجاح هذا المعرض حيث أن تركيا هي البلد الأكبر من بين جيران العراق الآخرين ويهمها نجاح هذا المعرض." وتابع "هذه الجيرة تسهل عملية النقل بين البلدين. " مشيرا إلى أن بلاده "إذا لم تحصل على صفة منفذ رئيسي للعقود في العراق فإنها قادرة على أن تكون منفذا ثانويا لهذه العقود ." وأضاف شوبلاق "ربما يؤثر الوضع الأمني في مجال تنفيذ العقود ،ونأمل أن يستقر في المستقبل القريب، وحينها ستشارك العديد من الشركات التركية في مجال الإعمار بشكل واسع ومباشر." وأضاف "اعتقد أن هناك شركات تركية كبيرة تهتمم بموضوع الطلبية التي طرحتها الحكومة العراقية لمشروع تحلية المياه في البصرة جنوب العراق."  وكانت وزارة البلديات قد تحدثت عن مشروع ضخم لتحلية المياه في البصرة تبلغ كلفته مليار دولار وطاقته في تحلية المياه تبلغ 100 ألف متر مكعب وينفذ ليستوعب حاجة سكان محافظة البصرة بالتناسب مع التصاعد السكاني وعلى مدى الأعوام الثلاثين القادمة. وعما إذا كانت هنا شركات تركية تنفذ مشاريع في العراق في الوقت الحالي قال "هناك شركات تركية تنفذ الآن بعض المشاريع في شمال العراق كمشاريع المستشفيات في أربيل والسليمانية، وهذه الشركات تأمل في أن تتوسع مشاركتها في المعرض للمستقبل القريب."

ووصف الجناحان الأردني والتركي بأنهما الأكبر في المعرض، وقد تنوعت معروضاتهما من أجهزة تكنولوجيا المعلومات إلى شاحنات بناء ومن معدات ومركبات مكافحة الشغب إلى نماذج مصانع مصغّرة. وكان العراق شريك الأردن التجاري الأول قبل الحرب إذ وصل حجم التبادلات السلعية إلى مليار دولار سنويا في ذلك الوقت.

المستثمر الأردني غسّان أبو كركي أوضح أن الانفلات الأمني في العراق أدى إلى خفض الصادرات الأردنية إلى أقل من النصف منذ منتصف العام الماضي. والمستثمرون يقولون ان الفساد وانفلات الأمن يشكلان عقبة رئيسة أمام إعادة إعمار العراق، من جانبه قال سامي كشكول رئيس غرفة الصناعة العراقية البريطانية إن هذا التحالف الذي تأسس عام 2004 يسعى للتشبيك مع مستثمرين عالميين من أجل دخول السوق العراقية. وأضاف كشكول أن العديد من الشركات العربية والدولية تعمل في شمال وجنوب العراق ؟ الذين يتمتعان بهدوء نسبي مقارنة بوسط العراق. وتضم الغرفة 600 شركة عراقية، 212 بريطانية و 80 عربية حسبما أوضح المستثمر العراقي. أما نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة كردستان العراق رازكار جياوق فقد دعا المجتمع الدولي إلى مساعدة العراق على تطوير المهارات وتكنولوجيا المعلومات، معتبرا أنه من "غير الصواب إنفاق الاموال حصرا على الماكينات والسيارات والمعدات". وجاءت تصريحات جياوق لدى إطلاق "تحالف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العراق"، وهو مشروع أطلقته الوكالة الاميركية للإنماء الدولي. وقال المسؤول الكردي العراقي "نحتاج إلى توافر الكهرباء على مدار الساعة" كما أكد حل مشكلتي المياه والنفايات من أولويات البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427