صراع داخلي شيعي حول وزارة النفط  يعرقل مساعي تشكيل الحكومة العراقية

قال مسؤولون يوم الخميس ان صراعا داخليا بين الشيعة حول حقيبة وزارة النفط الحيوية يعرقل جهود رئيس الوزراء المكلف لتشكيل حكومة وحدة تهدف الى الحيلولة دون انزلاق البلاد الى حرب اهلية.

ومازال أمام نوري المالكي عشرة ايام اخرى لتشكيل ائتلاف واسع تأمل واشنطن ان يعزز الاستقرار ويسمح لها ببدء سحب قواتها لكن المشاحنات تعيق الخطط الجادة للإسلاميين الشيعة لإعلان حكومة هذا الاسبوع.

وذكرت مصادر سياسية تشارك في المحادثات أن هناك تنافسا شديدا داخل الائتلاف الشيعي الحاكم على منصب وزارة النفط المهمة وأن الشيعة والسنة والاكراد يتنازعون حول حقيبتي الداخلية والدفاع.

وقال مفاوضون بارزون انه على خلفية العنف الطائفي المتصاعد هذا العام يدور جدال بين فصائل الائتلاف حول ثلاثة اسماء مطروحة لتولي وزارة النفط التي تعد اساسية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي المتداعي. ويتمتع الائتلاف المنقسم والمؤلف من فصائل كثيرة بشبه اغلبية في البرلمان العراقي.

كما لم يتم التوصل الى اتفاق على تولي شخصيات ليس لها علاقة بالميليشيات التي ازدهرت في عراق ما بعد صدام حسين وزارتي الداخلية والدفاع وهما من الوزارات الحساسة.

ويطالب زعماء من الاقلية السنية والولايات المتحدة بصورة غير معلنة باستبعاد وزير الداخلية المتهم بالتغاضي عن فرق إعدام تابعة للشرطة الشيعية.

وتتم التعيينات السياسية بما فيها منصب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وفقا لنظام حساس للتوازن الطائفي يهدف الى تخفيف حدة التوتر بين الطوائف العراقية المتنافسة.

وقد يؤدي الفشل في الاتفاق حتى على منصب واحد بسيط الى اختلال الحسبة السياسية المعقدة بالعراق.

وقال مصدر شيعي بارز "هناك محادثات حول ان يتولى نائب وزير الداخلية الحالي ونائب وزير الدفاع وزارتيهما في الفترة الانتقالية اذا لم يتم التوصل الى اتفاق. لكن المالكي يفضل ان يعلن تشكيل حكومي كامل."

واضاف "مازال امامه الوقت ويعمل على حل ذلك. ولكن اذا حل موعد 22 مايو ولم يكن قد تم التوصل الى اتفاق فسوف يلجأ لخيارات اخرى."

وتأمل الولايات المتحدة التي اشادت بترشيح المالكي الذي انهى خمسة اشهر من الجمود السياسي ان يساعد تشكيل ائتلاف حكومي في اخماد عمليات المسلحين والسماح لها بإعادة بعض قواتها البالغ عددهم 133 الف جندي.

ومن المهم ايضا لإعادة الاستقرار الى العراق تفكيك الميليشيات الموالية للحكومة والتي ينحي عليها اللوم في العديد من عمليات القتل الطائفية والقاء الجثث في الشوارع وهي الاعمال التي ابتلي بها العراق خاصة منذ تفجير مزار شيعي في فبراير شباط.

وهون الميجر جنرال ريلك لينش المتحدث باسم الجيش الامريكي من تصريحات لمسؤولين عراقيين تقول انهم يستعدون لتوحيد قوات الامن في العاصمة للمساعدة في كبح جماح الميليشيات ووصفها بانها "محض افتراضات". وسيتوقف الكثير على الحكومة الجديدة.

وقال لينش ان الهجمات التي تستهدف المدنيين تشهد تصاعدا في الوقت الذي تقترب فيه الاطراف السياسية من الاتفاق على حكومة وحدة.

وقال للصحفيين "نشعر في الواقع بالقلق من زيادة عدد الهجمات ضد المدنيين."

وتابع لينش "اذا قارننا الاسابيع العشرة الماضية بالاشهر الستة السابقة فسنجد ان هناك زيادة بنسبة 80 في المئة في عدد الهجمات ضد المدنيين." واضاف ان 60 في المئة من جميع الاصابات والخسائر في الارواح تقع الان في صفوف المدنيين.

وتراقب اسواق النفط العالمية بكثب اسم الشخصية التي سيرشحها المالكي لتولي وزارة النفط.

ومن بين المرشحين تامر الغضبان وهو من المتخصصين في صناعة النفط منذ ايام صدام. وكان الغضبان وهو شيعي علماني قد أدار في السابق الوزارة بعد الغزو الامريكي.

ومن المرشحين بقوة ايضا للمنصب العالم النووي الشيعي حسين الشهرستاني الذي تعرض للتعذيب في عهد صدام وامضى 11 عاما في السجن. ويعتبره المعترضون انه لا يصلح للمنصب بسبب تدينه الشديد ويتهمونه بأنه مقرب من طهران.

وأيد حزب الفضيلة الصغير والمشارك ايضا في الائتلاف هاشم الهاشمي وزير النفط الحالي للاحتفاظ بالمنصب.

وفي الوقت الذي استمرت فيه المساومات الشديدة خلف الابواب المغلقة امتد التوتر بين الفئات الطائفية العراقية الى البرلمان بشأن خلاف على رنة هاتف محمول وهجوم على حارس رئيس البرلمان.

وأدت كلمات غاضبة بين رئيس البرلمان السني ونائبة شيعية في البرلمان بشأن حادث الهاتف..الذي كانت رنته شعارا دينيا شيعيا مثيرا للجدل.. الى انسحاب أعضاء ووقف البث التلفزيوني واعلان رئيس البرلمان ان فرقة قتل اطلقت النار على حارسه الشخصي.

وقالت مصادر سياسية ان عدم وجود اتفاق بين الائتلاف العراقي الموحد المكون من أحزاب شيعية رئيسية حول من الذي يتعين ان يشغل منصب وزير النفط وهو من المناصب المهمة هو العقبة الرئيسية الباقية أمام تشكيل أول حكومة لولاية كاملة منذ أطاحت القوات التي قادتها الولايات المتحدة بالرئيس صدام حسين في عام 2003.

غير انهم اضافوا ان المفاوضات استمرت أيضا حول بضعة وزارات حساسة أُخرى بما في ذلك الدفاع والداخلية والمالية والنقل والتخطيط والتي لها اهمية في جهود تقليص العنف وإعادة بناء البلاد المدمرة.

واجتمع البرلمان في الجلسة الثانية فقط من أعماله العادية منذ الانتخابات التي جرت في ديسمبر كانون الاول والتي أعقبتها أزمة سياسية استمرت حوالي خمسة أشهر تزامنت مع تصاعد أعمال العنف.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي وهو شيعي يتمتع باحترام خصومه السياسيين بأن يُشكل حكومة تضم الجماعات الدينية والعرقية الرئيسية في العراق ..الشيعة والسنة والاكراد.

ورغم اعتباره أحد المتشددين لدى ترشيحه الشهر الماضي عندما اعترض الاكراد والسنة على حليفه وسلفه ابراهيم الجعفري الا أن المالكي أكد على أنه على استعداد لمد يده للمسلحين السنة الذين يلقون السلاح وينضمون الى العملية السياسية التي تدعمها الولايات المتحدة.

وتقول واشنطن ان هناك ضرورة لوجود صوت قوي للسنة للمساعدة في وضع حد للعمليات المسلحة التي يقوم بها مسلحون من الاقلية السنية التي كانت تهيمن على الحكم في عهد صدام لكن نفوذها بدأ في التلاشي.

وكان المالكي قد أشار في وقت سابق من هذا الاسبوع الى أنه قد يتم اعلان التشكيلة الوزارية يوم الاربعاء بعدما اتفقت الكتل المتنافسة على اختيار شخصية ليس لها صلة بالميليشيات المتهمة بادارة فرق إعدام لشغل كل من وزارتي الداخلية والدفاع.

غير أن مصدرا بارزا يشارك في المفاوضات أوضح ان المحادثات واجهت صعوبات قائلا انه يأمل الان ان يتم الاتفاق في الاسبوع المقبل.

وقالت مصادر باحدى الكتل ان الائتلاف العراقي الموحد الذي قارب الحصول على أغلبية من مقاعد البرلمان سيرشح من يتولى حقيبة النفط غير أنها أضافت ان الائتلاف فشل حتى الان في الاتفاق على مرشح مشترك.

وهذا المنصب حيوي لأي آمال في أوضاع أفضل لجهود إعادة بناء العراق الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 27 مليون نسمة والذي أتت عليه عقود من سوء الادارة والعقوبات الدولية والحروب. وفي العراق ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم غير أن القطاع أُصيب بالشلل بسبب هجمات المسلحين والفساد والتهريب.

وتسلط الارقام التي أظهرت ان أكثر من ألف شخص قتلوا في بغداد في ابريل فقط الضوء على الحاجة الى حكومة تستند الى قاعدة عريضة لمنع انزلاق العراق الى حرب أهلية.

غير أن مصدرا بارزا يشارك في المفاوضات قال لرويترز يوم الاربعاء "لم ننته بعد.. انجزنا معظم العمل.. لكن الحكومة غير جاهزة. لا اعتقد أنها ستكون جاهزة في الوقت الحالي.. لا زلنا بحاجة الى ايام قليلة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427