
يستضيف لبنان حاليا ناعوم تشومسكي المفكر الامريكي البارز الذي عرف
بمناهضته لاسرائيل ويلقي خلال زيارته التي تستغرق أسبوعا عدة محاضرات
في اللغة والسياسة والدين والفلسفة.
وفي اول محاضرة له تحت عنوان "جبروت السلطة" في الجامعة الامريكية
في بيروت انتقد ناعوم تشومسكي المفكر الامريكي البارز الذي عرف
بمناهضته لاسرائيل في زيارته الاولى للبنان سياسة الادارة الامريكية في
العالم وشبه سياستها بسياسة زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن من حيث
معاقبتها للشعوب.
واحدثت زيارة ناعوم تشومسكي الى لبنان ضجة كبيرة وسط المثقفين
والاكاديميين الذين تدفقوا الى الجامعة الامريكية في بيروت بالمئات حول
المفكر اليهودي لسماع ارائه حول السياسات الامريكية في افغانستان
وايران والعراق وكوبا واندونيسيا ويوغوسلافيا وفلسطين.
وقال تشومسكي في محاضرة تحت عنوان "جبروت السلطة" ان سياسة الولايات
المتحدة تجاه الشعب الفلسطيني الذي تعاقبه لانه اقدم على اختيار حركة
حماس في سدة السلطة والذي من وجهة نظرها هو اختيار خاطىء تشبه زعيم
تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الذي يعاقب الشعب الامريكي لانه حسب ابن
لادن اختار خطأ ادارته.
وتساءل تشومسكي الذي قاطعه الحضور بالتصفيق الحار مرارا لماذا تعاقب
الشعوب على سياسات بلدانها واستغرب كيف تتحدث الادارة الامريكية دوما
عن الديمقراطية والسعي الى نشرها في العالم بينما هي تعاقب الفلسطينين
عبر تجويعهم.
وقال "الولايات المتحدة تعتبر ان الفلسطينيين عليهم ان يعانوا
لانتخابهم حماس ..سيتخذون رهائن ويعاقبون حتى ينتخبوا حكومة خاضعة
للامبريالية."
وكانت حماس التي نفذت تفجيرات انتحارية ضد الاسرائيليين حققت فوزا
كبيرا في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير كانون الثاني وشكلت
أول حكومة الشهر الماضي.
واشار تشومسكي إلى أنها ليست المرة الاولى التي تعاقب فيها ادارة
أمريكية شعبا ما كالشعب الفلسطيني فهي عاقبت الشعب الكوبي عندما حاصرت
بلاده عقب تولي فيدل كاسترو سدة الحكم قائلة إن الشعب الكوبي يجب ان
يتحمل مسؤولية خياره.
ورأى تشومسكي انه عندما يقول الامريكيون للايرانيين لا تتدخلوا في
العراق كأن هتلر يقول لبريطانيا لا تتدخلي في اوروبا المحتلة.
وانتقد تشومسكي المثقفين الذين اعتبر انهم يصنعون الرواية التي
تدافع عن السلطة ولا يقومون بدورهم كنقاد للسلطة.
وتحلق العشرات من المهتمين لسماع تشومسكي امام شاشة كبيرة وضعت خارج
القاعة التي غصت بالحضور.
وقال المثقف اليساري الاميركي امام حوالى الف شخص في الجامعة
الاميركية في بيروت ان الولايات المتحدة تسعى الى "معاقبة العصيان وكل
رفض للسلطة" الاميركية.
واوضح ان دولا مثل سوريا وايران تتعرض لضغوط لانها "نجحت في تحدي"
السياسة الخارجية الاميركية "برفضها اطاعة" اوامر الولايات المتحدة.
واتهم شومسكي ايضا الولايات المتحدة باستعمال "الخنق الاقتصادي" في
بعض الدول لدفع الشعب الى الاطاحة بقادته "المتمردين" كما هو الحال مع
الفلسطينيين الذين انتخبوا حماس على رأس السلطة في كانون الثاني/يناير
الماضي.
كذلك اتهم شومسكي وهو كاتب وفيلسوف ذو شهرة عالمية الادارة
الاميركية باستعمال "تشجيع الديموقراطية" كآلة لخدمة المصالح الاميركية
في العالم.
وقال ان "المطالبة بتشجيع الديموقراطية كانت دائما المبدأ الرئيسي
ولكن كون الولايات المتحدة اطاحت بديموقراطيات برلمانية واقامت ودعمت
انظمة استبدادية وحشية: في ايران وغواتيمالا والبرازيل وتشيلي وغيرها
لم تلق حتى اي معارضة".
وانتقد ايضا اسرائيل التي اصبحت "صورة للولايات المتحدة (...)
بوصفها اقتصاد متطور (...) يرتكز على الصناعة العسكرية" لتوسيع نفوذها
في المنطقة.
ومن المقرر ان يزور تشومسكي وهو من أبرز منتقدي السياسة الامريكية
والسياسة الاسرائيلية والمناصر للشعب الفلسطيني مخيمات للاجئين
الفلسطينيين في لبنان.
وبدعوة من المجلس الثقافي للبنان الجنوبي يزور تشومسكي الذي وصل الى
بيروت يوم الاثنين بلدات في جنوب لبنان منها معتقل الخيام سيء الصيت
وقانا التي شهدت مجزرة اسرائيلية في العام 1996 راح ضحيتها أكثر من مئة
مدني احتموا داخل مقر قوات الطوارىء الدولية خلال قصف الطيران
الاسرائيلي للموقع.
ويلقي تشومسكي خلال زيارته التي تستغرق أسبوعا عدة محاضرات في اللغة
والسياسة والدين والفلسفة اضافة إلى محاضرة تكريما للمفكر الفلسطيني
الراحل ادوارد سعيد تحت عنوان "الروح العظيمة للقوة" مساء الاربعاء في
الجامعة الامريكية في بيروت.
كما يلقي خلال زيارته الاولى للبنان محاضرة موجهة للمختصين
بالالسنية بعنوان "اكتشافات في البيو- ألسنية.. التصميم والتطوير
والارتقاء"ومحاضرة أخرى يوم الجمعة بعنوان "ازمات دائمة".
تشومسكي الذي ولد في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا عام 1928 كتب وحاضر
في الالسنية والفلسفة وتاريخ الفكر والقضايا الدولية والسياسة الخارجية
الامريكية وقد نال شهادات الدكتوراة الفخرية من جامعات عدة وهو عضو في
الاكاديمية الامريكية للفنون والعلوم والاكاديمية الوطنية للعلوم
والعديد من الجمعيات الاكاديمية كما أن له عشرات المؤلفات.
وتشومسكي من أشد المدافعين عن القضايا العربية في الولايات المتحدة
ومن أشد نقاد السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ويصف هذه السياسة
بأنها "ضالة ومضللة وخادمة وتكيل بمكيالين وقد تؤدي بالعالم إلى الدمار
الكوني لان الشرق الاوسط من المناطق شديدة الالتهاب في العالم".
ولتشومسكي عدة كتب تنتقد السياسة الامريكية في الشرق الاوسط منها
"السلام في الشرق الاوسط" و "مثلث المقادير" و "قراصنة وقياصرة" و
"ثقافة الارهاب" و "أوهام ضرورية" و "الديمقراطية المعوقة". |