اسطنبول حيث يلتقي الشرق والغرب ويتصافحان...

نجحت مدينة اسطنبول التركية من بين الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالحصول على المركز الأول لتصبح عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2010 .

وتفوقت مدينة اسطنبول على مدينة كييف الاوكرانية في الترشيحات النهائية بقرار صدر عن اللجنة الثقافية العليا المنبثقة عن الاتحاد الاوروبي والتي تتكون من سبعة اعضاء اثنان منهم يتم اختيارهم من قبل البرلمان الاوروبي واثنان آخران من المفوضية الاوروبية واثنان من اختيار مجلس اوروبا للشؤون الادبية والثقافية والعضو الاخير من اختيار لجنة الاقاليم الاوروبية.

وقال رئيس بلدية اسطنبول قادير طوباش في تصريح لوسائل الاعلام التركية في هذا الصدد ان غالبية اعضاء اللجنة العليا اعربوا عن اعجابهم وتأثرهم الشديد بالقول المأثور للفيلسوف الاغريقي ارسطو الذي تم وضعه على الصفحة الاولى لملف الترشح الذي ارسلته مدينة اسطنبول الى الاتحاد الاوروبي والذي قال فيه ان "الكون هو عبارة عن اربعة عناصر رئيسية هي الماء والهواء والتراب والنار".

واضاف طوباش ان بلدية اسطنبول ارفقت تعليقا مع هذا القول المأثور مضمونه ان "تراب اسطنبول يحمل فوقه الاثار التي تغني المدينة ثقافيا اما سماءها فترتفع فيها المآذن وابراج الكنائس وهو ما يدل على التسامح والتعايش بين الاديان فيما الماء يدل على مضيق البوسفور وخليج اسطنبول وهو ما يعني تلامس الشرق بالغرب اما النار فتمثل الفن الحديث والشباب والتكنولوجيا والتطور وهي العناصر التي من شأنها ان تؤهل تركيا للانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي".

واسطنبول مدينة تسعى للتطور في ظل تلاقي منشآتها الأثرية بالحديثة وهي المدينة التي مدت يدا الى آسيا وأخرى الى أوروبا وضمتهما معا ويمكن اختصار هذا المشهد الرائع بالوصف الذي أطلقه عليها الأديب الفرنسي لامارتين عندما قال "الدين والانسان والطبيعة والفن كلها اجتمعت لتصنع هذه المدينة الرائعة..فعلا انها تستحق أن تشاهد".

لقد عرفت اسطنبول بعاصمة العواصم قديما حيث كونت منطقة السلام الواسعة بحكمها الامبراطورية الرومانية ثم البيزنطية في ما بعد وتقوم المدينة الآن وهي التي كانت في يوم من الأيام عاصمة الدولة العثمانية بالتقدم الحثيث نحو المستقبل محافظة بفخر على تاريخها العريق.

ثقافة وتاريخ عريق.. اسطنبول مدينة الامبراطوريات الثلاث مدينة الكنوز والتراث وهي المدينة الوحيدة في العالم التي تتربع في قارتين على شواطىء مضيق البوسفور حيث تختلط مياه البحر الأسود بمياه بحر مرمرة.. انها عاصمة الأمبراطوريات الثلاث روما وبيزنطة والدولة العثمانية ويرجع المؤرخون نشأتها الى سنة 657 قبل الميلاد.

ولا يخفى على أي زائر يدخل الى هذه المدينة انها مدينة الأساطير العجيبة والجمال الأخاذ فهي تعج بالحياة والمرح ففيها البحر الممتع والجبل الشاهق وفيها السهول الخضراء البديعة والتراث الأصيل العريق وكنوز الذهب التي جلبت اليها حضارات كل الأمم.

واسطنبول لا زالت تسمع فيها أصوات سلاطين الدولة العثمانية التي حكمت معظم أنحاء العالم ونشرت الاسلام آنذاك فمدينة الألف مأذنة وال400 قصر وأم المتاحف التي تحوي 500 مسجد في جنباتها أسطورة حقيقية بين مدن العالم.

ففيها سترة الكعبة الشريفة وتوجد أيضا محفظة ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة تضم شعرة من لحية النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم اضافة الى سيفه ونبله عليه الصلاة والسلام وتوجد بها كذلك رسالة النبي صلى الله عليه وسلم الى المقوقس.

لقد كانت اسطنبول ولا زالت بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يربط أوروبا وآسيا وعلى مدى تاريخا مدينة هامة جدا بالنسبة للحضارات التي استمر حكمها في المدينة.

وبفضل ماضيها الرائع نجحت اسطنبول في الجمع بين الأديان والثقافات والمجتمعات المختلفة وما نتج عنها من آثار في منطقة جغرافية لا مثيل لها وهي مدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلون والثقافة (يونسكو).

ومن بين الأماكن التاريخية الموجودة في اسطنبول قصر توبكابي ومتحف أيا صوفيا وقصر يلديز وجامع السليمانية وجواره جامع زيرك وكنيسة بانتوكراتور وجوارها ومياهها الاقليمية وحزام بوزدوغان والخليج.

وتعتبر من ابرز مدن هذه المنطقة وهي قلب تركيا بأكبر موانئها وبخطوط رحلاتها الجوية والبحرية التي تربطها بأنحاء المعمورة كافة فاسطنبول بمساجدها وجوامعها وكنائسها وقصورها وأسوارها ومتاحفها وحدائقها والبوسفور بجماله الفاتن والباهر والخليج (القرن الذهبي) ذلك الميناء الطبيعي الرائع الذي لا نظير له في العالم.. الغابات والمنحدرات الخضراء والمفاتن الخلابة... والجسران المعلقان جسر السلطان محمد الفاتح وجسر بوغازايجي يتدليان كسوار عنق.

اسطنبول مدينة تتعانق في ثناياها قارتان مختلفتان هما قارة آسيا وقارة أوروبا وفي رحابها السمح يتصافح الشرق والغرب ويتلامسان ثقافيا وفنيا وعقائديا.. هذه شبه الجزيرة العريقة العائمة فوق المياه الاقليمية الممتدة ما بين بحر مرمرة والقرن الذهبي هي بمثابة متحف في الهواء الطلق مليء بأندر التحف الفنية المجسدة لأيام الامبراطوريات الرومانية والبيزنطيية والعثمانية كما يوجد فيها أكثر من 500 مسجد وجامع تزين بوقار وشموخ سماء المدينة.

يذكر انه جرى العرف منذ العام 1985 باختيار مدينة او مدينتين سنويا كعواصم للثقافة الاوروبية وذلك كرمز للانشطة الثقافية في اوروبا.

ووقع اختيار اللجنة المكلفة بذلك على ثلاثة مدن لتكون عواصم الثقافة الاوروبية هي الى جانب اسطنبول مدينة ايسين الالمانية ومدينة بيكش الهنغارية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/ايار/2006 -10/ربيع الثاني/1427