الاثار العراقية اكثر الحضارات عرضة للسرقة والاهمال

تعتبر حضارة وادي الرافدين من اقدم الحضارات في العالم واكثرها عرضة للسرقة والاهمال على مدى التاريخ.

فالعراق الذي شهد ازدهار اكبر الحضارات في التاريخ القديم كالحضارة السومرية والبابلية مرورا بحضارات ما قبل الاسلام شهد كذلك ازدهار الحضارات الاسلامية على ارضه في الكوفة وبغداد حيث اصبحت الدولة العباسية حينها عاصمة العالمين العربي والاسلامي.

هذا التاريخ الزاهر قوبل باهمال غير مسبوق لمعالمه واثاره حيث ان ما القت به الارض من كنوز الاولين كالرقم الطينية والاختام الاسطوانية للحضارات القديمة اصبح يباع ويشترى في اسواق العامة بمدن العراق الجنوبية في الوقت الذي تدمر فيه المساجد الاثرية كالملوية على يد الجماعات المسلحة.

واصبح اللصوص ينهبون باكياس القمامة ما جمع في متاحف بغداد بعد سقوط النظام وحطموا تماثيله الثقيلة بالفؤوس بعد ان صعب عليهم سرقتها كاملة.

مدينة الناصرية في الجنوب العراقي ما هي الا مرقد من مراقد الحضارات التي عاث بها لصوص الاثار فسادا وباعوا ثمينها برخيص الدنانير.

ولعل من اهم كنوز الناصرية هي مدينة اور الاثرية والتي شهدت ازدهار الحضارة السومرية وبداية التحضر الانساني حيث سكنها السومريون في القرن الخامس قبل الميلاد وفي بداية نشوء القرية الزراعية وفيها بنيت المعابد ومنها بدء نشوء الزقورة في بلاد ما بين النهرين.

مدينة اور هذه وباقي المواقع الاثرية في الناصرية اصبح ارثها يباع في اسواق ازدهرت في السنوات الاخيرة للنظام العراقي واستمرت لفترة طويلة بعد الاطاحة به.

وقال مدير مفتشية الاثار في الناصرية عبد الامير الحمداني لوكالة (كونا) ان الناصرية لوحدها تضم نحو الف موقع اثري من اصل 12500 موقع في عموم العراق كانت عرضة للسرقة والاهمال حتى تم قبل اشهر قليلة توفير الحماية لها بواسطة تسيير دوريات خاصة بشكل يومي لحمايتها.

وشهدت المواقع الاثرية في الناصرية عام 1961 حسب مؤرخين عراقيين اخر عمليات الصيانة والترميم والتي قام بها انذاك عالم الاثار العراقي الدكتور طه باقر حيث قام بترميم وصيانة الزقورة والمحافظة على الاجزاء القديمة فيها وبذلك حصلت الزقورة على اعتراف من قبل لجنة الاثارالتابعة للامم المتحدة وجعلها ضمن الاثار العالمية. هذه الاثار كانت لوقت قريب سلعة غير نادرة في اسواق العامة في بلدات الناصرية الصغيرة حيث تعرض الرقم الطينية والاختام الاسطوانية باسعار لاتتجاوز المئة دولار للقطعة الواحدة في حين تباع التماثيل على تجار بغداد باسعار اعلى وبكميات اقل.

غير ان السلطات المحلية في الناصرية وبمعاونة القوات الايطالية التابعة للقوة متعددة الجنسيات في العراق عملت مؤخرا على بناء متحف خاص يضم 14 قاعة لحماية وحفظ ما يعثر عليه من قبل الاهالي في تلك المناطق بعد ان يتم شرائها منهم .

فعمليات السرقة المنظمة وسرقة المتحف الوطني العراقي بعد الاطاحة بالنظام السابق تسببت بتهريب نحو 15 الف قطعة اثرية لم يسترجع منها سوى 4000 قطعة فقط .

وذكر الحمداني ان الهيئة العامة للاثار تضم حاليا قسم خاص مهمته استرداد الممتلكات الثقافية تقوم بجرد الاثار العراقية في كل متاحف العالم ومن ثم المطالبة بها.

وكانت الهيئة قد اعلنت في وقت سابق انها استطاعت قبل فترة وجيزة ايقاف مزاد في باريس لبيع تمثال سومري مهم جدا بعد ان اعلن احد مواقع الانترنت ان دار باجيرو في فندق (اوتيل درو) سوف يبيع مجموعة من التحف بينها التماثيل السومرية ل(اورنمو).

وخاطبت هيئة الاثار السفارة العراقية وممثلية اليونسكو لايقاف بيع التمثال واحتفظت به الشرطة الفرنسية بانتظار انتهاء المحكمة التي طلب الجانب العراقي عقدها ومن ثم استعادته الى المتحف.

وليس بعيدا عن ذلك فان عمليات التشويه التي قام بها الرئيس العراقي السابق صدام حسين كانت سببا اخر في طمر معالم تلك الاثار حيث أوعز صدام لمديرية الاثار العامة انذاك الى وضع أسمه على بوابة عشتار في بابل مشوها هذا المعلم الاثري فضلا عن بناء المعسكرات قرب المناطق الاثرية في بابل و أور وسلمان باك والوركاء.

وكشفت الهيئة العامة للاثار عن وجود محاولات جادة لاعادة النظر بمدينة بابل وقد تم تشكيل لجنة اولية وبالتنسيق مع منظمة اليونسكو ومتخصصين في اثار وادي الرافدين ومن دول عديدة لدراسة كل الاضرار التي لحقت بمدينة بابل بما فيها اعمال الصيانة والاعمار التي قام بها النظام السابق.

وعلى صعيد متصل قال الحمداني انه منذ سقوط النظام البائد ولغاية الان لم يتم التنقيب في اي موقع اثري لعدم وجود تخصيصات مالية موضحا ان العديد من المواقع الاثرية الهامة تقع في اراضي زراعية خاصة بمزارعين او قرب مجرى الانهار او قرب طرق رئيسية ما قد يلحق الضرر بتلك المواقع.

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة  5/ايار/2006 -6/ربيع الثاني/1427