الزرقاوي في بلاد العجائب

بقلم: عبد الفتاح غانم

بعد أن أدلى أمير المؤمنين اسامة بن لادن بدلوه وأفتى بآرائه في شؤون العرب والمسلمين والصليبيين، الأمر الذي ملأ الفضائيات وشغل الناس على مدى يومين متتاليين، وبعده مباشرة اطل علينا أبو مصعب الزرقاوي، وملأ الشاشات والفضائيات باعتبار ظهوره هذا هو الأول في سيرة هذا العبد المؤمن، وقد ترافق ظهوره التلفزيوني مع التفجيرات في مدينة ذهب المصرية، ونستطيع أن نربط ظهور أمير المؤمنين وتابعه الزرقاوي بالمستجدات التالية:

( 1 ) هذه الحملة التخويفية للعالم، تترافق مع انحطاط أسهم بوش وبلير إلى الحضيض، حيث ان نبي الايمان بوش حصل في أخر استفتاء في الولايات المتحدة على 32% فقط من أصوات من شملهم الاستفتاء وكذلك كانت حال توني بلير، الأمر الذي يهدد حزبيهما بالسقوط المدوي في الانتخابات التشريعية القادمة...

 فهل ظهور أمير المؤمنين وتابعه الزرقاوي يستهدف رفع شعبية بوش وحزبه الجمهوري في الانتخابات القادمة؟ ولماذا النفي والرئيس بوش نفسه اعترف بأن رسائل بن لادن اثناء الانتخابات الرئاسية كانت احدى عوامل نجاحه في الانتخابات!! وهذه الأيام يطل علينا أبو مصعب الزرقاوي وهو يطلق النار، ويستمر في اطلاق النار، وتسلط الكاميرا على مكان الإطلاق مرة ثم نراه يطلق النار ولا نعرف إلى أين، وهو بصحته وشبابه وثباته على الرشاش يذكرنا بأفلام هوليود عن رينغو وبقية العائلة من الأشرار المقتدرين على اقتراف كل الشرور بدم بارد،  الا يعطي فيلم أبو مصعب رسالة لكل بيت أميركي بضرورة التشبث بأذيال الرئيس جورج دبليو بوش وعصابة المحافظين الجدد ليحموهم من شرور الزرقاوي وبن لادن واضرابهما؟...

هذه الرسالة الأولى التي و صلتنا من الزرقاوي...

( 2 ) يعلن الزرقاوي الحرب المهلكة على أبناء الطائفة الشيعية وينعتهم بالروافض، وكذلك الحرب المدمرة على العلمانيين المأجورين ويعلن أيضا الحرب على من يشارك في الحكومة العراقية من أهل السنة ويعتبر هؤلاء خارجين على الملة والجماعة، والسؤال الذي يتبادر للذهن هو " ترى أي القوى في العراق التي يستند عليها أبو مصعب وأمثاله من القتلة والمجرمين في عراق المقاومة الباسلة؟...

  لقد لفت انتباه كل من رأوا الزرقاوي، ان نضارة بشرته وبياضها لا يمكن ان تكون لمقاتل في ارض الرافدين، لان حرارة العراق ومناخ العراق تجعل ممن يقاتل لمدة أسبوع واحد، تجعل بشرته حتى لو كانت بشرة بيضاء تصطبغ باللون الأسمر على الأقل ان لم تأخذ اللون الأسمر الداكن، فهل يقيم الزرقاوي يا ترى في المنطقة الخضراء مثلا؟ أو يقيم في منطقة مشابهة للمنطقة الخضراء؟ على كل ان ما قاله الزرقاوي يستدعي من علماء السنة بشكل خاص ان يقولوا رأيهم في فتاوي هذا المأفون ويقطعوا الطريق عليه وعلى أمثاله الداعين للفتنة الطائفية والحرب الأهلية في العراق ليس في الغرف المغلقة ولكن على فضائيات العالم وتحت سمع العالم وبصره...

وما الجوائز التي تعلن عنها إدارة بوش للوصول إلى رأس الزرقاوي وأمثاله الا ذر للرماد في العيون وتضليل للشعب ليدفعوه خلف الزرقاوي وبن لادن واضرابهما...

( 3 ) أن تركيز وسائل الأعلام وفضائية الجزيرة بشكل خاص على الترويج لافكار بن لادن والزرقاوي والظواهري وأمثال هؤلاء يجعلنا نقف مذهولين ومشدوهين لما تقوم به هذه المراكز الإعلامية الهامة، فهي منذ الدقائق الأولى لوصول أشرطة هؤلاء تستنفر المراسلين، وتبدأ في استقطاب الخبراء وأصحاب الراى حول المتغيرات في خطاب هذا أو ذاك من المعنيين، وتعقد حلقات الرأي بين مؤيدين ومعارضين لهؤلاء وفي تقديرنا ان هذا الاستنفار لا تحتمه مقتضيات المهنة فقط، ولكن – والله اعلم – هناك أهداف ابعد من ذلك بكثير، دعونا نتخيل ان قائدا شيوعيا أو بعثيا على سبيل المثال دعا لحرب أهلية أو مذهبية في العراق أو فلسطين أو أي بلد عربي، ماذا ستكون النتيجة؟ بالقطع سيهب علماء الأزهر ويتسابقون في إصدار فتاوي التكفير والطلب العاجل بطلاق زوجة المعني لأنه مرتد وزنديق وكافر ولا يجوز ان تبقى المرأة المسلمة تحت قوامة هؤلاء وأمثالهم...

لماذا في حالة بن لادن واتباعه تصمت هذه المراكز ويصمت العلماء وكأن شيئا لم يكن؟ وكأن مثل هذه الدعوات لا تستوجب الشجب والإدانة والاستنكار...

  تبقى لنا كلمة أخيرة، وهي ان الكلام عن الحرب الصليبية ضد بلاد العرب والمسلمين، ما هي الا جملة تضليلية بدليل ان الملايين الذين ملأوا الساحات العامة في لندن وباريس ومدريد لمنع غزو العراق، كانت تقوم بها شعوب أوروبية وغير مسلمة، بينما كانت العواصم العربية تشهد حركة متواضعة احتجاجية لا يمكن مقارنتها مع ما كان يجري في المدن والعواصم الأوروبية والغربية بشكل عام...

وهل كان أمير المؤمنين بن لادن واتباعه البررة يجهلون طبيعة النظام الإمبريالي الاميركي حينما كانوا يجاهدون في أفغانستان تحت قيادته وينفذون أوامر هذا النظام الصليبي؟ مجرد سؤال لا أكثر...

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 2/ايار/2006 -3/ربيع الثاني/1427