ميســـان دولــــة غــابت عـــنها الشـــــمس

صــباح ســعيد الزبــيدي

منذ غزو العراق عام 2003 ودخول القوات الامريكية بغداد وسقوط حكم الصنم .. خيم على محافظة ميسان ومدينة العمارة الحبيبة واقع مريض ومأساوي وطابع سلبي وتشاؤمي واصبح المواطن العادي يتجرع فيه كأس المرارة والالم والخيبة.. حيث يشاهد كل يوم مسلسل القتل اليومي ويتعرض لعصابات التسليب والاختطاف والقتل .

ففي الوقت الذي يعاني فيه العراق من غياب السلطة والانفلات الامني .. حيث الحكومة ضعيفة لاحول ولاقوة لها والشاغل الاكبر لرجال السياسة ورجال الدين التنافس على حصد المناصب كل لطائفته ويختلفون حول توزيع الثروات المستلبة من الشعب .

نجد امراء الحرب وبعض القادة المحليين في العمارة والذين امتلات كروشهم من اموال الشعب تربعوا على كراسي السلطة واهملوا مصالح الشعب ولم يلتفتوا لحل معاناته.. بل انشغلوا في استيراد وملء الاسواق المحلية بالقامات والسيوف والخناجر والسكاكين والصخريات والتواثي والعصي وغيرها.. ولم يوفروا للشعب ابسط المستلزمات الحياتية كالغذاء والدواء والماء النقي والكهرباء وغيرها من ابسط الامور الحياتية .. واستغلوا بلاهة بسطاء الناس ..واعادوا عجلة التاريخ الى العصر البدائي من خلال اشاعة ثقافة العصور البدائية.

وهكذا اصبحت العمارة والمدن الميسانية الامنة والهادئة تشهد حالات الظلم والسرقة والخطف والقتل والارهاب والتخلف والظلام.

وهكذا اصبحت ميسان اليوم دولة غابت عنها الشمس بعد ان كانت في غابر العصور دولة لم تغب عنها الشمس .

ويجب ان لاننسى قول الامام الصادق (عليه السلام) : لاغنى أخصب من العقل ، ولا فقر احط من الحمق .

في غابر الازمان كانت ميسان دولة تاريخية حكمها 23 ملكا وسكنتها أقوام آراميه وعربيه .. وان المواقع الاثارية المتنوعة في محافظة ميسان والتي تزيد عن 280 موقعا ً آثاريا ً وتعود الى عصور تأريخية مختلفة تتحدث عن حضارة العراقيين القدماء في هذه المدينة التي شهدت حقبا ً زمنية زاخرة .

وفي فترة السبعينيات من القرن الماضي كانت هذه المدينة عامرة بالبساتين التي يتذوق فيها العماري اطياب الثمر وينتعش بشذى ويشم روائح الورود والازهار في حدائقها ومنتزهاتها .

وكان دجلة يحاكي القلب وينبض بالجمال ويفتح لنا دروب الاحلام والسعادة والامل .

اما اليوم وفي مرحلة مايسمى بالبناء الحضاري الديمقراطي الجديد ورغم ان ميسان تعتبر اغنى المحافظات في خزينها النفطي ومواردها المائية والطبيعية نراها افقرها اقتصاديا وامنيا .

حيث ان بعض القادة المحليين باتوا يشكلون عائقا ً امام تطور الانسان العماري وانطلاق وعيه .. وشرد عن الدرب القويم واغلقت منافذ الوعي فيه .. وذلك لتخلي هؤلاء القادة عن النهج الانساني الصحيح مما ادى الى انقياد بعض بسطاء الناس والبهائم انقيادا اعمى والجري وراء زيفهم والاستسلام لقيودهم وحبائلهم ..

وهكذا اصبحت العمارة ومن خلال الارهاب والقتل والذبح والسلب والنهب والاختطاف والفساد الاداري والتهريب وغيرها من الاعمال الوحشية واللاانسانية مستنقعا للجريمة والظلام والظلم والتخلف والخراب والدمار والقتل.. واستباحت فيها كل القيم الانسانية واسترخص فيها دم الانسان العماري الزكي .

وادت هذه الكوارث الى تهجير وتشتيت عدد من المثقفين المبدعين الميسانيين في منافي الغربة والالم .

ويواجه المثقف المبدع العماري والمواطن العادي اوضاعا ً متردية حيث سلطة الرقيب وسياسة المطرقة والسندان والتصفيات الجسدية .. والبطة * وماادراك ما البطة ؟؟؟؟!!!!..

واخيرا  يجب ان لاننسى قول امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) :" شيعتنا المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا المتزاورون في احياء امرنا ، الذين إذا اغضبوا لم يظلموا وإن رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا " .

* البطـــة:- هي سيارة خصوصي بيضاء – تويوتا سوبر آخر موديل – تنفذ جريمة الاغتيالات في العمارة لاتظهر فيها لوحة تسجيل حسب مايذكره شهود عيان وذلك للتغطية على الجرائم .

بلغراد – صربيا والجبل الاسود

Sabah@sezampro.yu

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 1/ايار/2006 -2/ربيع الثاني/1427