الهدف الأول للأمريكان والحكومة الجديدة حل الميليشيات التي قد تدفع العراق إلى حرب أهلية

قال جواد المالكي الذي اختير لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة في تصريحات اذيعت يوم الثلاثاء إن التقاعس عن حل الميليشيات يهدد بدفع العراق إلى اتون حرب أهلية.

وقال المالكي في مقابلة اذاعها التلفزيون العراقي الرسمي يوم الثلاثاء ان الاسلحة ينبغي أن تقتصر على أيدي السلطات الرسمية وأن وجودها في ايدي آخرين سيكون بداية مشاكل تفجر حربا أهلية.

واشار المالكي إلى قانون بدأ العمل به بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بنظام صدام حسين ينص على دمج الميليشيات في القوات المسلحة. ولدى المالكي مهلة أقصاها شهر ليشكل حكومة وحدة وطنية ينظر إليها على أنها الحل الامثل لتفادي انزلاق العراق إلى صراع طائفي شامل.

وقال السفير الامريكي في العراق زالماي خليل زاد في وقت سابق إن الميليشات تقتل من العراقيين أكثر مما تقتل من المسلحين العرب السنة داعيا إلى حلها.

وحث المالكي الشيعة والاكراد والعرب السنة في العراق إلى توحيد صفوفهم في مواجهة التفجيرات الانتحارية واطلاق الرصاص والاغتيالات التي قتلت عدة الاف من قوات الامن والمدنيين منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 .

لكنه حذر من أن القوة المسلحة وحدها لن تقضي على المشكلة.

وقال إن القوة وحدها لن تقضي على الارهاب وانه إذا انتهى في مكان فانه يظهر في مكان آخر. واضاف أنه لكي يتحقق النجاح مع كل الشعب العراقي يجب التوصل إلى حلول للبطالة وبدء عملية استثمار.

وقال المالكي الذي يسعى إلى تخفيف قلق العرب السنة من أن الطائفية ستملي السياسات على أي حكومة شيعية ان الوزارات ستكون مفتوحة لجميع الاحزاب السياسية وهو يقوم بتشكيل حكومة.

وقال إنه سيختار من بين ثلاثة مرشحين من كل وزارة.

ويتهم السنة وزارة الداخلية التي يتزعمها الشيعة بالسماح بفرق اعدام وهو اتهام نفته الوزارة فيما عثر على مئات الجثث في الشوارع منذ تفجير مزار شيعي في سامراء في فبراير شباط اثار هجمات انتقامية.

وحاول المالكي الذي أقام في المنفى اثناء حكم نظام صدام حسين وعاد إلى العراق بعد سقوطه تجنب اتهامات السنة بأن ايران تتدخل في شؤون العراق من خلال علاقاتها الوثيقة مع الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة.

وقال إنه من المهم توجيه الشكر إلى الدول المجاورة مثل ايران والاردن والسعودية التي قبلت عراقيين فروا من العراق أثناء حكم صدام حسين لكن يجب الا يساء تفسير ذلك.

وقال إن هذا لا يعني أن أي بلد يمكنه التدخل في شؤون العراق.

وقال المالكي في اول لقاء بعد تكليفه تشكيل الحكومة بثه التلفزيون العراقي الحكومي (العراقية) مساء الثلاثاء "اذا قلنا ان الميليشيات تبقى في الشارع والسلاح يبقى بيد الناس في الشارع فهذا يعني اننا اقرينا بضرورة بقاء القتل والاغتيالات التي نسمع عنها يوميا".

واضاف ان "هناك اتفاقا منذ زمن مجلس الحكم (2003-2004) بقرار (يحمل الرقم) 91 بحل الميليشيات ودمجها في القوات المسلحة من الشرطة والجيش وقد سميت هذه الميليشيات التي كان لها شرف العمل ضد الدكتاتورية".

وتابع المالكي "من حق هذه الميليشيات علينا ان نكرم عناصرها سواء بمنحهم التقاعد او الوظائف المدنية او بدمج من يريدون ان يكونوا جزءا من القوات المسلحة".

واوضح ان "هناك ضوابط يجب ان نعمل بها وهناك فرق بين كبار السن وبين الطاقات والكوادر حيث ينبغي ان تكون عملية الفرز لثلاث شرائح شرائح تدمج وبمختلف الرتب وشرائح تحال على التقاعد وشرائح يمكن ان تتحول الى موظفين في دوائر الدولة".

وقال المالكي "انا اؤمن ان الدولة ينبغي ان تكون بقوة كافية وان تحمي المواطن وتشعره بالامن حتى لا يبقى محتاجا لحمل السلاح او يتخندق مع الاخرين او يذهب الى هذه القوة او الميليشا او تلك".

واكد ان "استراتيجيتنا هي ان تكون الدولة صاحبة هيمنة وقوة وقدرة على حماية المواطن وهذا حق من حقوقه واذا وفرنا له هذا الحق لن يذهب يسارا او يمينا مع الميليشيات".

واعتبر المالكي "وجود السلاح بأيدي الاخرين بداية لاثارة مشاكل قد تصل بنا الى اجواء الحرب الاهلية اذا ما تيسرت لها مناخات اخرى على اعتبار ان الحرب الاهلية هي ليست اختيارية بقدر ما هي ظروف وتداعيات وتصعيد في افكار وفهم وسياسات تنتهي الى اجواء اقتتال داخلي".

واوضح انه "من اجل ان نبعد اجواء هذا الشبح شبح الاقتتال الداخلي لا بد وان يكون لنا جهد مكثف لاستيعاب هذه الميليشيات ودمجها في الجيش العراقي وتكريمها".

واعرب المالكي عن اعتقاده ان "عملية انهاء الميليشيات تحتاج الى جهد ونفقات ووقت والى ثقافة لان عناصر الميليشيات لا يمكن ان تقول لهم اذهبوا وقد انتهى دوركم بعد ان ناضلتم وجاهدتم ضد الدكتاتورية".

وقال "نحن نحتاج الى تفعيل الخدمات والى تشغيل الايدي العاطلة وتوفير الفرص الكثيرة والخدمات الكبيرة حتى نستطيع ان نسحب هذه الميليشيات عبر المشاركة في الحياة اليومية والوظيفية".

وتخضع الحكومة العراقية لضغوط اميركية من اجل نزع سلاح الميليشيات التي تتهم بعضها بالتصرف خارج اطار القانون.

وقال السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد الاحد في مؤتمر صحافي مشترك مع طالباني في اربيل ان "الولايات المتحدة تعتبر كل الميلشيات تحديا كبيرا لعمل الحكومة العراقية".

ومن جانب اخر اعلن المالكي ان هناك اتجاها عاما لدى الكتل النيابية لاختيار وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة الجديدة من المستقلين من غير المنتمين الى الاحزاب او الميليشيات.

وقال "لدينا ملاحظات حول وزارتي الداخلية والدفاع واعتقد ان هناك جوا عاما في ان يكون الوزيران في هاتين الوزارتين من المستقلين".

واضاف "قد يحسب (الوزير) على قائمة الائتلاف (الشيعية) او التوافق (السنية) او التحالف (الكردية) ولكن ينبغي ان يكون غير منتم لحزب او ميليشيا او يتصف بصفة طائفية او متهم بلون من الوان الانحياز في ظواهر العنف المستخدم".

واوضح المالكي ان "هناك توافقا اوليا لا اقول انه نهائي حول ضرورة ان يكون وزيرا الداخلية والدفاع بهذه المواصفات".

وتابع ان المشاورات تتركز حاليا حول توزيع عدد الوزارت على كل كتلة وبعدها يتم اختيار الاشخاص المناسبين لشغلها.

واكد المالكي ان "رئيس الوزراء السابق (ابراهيم الجعفري) عانى في السابق من وزارة غير منسجمة ومن وزراء اتهموا احيانا بجعل وزاراتهم ليس وزارات وطنية (...) بل وزارات الجهة التي ينتمون اليها او الحزب الذي ينتمون اليه او القومية التي يمثلونها او المذهب الذي يمثلونه".

واشار الى ان "هذا خطأ فادح كبير قد يؤدي في النهاية الى تمزيق وحدة البلد والوحدة الوطنية وينعكس بحرمان شديد على المواطن الذي ينبغي ان يستفيد من هذه الوزارة بغض النظر عن انتماءاته وبالتالي تتحول (الوزارة) الى عملية ضخمة للفساد الاداري".

وبين المالكي انه وضع شرطا امام الكتل النيابية في ان "يتعهد الوزير امامي الى جانب توفر الكفاءة والنزاهة والمصداقية والاخلاص انه لن يكون الا وزيرا امام رئيس الوزراء المسؤول وامام الشعب العراقي".

وتابع "اقول بكل صراحة اذا اكتشفت ان احد الوزراء ايا كان بدأ يجند وزارته لصالح حزبه اي حزب كان او لقوميته او مذهبه او دينه فأنا لن اصبر عليه كثيرا وساطرح الموضوع على مجلس النواب لاتخاذ القرار المناسب بحقه".

واوضح المالكي انه "لم يتم حتى الان وضع التسميات بشكل نهائي الان كل وزارة مفتوحة امام كل قائمة بامكانها ان تطلب هذه الوزارة او تلك".

واوضح المالكي انه "سيطلب من كل جهة تتقدم للوزارة باسماء ثلاثة مرشحين على الاقل" مؤكدا انه "سيختار من بين المرشحين الثلاثة احد الاسماء".

وكان المالكي وعد الثلاثاء بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلال 15 يوما.

بدورها صرّحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بأن الشعب العراقي صار لديه، وللمرة الأولى، نطاق ومجال لضبط الميليشيات الطائفية وذلك من خلال حكومة دائمة وقوات مسلحة وقوات شرطة دائمة تقوم بمهامها بالأصالة عن الأمة.

وأدلت رايس بتصريحها هذا في إشارة الى اختيار جواد المالكي رئيسا للوزراء في العراق ليرأس حكومة دائمة.

وقالت رايس يوم الإثنين 24 الجاري وهي في طريقها الى اليونان في جولة ستعرج فيها أيضاً على بلغاريا وتركيا، إنه "للمرة الأولى صار لدى العراقيين نطاق ومجال يتعاملون من خلالهما مع تلك الميليشيات، وهذا النطاق هو حكومة دائمة وقوات عسكرية وقوات شرطة دائمة، وفرصة كي يؤسسوا فيها وزارة للداخلية لا تكون طائفية في توجهها بل وطنية في توجهها."

ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية السيد المالكي بأنه أقوى شخصية سياسية عراقية تبرز منذ تحرير البلاد لأنه يحظى بدعم الشعب العراقي والقيادة الموحدة وبتفويض بتشكيل حكومة وحدة وطنية متحدة."

وأشارت رايس الى أن الولايات المتحدة ستنشط في توفير التدريب لأفراد الجيش الوطني والشرطة العراقيين كي يستعاض عن الميليشيات وبحيث يمكن للناس الذين يحملون السلاح ان يسرّحوا وان يندمجوا.

وقالت ان العقبة التالية التي تواجه القادة العراقيين هي تعيين وزيري الدفاع والداخلية يكون للناس ثقة فيهما.

ولفتت الوزيرة الانتباه الى انه خلال محادثاتها في تركيا ستناقش موضوع إعادة إحياء آلية ثلاثية الجوانب تشمل تركيا والعراق والولايات المتحدة للتعامل مع مشاكل مثل النشاط الإرهابي الذي يقوم به افراد حزب العمال الكردستاني.

واضافت: "اننا نريد ان نفعل ذلك بطريقة لا تسبب مزيدا من عدم الاستقرار في شمال العراق واعتقد ان الأتراك سيوافقون مع ذلك."

وأثنت رايس على تركيا لدعمها القوي لمبادرة الشرق الأوسط الكبير "لأن الأتراك يوضحون بجلاء انهم لا يرون حتما اي تعارض بين الإسلام وممارسته من ناحية والديمقراطية من ناحية ثانية، وتركيا هي خير مثال على ذلك."

وتطرقت وزيرة الخارجية الأميركية خلال حديثها إلى الصحفيين إلى القضية النووية الإيرانية وقضية قبرص والرسالة الإذاعية الأخيرة لأسامة بن لادن.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 27/نيسان/2006 -28/ربيع الاول/1427