
خلص تقرير حديث أعده الباحثون في اثنين من أكبر مختبرات البحث
التابعة لوزارة الطاقة الأميركية إلى أن البرنامج النووي لإيران لا
يتفق مع ما أعلنته الحكومة الإيرانية عن أن هدف البرنامج هو تطوير طاقة
نووية للاستخدام في الأغراض المدنية من أجل تحقيق استقلاليتها في مجال
الطاقة.
وقال التقرير إن "هذا هدف مقبول بصفة عامة ويستحق السعي من أجل
تحقيقه في مجال التخطيط القومي، لكن من الواضح أن البرنامج النووي
الإيراني بهيكله الحالي لن يحقق هذا الهدف، وفي الحقيقة فإنه قد يؤخر
تحقيقه بتحويل رؤوس الأموال وغيرها من المصادر عن المشروعات التي قد
تحل المشاكل الملحة لقطاع الطاقة وتساهم في نهاية المطاف في تحقيق
الاستقلالية في مجال الطاقة."
وكان الباحثون بمختبري باسفيك نورث القومي، ولوس آموس القومي، قد
أصدروا تقريرهم في شهر آذار/مارس بعنوان "اقتصاديات استقلالية الطاقة
في إيران." ودار البحث حول البرنامج النووي لإيران والاستثمارات في
مجالات الطاقة البديلة بناء على أهميتها اقتصادية فحسب.
وتوصل الباحثون إلى أن الاستثمارات الضخمة الضرورية لكي تتمكن إيران
من إنتاج الدورة الكاملة للوقود النووي ابتداء من التعدين أو الاستخراج
إلى إنتاج الوقود، لا تبررها الاحتياطيات الهزيلة المتوفرة لديها من
اليورانيوم ولن تسفر عن إنتاج الوقود النووي بأسعار على مستوى المنافسة
العالمية.
وأضاف التقرير "إن هذه النتائج تدعو إلى التساؤل عن المغزى
الاقتصادي للبرنامج، وتدعو إلى افتراض أن هناك عوامل أخرى قد تكون هي
الدافع وراء الاتجاه نحو الحصول على قدرات نووية حقيقية .
وأشار التقرير إلى أن الأساس لأي برنامج نووي يستهدف تحقيق الاكتفاء
الذاتي هو وجود خام اليورانيوم الطبيعي الذي يمكن استخراجه وتحويله إلى
وقود. غير أن ما تمتلكه إيران من احتياطيات اليورانيوم، المعروفة بأنها
لا تتجاوز 1,427 طنا متريا، ستكون كافية لإمداد برنامج تطوير مفاعلها
النووي المقترح حتى العام 2010 فحسب. وحتى إذا أخذت في الاعتبار
الاحتياطيات التي لم تستخرج بعد والتي تقدر بـ13,850 طنا متريا، فإن
وقود البرنامج سينفد بحلول العام 2023، أي بعد وقت قصير من استكمال
مشروع إنتاج الطاقة السابع المقترح.
وتقول التقديرات الواردة في التقرير إن تكلفة تطوير مرافق تصنيع
الوقود النووي بالنسبة لإيران ستتراوح بين 600 مليون إلى بليون دولار،
كما يشير إلى أنه حتى مع وجود تلك المرافق فإن إيران لن تكون لديها
قدرة الإنتاج التي تتناسب مع إمداد مفاعل واحد بالوقود.وذكر التقرير
أنه سيكون على إيران أن توفر استثمارات تساوي 10 إلى 20 ضعفا مما
استثمرته بالفعل في مرافق الاستخراج والتصنيع لدعم مشروعات الطاقة
النووية المقترحة التي يتراوح عددها بين 7 إلى 20 مشروعا.
وذكر التقرير أنه على النقيض من ذلك، فإن بمقدور إيران أن تستثمر
استثمارات مربحة تستهدف استخدام مصادرها المهجورة من الطاقة الأحفورية.
فإيران لديها احتياطيات من البترول والغاز الطبيعي تعتبر من أكبر
الاحتياطيات في العالم. وبمعدل الإنتاج الحالي فإن لديها ما يساوي
إنتاج 90 عاما من البترول و220 عاما من الغاز الطبيعي.
ويشير الباحثون إلى أن إيران تضيّع حوالي 7 % من إجمالي إنتاجها من
الغاز الطبيعي مما لا تتحصل عليه كمنتَج فرعي عند القيام بعمليات
التنقيب عن البترول. وهذه النسبة هي أعلى نسبة لما يُفقَد من الغاز
الطبيعي في كبرى الدول المنتجة للبترول.
ويقول التقرير إن إيران لو استخدمت التكنولوجيا الحديثة لتقليل نسبة
ما تفقده من الغاز الطبيعي بحيث تصل إلى المعدلات المعروفة للمفقود من
الغاز الطبيعي في العالم ، فإنه سيكون بإمكانها استخدام الغاز في توليد
طاقة كهربية تساوي ما ستنتجه ثلاثة من مشروعات الطاقة النووية.
كما أشار التقرير إلى أن إيران تتجاهل مصادر القلق الملحة الأخرى
لقطاع الطاقة. فقدرتها المحدودة على التكرير تعني أنها أصبحت مستوردا
للبنزين. وذكر التقرير أن تعزيز قدرتها على التكرير يمكن أن يكون
أسلوبا فعالا لتحسين قدرة البلاد على الاستقلالية في مجال الطاقة.
ويؤكد الباحثون أن استثمار إيران في برنامجها النووي يحرم المشروعات
الأخرى الأكثر ربحية في مجال الوقود الأحفوري من مصادر رأس المال. وهم
يرون أيضا أن سعي إيران للتوصل إلى الدورة الكاملة للوقود النووي من
المحتمل أن يخفض الاستثمارات الأجنبية في كل قطاع الطاقة لديها، ويودي
بفرص التبادل التجاري لإيران على المستوى الدولي.
ونص التقرير على أنه "رغم الضرورات الواضحة والحلول البسيطة التي قد
تشجع على، وربما تؤدي إلى تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، فإن
استثمارات الطاقة في إيران ما زالت تميل إلى جانب البرنامج النووي الذي
لا يتفق مع ما لديها من مصادر، ولا مع الاحتياجات الملحة لقطاع الطاقة
لديها. وباختصار، فإن المنطق الاقتصادي للبرنامج النووي لا يتمشى مع
الحقائق المتعلقة بالبرنامج ولا مع ما تنتهجه إيران في المجال الأوسع
للاستثمارات في مجال الطاقة." |