لم يكن إعلان الرئيس الإيراني نجاد عن قدرة بلاده على إنتاج الوقود
النووي إعلاناً للحرب، ولم يكن حتى "خبراً" إلا في صيغة أن إيران أصبحت
تدرك ان لا مجال للعمل "تحت الأرض"، وأن زمن مكاشفة المجتمع الدولي
بالحلم الإيراني النووي قد أتى.
العديد من مراكز الدراسات العسكرية والإستراتيجية كانت قد تنبأت
بقدرة إيران في القريب العاجل على الوصول لهذا المستوى من التقنية
النووية، بل تذهب بعض المراكز إلى أن "طهران" قد تكون تمتلك بالفعل
سلاحاً نووياً بمساعدة باكستانية "سرية"!!.
وعليه، فليس إمتلاك إيران للتقنية النووية هو أساس المشكلة، المشكلة
ببساطة تنحصر في ماهية الطموح الإيراني في سباق "التقنية النووية"، ولا
أقول "التسلح النووي" كنتيجة إستباقية.
منطقياً، السلاح النووي – لو إمتلكته طهران – سوف يحقق لها "ميزتين
إثنتين"، الأولى هي أنها ستكون في مأمن من أي تهديد أمريكي، وقد يكون
حالها في أقصى الظروف مشابهاً للنموذج الكوري الشمالي، هذا إذا ما
إستمرت إيران على إصرارها في إعتبار الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر".
أما في حال إقتنع الإيرانيون بضرورة تجاوز هذه المسميات التاريخية
فإن أي تحالف "إيراني أمريكي" هو تشكيل جديد للوضع الإقليمي برمته.
الميزة الثانية، هي ذلك الدور الإقليمي الأكبر، إذ غالباً ما يكون
السلاح النووي ولا أقول التقنية النووية، إذ لا توجد دولة ترغب في
"تقنية نووية" ولا تطمح لـ "قنبلة نووية". ومعناه، ان الإيرانيين
سيكونون أكثر حضوراً في الشرق الأوسط وقضاياه المحورية، وتبقى المعضلة
هي "أمن إسرائيل"، فالإيرانيون لن يستطيعوا أن يكونوا "فاعلين سياسيين"
في المنطقة إذا ما بقت أدبيات "إنهاء إسرائيل" قائمة.
بالنسبة لنا كدول خليجية، لابد أن لا نكون عامل تأجيج لهذا الصراع
المرتقب، فالنار الإيرانية والأمريكية إن إشتغلت سنكون مسرح عملياتها،
ببساطة لابد أن لا يقع شيء ما تكون فيه الحرب هي الكلمة الفصل.
أخيراً، على القيادة السياسية في إيران أن تكون أكثر تفهماً لمعنى
أن تكون "كياناً سياسياً يمتلك القدرة النووية"، وعليها أن تتفهم أن
القوة النووية ليست للإستعمال الحربي البتة. فالدول وإن قامت بتصنيع
مئات الرؤوس النووية، فهي لا تفكر في إستخدامها على الناس، بل هي فقط
أدوات لعب سياسية. فليس العداء بين إسرائيل وإيران هو أشد مما كان عليه
الأمر بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.
وعلى "نجاد" ان يدرك ان قيادة "بلد نووي" تتربص به الولايات المتحدة
- أقوى دول العالم - لا تماثل إدارة "بلدية طهران" حيث كان. |