آن
الأوان لتسليط الضوء على بعض التجارب التاريخية المشابهة للتجربة
الدانماركية التي بدأت في الانفراج (بعون الله!!) بعد أن أوصت (الهيئة
الإسلامية الاقتصادية العليا؟!) المسماة بالمؤتمر العالمي لنصرة النبي
ص باستثناء منتجات إحدى شركات الأغذية الدانماركية من المقاطعة التي
دعت إليها عقب نشر الرسوم المسيئة وقالت الهيئة إن ذلك يأتي "تثمينا
لموقف الشركة التي أدانت واستنكرت الرسوم كما أنهم يرون أن هذه الخطوة
تمثل بداية لفتح حوار بين أمانة المؤتمر والشركة لاتخاذ الخطوات
المناسبة (؟!) تجاه هذه المبادرة".
كما أشار المؤتمر الذي يرأسه القرضاوي للاجتماعات التي عقدها فريق
الاتصال مع مندوبي الشركة والتي أفضت إلى اتفاقهم على العمل معا (لم
يذكر البيان نوع العمل المشترك وهل هو في مجال الدعوة أم في مجال
البيزنس؟!) من أجل الوصول إلى حل لهذه الأزمة وعليه فإن أمانة المؤتمر
توصي باستثناء منتجات الشركة من المقاطعة".
ونحن نقول للأخوة أعضاء المؤتمر بارك الله لكم في اتصالاتكم وفي
أرزاقكم ولا شك أن تسعة أعشار الرزق في التجارة بكافة أنواعها ونأمل أن
تكون الأسعار مناسبة للفريقين!!.
لا شك أن هناك أسبابا (أخرى) وراء الموقف الذي تبنته هيئة المؤتمر
من بينها أن منتجات الشركة خفيفة على المعدة ولا ترفع نسبة دهون الدم
مما يساعدنا
على مواصلة الاستمتاع بخفة دم هؤلاء السادة العلماء الذين كان يفترض
فيهم (أنهم أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا) وهم الآن وبفضل الله (أمناء
البنوك والشركات بل وأمناء الدنيا بقضها وقضيضها)!!!.
تصدير الأزمات واستيراد الحلول!!
في بداية القرن العشرين كانت الإمبراطورية العثمانية تلفظ أنفاسها
الأخيرة وكانت أجهزة الغرب الاستخبارية تنتشر في أغلب بقاع العالم
الإسلامي تجند العملاء والمتعاونين من بني جلدتنا الباحثين عن دور
وموقع سياسي ولو كان هذا على أنقاض خرائب الأمة وبقايا شعاراتهم
المرفوعة عن الوحدة والخلافة الإسلامية وأخيرا إلا أنت يا رسول الله!!.
في نفس الوقت كانت هذه الدولة المنقرضة تجري وراء الأوهام بحثا عن
مخلص حتى ولو كان هذا المخلص بوذيا أو هندوسيا!!.
يقول صاحب كتاب (حاضر العالم الإسلامي): في هذا الوقت أخذ المسلمون
يوجهون النداء تلو النداء لغير المسلمين من شعوب آسيا يدعونها إلى
التآزر والاتحاد في مواجهة الغرب المعتدي.
وما إن ظفرت اليابان الدولة الشرقية الوثنية الكافرة على روسيا ودقت
عنقها دقا حتى هب المسلمون يبتهجون لانتصار اليابان ابتهاجا ملؤه الفخر
والحماسة الإسلامية وتمنى كثير من رجال الجامعة الإسلامية ودعاتها لو
ينتحل أبطال اليابان الإسلام.
ولما قام أحد أمراء الأسرة اليابانية الحاكمة بزيارة السلطان عبد
الحميد في الآستانة قال له السلطان "بلغني أنكم تبحثون عن دين, فإن كان
الخبر صحيحا فأنا أوصيكم بالإسلام فقال له الأمير الياباني ليس الخبر
كما بلغ جلالتكم بل نحن متمسكون بديننا".
انطلق أولوا الأمر من (أعضاء اللجنة العليا لفتح اليابان) للقيام
بإعداد العدة للفتح المنشود حيث أنشئت الصحف لنشر الدعوة وتم اختيار
الدعاة (الجدد!!) للقيام بهذا المشروع الكبير ثم أوفد السلطان وفدا إلى
اليابان على متن بارجة حربية وأصبح العالم الإسلامي ولا هم له إلا
الحديث عن إسلام اليابان حيث كتبت الصحافة المصرية تقول (أن بريطانيا
العظمى وفي حكمها ستون مليون مسلم تخشى أشد الخشية من إسلام اليابان,
ذلك الحدث الجليل الذي سيغير مجرى السياسة العالمية تغييرا كليا
هائلا).
وصل الوفد الإسلامي المحاور إلى الدانمارك عفوا أعني إلى اليابان
حيث استقبله اليابانيون استقبالا رائعا وقاموا بواجب الضيافة وفقا
للأصول اليابانية على أتم وجه إلا أن مجهودهم الضخم لم يكشف عن رغبة في
الدخول إلى الإسلام.
وما أشبه الليلة بالبارحة فقد عاد الوفد كما ذهب!!!.
ولأن الإصرار على الغباء والانتحار هو علامة الشطار فقد قامت قيامة
القوم لاستنفار (إخواننا الهندوس) بدلا من (إخواننا البوذيين) حيث وجهت
اللجنة العليا نداء عظيم الخطر والشأن اسمه "رسالة الشرق" جاء فيه ما
يلي:
"يا روح الشرق ألا هبي من مرقدك وادفعي عن الشرق هذا الطوفان
الغربي, طوفان عدوان الفرنجة وبغيهم واعتدائهم!!
إيه أبناء هندوستان كونوا لنا عونا وأنصارا بحكمتكم!! شدوا أزرنا
بحضارتكم وتهذيبكم, كونوا لنا نصراء بخالد قوتكم قوة الهندويين آبائكم
وأجدادكم.
دعوا قوة الأرواح الكامنة في قمة جبال الهملايا تنبثق فقد حان لها
وحق من أوجدها الانبثاق املأوا الجو بصلواتكم إلى إله الحرب لينصر الحق
على القوة الغاشمة ويزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وارفعوا أصوات
دعواتكم في هياكل ربوات آلهتكم أن تهلك جيوش الأعداء المعتدين".
إنها إذا سياسة تصدير الأزمات واستيراد الحلول ولا بأس من الاستعانة
(بإله الحرب!!) والمهم أن تبقى
مفاتيح اللعبة في أيدي الهيئة الاقتصادية العليا لنصرة النبي أو
اللجنة العليا لفتح اليابان التي رفعت يومها شعار تركيا واليابان لنا
وهندوستان إن أمكنا وانتهى بنا الأمر كما هو معلوم بأن لا مكان يظلنا.
لم يذكر لنا صاحب (حاضر العالم الإسلامي) أيا من أسماء اللجنة
العليا التي أقنعت جناب الباب العالي بالأهمية الاستراتيجية لأسلمة
اليابان ولماذا اليابان وليس بريطانيا العظمى؟! مع أن هذا وحده كان
كفيلا بحل كل مشاكلنا من يومها إلى يوم الدين!!.
كما لم يذكر لنا أسماء الدعاة القدامى أجداد الدعاة الجدد الذين
أقنعوا جناب الباب العالي بقدرتهم على تعليم الحمار وفتح اليابان والآن
الدانمارك باعتبارها الوسيلة المثلى لحل كل مشاكل المسلمين دفعة واحدة
وإلى الأبد!!!.
إنها مأساة أمة أسلمت قيادها لأعضاء تلك اللجان العليا أصحاب
القدرات اللفظية العالية والقدرات الذهنية المتدنية والذين لا هم لهم
سوى إطلاق الشعارات الفارغة من أي محتوى أو مضمون وتأملوا في تلك
الكلمات البلهاء (إيه هندوستان... دعوا قوة الأرواح الكامنة في جبال
الهملايا تنبثق فقد حان لها الانبثاق املأوا الجو بصلواتكم إلى إله
الحرب!! لينصر الحق على القوة الغاشمة ويزهق الباطل إن الباطل كان
زهوقا) وقارنوا بينها وبين البلاغات اللفظية التي أدمنت تلك اللجان
العليا إغراقنا بها ليتسنى لهم البقاء على قمة جبال الهملايا أو جبال
الخراب يعلنون الحرب ويعقدون صفقات الزبد والجبن والسلام...
Arasem99@yahoo.com
31-3-2006. |