معارك الشوارع في بغداد تؤشر لحرب أهلية مفتوحة والسفير الأمريكي يتهم مليشيات شيعية

يتمركز القناصة على أسطح المباني في حين يقول مقاتلون ملثمون من العرب السنة انهم يستعدون لمعركة أخرى في الشوارع ضد رجال ميليشيات شيعية موالية للحكومة في حي الأعظمية في بغداد.

ومازلت المنطقة التي يهيمن عليها العرب السنة كما يقول مراسل رويترز تشعر بآثار اشتباكات ليل الاثنين التي كانت أقرب مشهد حتى الان من الحرب الطائفية الشاملة.

وهو واقع دفع واشنطن للعمل جاهدة على تجنب حرب أهلية في حين يجد الساسة العراقيون صعوبة في تشكيل حكومة بعد مرور أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية.

وقال متحدث عسكري أمريكي ان 50 مقاتلا هاجموا القوات العراقية عند منتصف الليل في معركة دامت سبع ساعات قتل فيها خمسة مقاتلين وجرح جندي عراقي.

واحتدم القتال الى درجة جلب تعزيزات أمريكية للمنطقة الواقعة في شمال المدينة والتي تضم بعض من المتشددين من المقاتلين السنة ومسجد ابو حنيفة قرب المكان الذي شوهد فيه صدام حسين على الملأ لآخر مرة قبل اختبائه.

واستمرت اشتباكات متفرقة يوم الثلاثاء.

وقال محمد (28 عاما) من سكان الاعظمية عن اصدقائه "هناك ستة من صفوفنا سقطوا بين جريح وقتيل. قبل نصف ساعة فقط قتل علي برصاص قناص."

وفي حين دفع تفجير مزار شيعي في فبراير شباط الماضي العراق الى شفا حرب أهلية وترك مئات الجثث التي تحمل اصابات بالرصاص واثار تعذيب في الشوارع الا ان ما يجري في الاعظمية أكثر اثارة للقلق على الرغم من أن عدد القتلى والجرحى أقل.

يبدو ان هذا هو النموذج الاول لحرب أهلية شاملة في العاصمة ان لم يكن في العراق بأسره.

وجرأة الهجوم تنذر بالفزع الامني الذي سيواجه الحكومة الجديدة التي تواجه مقاتلين من السنة قتلوا الالاف من قوات الامن والمدنيين الشيعية.

وقال مقاتل اخر "اليوم عند الظهر اقتربت مجموعة من المجندين من مسجد أبو حنيفة وصعد قناص سطح المبنى. تمكنا من قتله بقنبلة يدوية. ودمرت انا ثلاثة من مركباتهم بقنابل تزرع على جانب الطريق."

وقال مقاتلون يقيمون الحواجز انهم شاهدوا مقاتلين شيعة يطلقون على انفسهم اسم جيش حيدر يتقدمون نحو مسجد ابو حنيفة من ثلاث اتجاهات.

وقال رجل عرف نفسه فقط باسم ابو بكر "نتوقع ان يعودوا مرة أخرى" وقال انه من ضباط الجيش الذين خدموا في عهد صدام.

وجاء وصفه لأحداث ليل الاثنين أكثر مأساوية من رواية الجيش الامريكي.

وقال في حين يتمركز خمسة حراس مسلحين على احد الطرق الرئيسية المؤدية للأعظمية "رأينا ما بين مئة و150 رجلا يحضرون في سيارات مرتدين الزي العسكري واخرين في ملابس مدنية."

ويتهم زعماء السنة الحكومة التي يقودها الشيعة بالتصريح لفرق قتل بالعمل وينفي الشيعة ذلك.

وقال ظافر العاني العضو في جبهة التوافق العراقية أكبر ائتلاف سني في العراق في مؤتمر صحفي ان ما حدث في الاعظمية عمل شرير من جانب ميليشيات شيعية مدعومة بافراد من الامن وقوات الحكومة.

وفي حين يستعد أبو بكر ورجاله لقتال جديد كانت بلدة الرمادي السنية على مسافة 110 كيلومترات غربي بغداد تتعافى من أحدث هجوم للمقاتلين.

وقال الجيش الامريكي ان قوات مشاة البحرية تصدت لهجمات مقاتلين في عدة مواقع في وسط الرمادي يوم الاثنين منها مركز الحكومة المحلية الذي كثيرا ما يتعرض لإطلاق النار.

وقال الجيش ان الهجمات بالسيارات المفخخة المتعددة وقذائف المورتر والقذائف الصاروخية والمدفعية الثقيلة تبدو منسقة بشكل جيد.

وقال السكان يوم الثلاثاء انهم ابقوا اطفالهم في المنازل لأن المسلحين أمروا بإغلاق المدارس. وكانت الشوارع شبه خالية.

وتأمل واشنطن ان يحسن التدريب من آداء القوات العراقية ويمكن القوات الامريكية من بدء العودة لديارها.

ولكن كما ظهر في القتال المربك في الاعظمية فإن من الصعب القول من الذي كان يرتدي الزي العسكري العراقي مما يعقد مهمة تحقيق الاستقرار في البلاد.

ويؤكد السفير الأمريكي في العراق زلماي خليل زاد أن المفاوضات التي تخطط بلاده لاجرائها مع طهران ستقتصر على الموضوع العراقي وستطالب خلالها الإيرانيين بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق.

وأبلغ خليل زاد صحيفة الغارديان الصادرة «أن الولايات المتحدة تريد أن توقف إيران دعمها للميليشيات الطائفية في العراق وتمنتع عن تهريب مقاتلي القاعدة والأسلحة عبر حدودها باتجاه العراق»، منتقداً ما أسماها «الدعاية السلبية الإيرانية».

وفيما شدد على أن الشيعة هم «المستفيدون الرئيسيون من التغيير الذي شهده العراق»، أشار إلى أن إيران «كانت إنتقادية جداً للتحرير والمحررين فيما يبالغ الكثير من وسائل إعلامها في تصوير المشاكل هنا (العراق)..ويحرّض الناس ضد القوات التي جاءت لتحرير العراق».

ولم يعترض السفير الأمريكي في بغداد على مطالب بعض السياسيين العراقيين المشاركة في المفاوضات المقبلة مع إيران، وقال «لا اعتراض لدينا على ذلك لأننا لن نتفاوض بالنيابة عن العراق غير ان المحادثات المقترحة أُرجئت إلى ما بعد الإنتهاء من تشكيل الحكومة العراقية الجديدة».

وعزا ذلك إلى «أن الناس في هذا الجزء من العالم يفكرون دائماً بنظريات المؤامرة ونحن لا نريد ان يعتقد الناس هنا في العراق أن الإيرانيين والأمريكيين سيقررون معاً شكل الحكومة العراقية المقبلة».

وحذّر خليل زاد من سيناريوهات ثلاثة في حال رحلت القوات الأمريكية في وقت مبكر وقبل أن يتمكن العراق من الوقوف على قدميه.

وقال «إن السيناريو الأول هو أن الانسحاب سيدعم جهود الإرهابيين الرامية إلى إشعال فتيل أزمة طائفية في البلاد يمكن أن تمتد إلى دول المنطقة، والثاني هو أن الانسحاب سيمكّن تنظيم القاعدة من فرض هيمنته على أجزاء من العراق مثل محافظة الأنبار لإقامة دولة مصغّرة اسمها طالبستان».

أما السيناريو الثالث بنظره فهو «تقسيم العراق في حال نشوب حرب طائفية على أراضيها من شأنها أن تدفع الأكراد إلى تدبير شؤونهم بأنفسهم وإحتمال أن يؤدي ذلك إلى تدخل قوى إقليمية».

كما ألمح إلى احتمال أن «يسيطر الأكراد على كركوك الغنية بالنفط ويقود ذلك إلى تدخل الجيش التركي لحماية التركمان في المدينة العراقية».

واعترف السفير الامريكي في بغداد بأن «الميليشيات تقتل الآن أناساً أكثر من المتمردين السنة في العراق»، غير أنه أردف «لا أريد أن يفسّر أحد ذلك بأننا نريد تجريد الشيعة من أسلحتهم والسماح للسنة بالتسلح أو العكس».

وشدد على أن الرحيل عن العراق«سيُكلّف الولايات المتحدة أكثر من بقائها فيه»، وقال «إن حقيقة أننا جئنا لتحرير هذا البلد يمنحنا مسؤولية أخلاقية لجعل الأمور تسير على قدم وساق الآن».

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 20/نيسان/2006 -21/ربيع الاول/1427