من مكتبة النبأ: الأوراق الفيديرالية

الكتاب: الأوراق الفيديرالية

المؤلفون: هاملتون.. ماديسون.. جاي

المترجم: عمران أبو حجلة

المراجعة: د. أحمد ظاهر

الناشر: عالم الكتب (نشر، توزيع، طباعة)

القاهرة – مصر

الأوليات: الطبعة الأولى لعالم الكتب 1425هـ - 2004م

(656) صفحة من القطع الكبير

(... الذي يمكن تعلمه من هذه الأوراق هو كيفية التعلّم من الأحداث التاريخية).

نطالع من (مقدمة المراجع):

هذه ترجمة أمينة باللغة العربية لكتاب (الأوراق الفيدرالية) التي كتبها ثلاثة أعلام من أعلام الفكر السياسي الأمريكي وهم جيمس ماديسون، والكسندر هاملتون، وجان جي، وقد نشرت هذه الأوراق التي يبلغ عددها 85 ورقة في الصحف المحلية في ولاية نيويورك مخاطبة أهالي تلك الولاية، منذ النصف الثاني من عام 1787 حتى منتصف عام 1788 تقريباً. ولن أكرر في هذه المقدمة الصغيرة ما جاء على لسان كتابها أو أعيد صياغة أهم أفكارهم، فَهُمْ وحدهم القادرون على إيصال أفكارهم للقارئ مباشرة وبلا وسيط ولكني سأكتفي هنا بذكر بعض الدروس، التي من الممكن أن يستفيد منها القارئ العربي.

وأرغب أن يعرف القارئ منذ البداية أن يفكر بهذه الأوراق كتجربة تستحق التعلم منها. وأود أن أذكّر القارئ في هذا الجزء من العالم بالأهمية الكبيرة لهذه الأوراق، خاصة وهو يستعد للانتقال للقرن الحادي والعشرين.

الدرس الأول.. هذه الأوراق تذهب إلى أعمق من مجرد وصف الأحداث إلى تحليل الأسباب التي أدت إليها، فمثلاً ماذا يستطيع الشخص أن يتعلم من الديمقراطية اليونانية؟ كيف يمكن أن نتجنب تكرار حدوث نظام إسبارطة الدكتاتوري؟ ما الدروس الرئيسية التي يمكن أن نتعلمها من التجربة الرومانية؟ ما الأخطاء التي حصلت في العصور الوسطى؟ فهذه الأوراق لا تصف الأحداث فقط، ولكنها تقترح الحلول من أجل عدم تكرار هذه الأخطاء، فهي تقترح دستوراً فيدرالياً لتخفيف الآلام والشرور لأي نظام سياسي.

الدرس الثاني... هو أن الثورة التي تهدف إلى بناء دولة عصرية وأمة عصرية وتتوقف عند إعلان استقلالها، ليست بثورة. فهذه الأوراق تخبرنا بكل وضوح أن الثورة هي وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، حيث يجب من خلالها تحقيق الحرية والعدالة والسعادة للجميع، فالثورة هي عملية مستمرة تغير قوانينها تبعاً لهذا العالم المتغير. وحيث أن الطبيعة محكومة بالقوانين المتغيرة، وعليه يجب أن تساير قوانين الأرض هذا التغيير. وقد قامت الثورة الأمريكية من أجل تحقيق العدالة والازدهار حسب قول كرين برنتون Crain Brinton في كتابه (الثورات الكلاسيكية the Clssical Revolutions)، فهذه الثورة صارعت لإقامة نظام جديد لم يوجد مسبقاً. كانت ضد سلطة القوى الخارجية، أو سلطة الحكم الفردي. فقد كانت من الجميع وللجميع.

الدرس الثالث الذي يمكن أن نستقيه من هذه الأوراق هو الطريقة التي يمكن للسياسيين وواضعي التشريع والمثقفين من خلالها خلق الوحدة من بين التنوع. فالنظام السياسي الأمريكي الفضفاضي الذي برز بعد الثورة الأمريكية عام 1776 كاد أن يخلق صراعاً بين الثلاث عشرة ولاية حول المصالح الاقتصادية، فقد اقترح كُتاب (الأوراق الفيدرالية) حلاً لهذه القضية: وهو الدولة الفيدرالية ولفتوا الانتباه إلى (أن أولئك الذين يدعون إلى الانفصال إنما يعملون ضد مصالحهم).

الدرس الرابع، وهو درس مهم، فهو يفيد بأن لا شيء يمكن أن يؤخذ على أنه مسلّم به، فكل شيء يجب أن يخضع للتجربة، فالواقعية هي طريقة حياة. والحالة تفرض طبيعة القانون، وليس العكس صحيحاً، فقوانين العالم المتغيرة يجب أن تكون مستمرة التغّير، ويجب أن تتوافر تفسيرات جديدة دائماً.

هناك دروس كثيرة يستطيع المرء أن يتعلمها... وأود هنا أن اقترح على القارئ العربي أن يتمعن في هذه الأوراق، وأن يتعلم من الفلسفة السياسية التي تتضمنها.

ورقة رقم (1) إلى أهالي ولاية نيويورك

الكسندر هاملتون

27 أكتوبر 1787

بعد التجربة الواضحة أنكم مدعوون جميعاً للتشاور في وضع دستور جديد للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا موضوع يستدل على أهميته من ذاته... يترتب عليه استمرار وديمومة الاتحاد بين الولايات، وسلامة ورخاء أجزائها... وغالباً ما تمّت الإشارة إلى أنه ربما حفظت هذه البلاد لشعبها، الذي يميز بضرب أمثلة في التصرفات والخبرة والحنكة والقدرة على تقرير أهمية السؤال: هل المجتمعات قادرة أو غير قادرة على خلق حكومة صالحة بواسطة إرادتها الحرة، أو أن هذه المجتمعات قد قُدر لها، أزلاً وإلى الأبد، الاعتماد على الأحداث واستعمال العنف عند وضع دستورها السياسي... علينا أن نضع بعين الاعتبار أن القرار الخاطئ، الذي قد نتخذه بهذا الشأن يمكن أن يكون حقاً من سوء طالع الجنس البشري بأكمله.

إن هذه الفكرة سوف تضم نزعة الخير في الإنسان إلى نزعة المشاعر الوطنية في نفسه، لنزداد جميعاً بشعور القلق الذي لا بد أن يستشعره جميع الرجال الخيرين وذوو الرؤية في خضم هذه الأحداث الجارية، ويا لسعادة الاختيار وبركته إذا ما تم توجيهه في ضوء تقدير منصف لمصالحنا الفعلية، تقدير لا يكون مشوشاً ولا متحيزاً بحكم اعتبارات ليس لها أي ارتباط بالصالح العام.

ورقة رقم (2) إلى أهالي ولاية نيويورك

جان جي

21 أكتوبر 1787

ليس هناك رسوخاً الآن من الضرورة اللازمة لوجود حُكم، وبالقدر نفسه لا يستطيع أحد أن ينكر أنه حينما وكيفما، يتم وضع قواعد ذلك الحكم يغدو على الناس أن يتخلوا له عن بعض حقوقهم الطبيعية، وأن يخولوا له بعض السلطات التي يتطلبها هو.. وأنه لجدير بالاعتبار، من ثم، أن ينظر الأمريكيون فيما إذا كان ذلك الحكم سيعود عليهم بنفع أكبر أو أقل. كذلك من الجدير بهم، سعياً وراء الأهداف التي ينشدونها، أن يكونوا أمة واحدة تديرها حكومة فيدرالية واحدة، فذلك أفضل من أن يوزعوا أنفسهم وينقسموا إلى كونفيدراليات منفصلة الواحدة منها عن الأخرى.

ورقة رقم (10) إلى أهالي ولاية نيويورك

جيمس مادسون

22 نوفمبر 1787

من بين الحسابات العديدة التي يُبشر بها اتحاد يتم بناؤه جيداً، ليس هناك ما هو جدير بأن يتم تطويره بدقة أكثر من ميل الاتحاد إلى كسر حدة العنف في التخرّب والانقسام والسيطرة على ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد  16/نيسان/2006 -17/ربيع الاول/1427