ردا على تصريحات مبارك شيعة العراق يرفضون المزايدة على وطنيتهم

استنكر خطباء وائمة المساجد الشيعية في خطبة الجمعة تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك الاخيرة والتي قال فيها ان "ولاء اغلب الشيعة لايران وليس لدولهم" معربين عن اسفهم لصدور مثل هذه التصريحات من رئيس دولة عربية كبرى.

وقال حازم الاعرجي في خطبته من مسجد الامام موسى الكاظم (شمال بغداد) ان "من الافضل للرؤساء العرب ان يقولوا للعراق كلمة طيبة في الظرف الذي يعيشه اليوم فالعراق يحتاج الى كلمة توحده".

واوضح ان "هذا التصريح جاء في فترة حرجة فالوضع لم يعد يتحمل مثل هذا التصريح ولم تشكل الحكومة حتى الان". واعرب عن اسفه "لسماع مثل هذه التصريحات غير المسؤولة من رئيس دولة عربية واسلامية كبيرة".

وناشد الاعرجي الازهر الشريف باتخاذ "موقف من تصريحات الرئيس المصري والا فانه مؤيد له". وطالب بان "يكون الاسبوع المقبل اسبوع وحدة اسلامية ردا على تصريحات مبارك لان العراق سيبقى واحد متحدا".

وفي مدينة الصدر (شرق) قال علي النعماني في خطبته "نحن نستنكر تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك" واصفا مبارك ب"العراب". وفي مرقد الامام علي بن ابي طالب في مدينة النجف الاشرف (160 كلم جنوب) دان صدر الدين القبانجي المقرب من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم ما جاء في تصريحات مبارك قائلا "ما يجري في العراق ليس حربا اهلية وانما هو حرب بين العراقيين بمختلف قومياتهم وطوائفهم وعناصر الارهاب من بعثيين ومستفيدين من النظام البائد الذين اطاح بهم الشعب".

واوضح ان "هذه التصريحات تهدف الى افشال التجربة العراقية الجديدة عبر اشعال فتيل الحرب الطائفية حتى لا تصل التجربة الديموقراطية الى بلدانهم". وطالب القبانجي رؤساء الدول العربية بان " يفهموا التجربة الجديدة لان الولاء للدين لا يتقاطع مع الولاء للوطن".

واكد ان "شيعة العراق يرفضون المزايدة على وطنيتهم فكما هو ولاء المسيحيين للفاتيكان لا يعني تخليهم عن وطنيتهم او توجه المسلمين لمكة لا يعني انهم ليسوا وطنيين فان الاعتبار هو ذاته والا فانت (يا مبارك) غير وطني لكونك لا تميز بين الحرب الاهلية وحرب الارهاب". واتهم مبارك ب"الحنين الى صديقه صدام حسين الذي ذهب دون رجعة".

وفي كربلاء (100 كلم جنوب بغداد) اعرب الشيخ احمد الصافي ممثل على السيستاني في كربلاء خلال صلاة الجمعة التي اقيمت في ضريح الامام الحسين عن استغرابه لتصريحات مبارك بالقول "استغرب ان كانوا الرؤساء بهذا المستوى من الجهل فليس عيبا ان لا يعلم (مبارك) انما العيب ان يتكلم بما لا يفهم". واكد استعداده "لتزويده بالمصادر" التي تدحض اتهامه لشيعة العراق بالولاء لايران.

كما تظاهر مئات المصلين بعد انتهاء خطبة الجمعة في مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد) احتجاجا على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك والتي قال فيها ان "ولاء اغلب الشيعة لايران وليس لدولهم".

وافاد مراسل وكالة فرانس برس في النجف ان مئات المصلين انطلقوا في تظاهرة من مسجد الحسينية الفاطمية الكبرى قرب مقر المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وسط المدينة متجهين الى المدينه القديمة وهم يهتفون "حسني مبارك ياعميل نزل علم اسرائيل" و "خلي تسمع الانسانية الشيعة اصل الوطنية".

كما رفع المتظاهرون لافتات تشيد بالدور الوطني لشيعة العراق منها "الشيعة اصل العراق". وعند وصول المتظاهرين الى ساحة الميدان وسط المدينة تجمعوا على شكل حلقات شارك فيها النساء والرجال مطالبين الرئيس المصري حسني مبارك ان "يعتذر عن تصريحاته التي اثارت استنكار الشيعة في العالم".

وكان مبارك صرح في حديث لقناة "العربية" الفضائية السبت ردا على سؤال عن التاثير الايراني في العراق "بالقطع ايران لها ضلع في الشيعة (..) الشيعة 65 بالمئة من العراقيين وهناك شيعة في كل هذه الدول وبنسب كبيرة والشيعة دائما ولاؤهم لايران. اغلبهم ولاؤهم لايران وليس لدولهم".

من وجهته وجه مسؤول أمريكى رفيع المستوى فى العراق انتقادا غير مباشر اليوم لتصريحات الرئيس المصرى حسنى مبارك التى قال فيها أن ولاء الشيعة فى العراق يميل إلى إيران أكثر من العراق.

ووصف السفير ديفيد ساترفيلد نائب رئيس البعثة الأمريكية فى العراق خلال مؤتمر صحافى مع الصحفيين العرب هنا عبر دائرة مغلقة من بغداد التصريحات المتعلقة بولاء الشيعة العراقيين بأنها "غير مساعدة" معتبرا أن مثل هذه التصريحات لا تساعد بلدا يحاول بناء حكومة وطنية قوية جامعة لكل الأطياف.

ولم يذكر ساترفيلد الرئيس مبارك تحديدا غير أنه أكد أن "الولايات المتحدة لا ترى أن التعليقات التى تصف الشيعة العراقيين بأنهم ليسوا موالين للعراق تعليقات مواتية بل إنها خاطئة ولا تقدم المساعدة".

واعتبر المسؤول الأمريكى أن "الشيعة فى العراق هم مواطنون عراقيون موالون لبلدهم كما أنهم جزء من ماضى العراق وحاضره ومستقبله شأنهم فى ذلك شأن السنة والأكراد فى العراق".

وبالرغم من انتقادات ساترفيلد للتصريحات المتعلقة بولاء الشيعة العراقيين إلا أنه أكد فى الوقت ذاته أن "الولايات المتحدة تشارك القادة العرب بقوة فى مخاوفهم حول التدخل الإيرانى فى العراق".

وقال "إننا نسمع بعض المخاوف التى يعبر عنها شركاؤنا العرب فيما يتعلق بالدور غير المواتى الذى تلعبه إيران فى العراق كما أننا نسمع بعض المخاوف التى نشاركهم فيها الرأى حول التهديد الذى تمثله القاعدة والزرقاوى هناك كما إننا نتفهم هذه المخاوف بشأن السلوك الإيرانى".

وتابع ساترفيلد "إننا نشاركهم المخاوف حول التدخل الأجنبى فى العراق إلا أن طريقة مجابهة تلك المخاوف هو من خلال المساعدة فى بناء عراق قوى مزدهر وليس من خلال الإدلاء بمثل هذه التعليقات غير المواتية".

وكانت الولايات المتحدة قد طرحت على إيران فكرة إجراء حوار مشترك معها حول الوضع فى العراق وهى الدعوة التى قبلتها طهران إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الأن.

وقال ديفيد ساترفيلد أن "الدول العربية ينبغى عليها أن تقدم المساعدة والتشجيع لتشكيل حكومة فاعلة مؤثرة قوية جامعة فى العراق بدلا من إطلاق هذه التعليقات والتساؤل حول هوية العراق".

ورفض ساترفيلد القول بأن العراق على شفا حرب أهلية غير أنه أقر فى الوقت ذاته بخطورة الوضع الراهن هناك.

وقال أنه "لا ينبغى المقارنة بين الوضع الحالى فى العراق وما حدث فى لبنان عام 1975 لأن العراق ليست لبنان فى تلك الفترة أو حتى فى عام 1990 لأن القيادات العراقية لكل الفصائل باستثناء الإرهابيين يدركون أن الحرب الأهلية والفصل العرقى والطائفى سوف يؤدى إلى كارثة لهذا البلد".

من جهتها شجبت جمعية رعاية العراقيين (مقرها المملكة المتحدة) ومعها الجالية العراقية في المهجر التصريحات التي أدلى بها الرئيس المصرى حسنى مبارك لقناة (العربية) الفضائية مؤخرا والتى قال فيها إن شيعة العراق موالون لايران.

وقالت الجمعية في بيان لها اليوم الخميس "نشجب وتدين مثل هذه التصريحات التحريضية التي اجتمع العراق بكل أطيافه على شجبها واستهجانها لما تثيره من روح البغضاء وتؤجج نار الفتنة الطائفية وتجر البلاد والمنطقة إلى فتنة."

وقال البيان أن هذه التصريحات "تخلق حساسية بغيضة بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، وتوفر المناخ المناسب للتكفيريين و (الإرهابيين) ليوغلوا في جرائمهم ضد شعوب المنطقة عموما والشعب العراقي خصوصا، ويتمادوا في انتهاك الحرمات واستباحة المقدسات".

واشار الى أن "التوافق والاشتراك الديني أو المذهبي بين شعوب العالم ودول الجوار لا ينافي خصوصية الولاء الوطني، وأن العلاقات الطيبة مع الدول الصديقة الجارة لا تعني التبعية."

ودعت الجمعية القوى الوطنية العراقية إلى الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية من أجل حماية الإنسان العراقي وكرامته ومقدساته وأهل العراق والتمسك بمبدأ التعايش السلمي بين كل أطياف الشعب العراقي، وتوثيق أواصر الترابط الوطني والإجتماعي والديني، وبناء دولة المؤسسات والعدالة والحرية والمساواة."

وأكدت الجمعية فى بيانها رفضها لأي تدخل خارجي في شؤون الشعب العراقي وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت  15/نيسان/2006 -16/ربيع الاول/1427