أتصور إن الكثير من المهارات و الفنون و التجارب التي تضمن النجاح
في تحقيق مبيعات عالية و بالتالي أرباح جيدة فيما يخص السلع و البضائع
و المنتوجات تصلح أيضاً لتسويق المقترحات في الحوارات و المباحثات وذلك
بعد التنقيح لما بين تسويق المنتوجات و المقترحات من فوارق واضحة.
وللمثال هناك شركة Bombay Co. تختص ببيع مفروشات تقلد المفروشات
التي كانت شائعة في المملكة المتحدة خلال القرنين الثامن عشر و التاسع
عشر. وهذه الشركة تملك حوالي (400) مخزن في أمريكا الشمالية و من جملة
ماتتميز به الشركة أن أسعارها أقل من أسعار الشركات المنافسة
بنسبة30-60%كما أنه لا يوجد أي قطعة أثاث في مخازنها تكلف أكثر من 500
دولار, و تقدم الشركة ضماناً بدون قيد أو شرط مع كل قطعة تبيعها.
كيف يبرر رئيس الشركة روبرت نورس ذلك؟
يقول نورس:
إن أفضل وقت لإكتساب زبائن مدى الحياة هو عندما يضطر الزبون إلى
إرجاع القطعة التي اشتراها و إسترداد المبلغ الذي دفعه. و يضيف:
( نحن على استعداد لإسترداد القطعة المباعة بكل رحابة صدر و حتى
بدون طلب الفاتورة من الزبون و تكلفة ذلك بالنسبة لنا تكاد لا تذكر إذا
ما قيست بالمردود الذي تعطيه ألا و هو إخلاص الزبون. لقد نسي العدد من
بائعي التجزئة معنى الخدمة الحقيقية )(1).
و يستعرض المؤلف مجموعة المبادئ لإسترضاء الزبون في مرحلة مبكرة
للإحتفاظ به ضمن الزبائن الدائمين الأوفياء للشركة, و من هذه المبادئ
ما يقول فيه :
( اقترحْ حلا مبنياً على رغبات الزبون : إذ كان طلب الزبون مقبولاً
لديك وافق عليه, و حققه له فوراً. يقول ستانلي ماركوس في كتابه :
Minding the store:
إن إعطاء الزبون ما يطلبه أفضل من مفاصلته. إنْ أنت فاصلته, فعلى
الأرجح أنك ستفقد هذا الزبون مستقبلاً. و يتحدث ماركوس عن تجربة حصلت
معه في بداية عمله , إذ ْ ابتاعت سيدة منه ثوباً مصنوعاً من قماش رقيق
مطرز يدوياً و تلزمه عناية خاصة. و يبدوا أن السيدة بعد أن إرتدت الثوب
لمرة واحدة و شوهته بعض الشيئ قررت أن تعيده إلى المحل . و فعلا عادت
به إلى المحل و طالبت بإسترداد نقودها, فما كان من ماركوس إلا أن أعاد
لها نقودها بكل سرور, معتبراً ان ثمن الحصول على زبونة بديلة أكبر من
قيمة الثوب. و قد ثبت له في النهاية أن تصرفه كان صائباً, إذْ يقول في
كتابه :(( على مدى سنوات ابتاعت هذه السيدة من محلنا ما قيمته 500000
دولاراً)) )(2).
الإستنتاج:
في تسويق و بيع المنتوجات هناك بائع و مشتري و منتوج و في تسويق
المقترحات هناك مقترح و مقترح عليه و إقتراح.
فلماذا حين نقدم إقتراحاً لفرد أو جهة لا نتفانى في إستكشاف المقترح
الأقل كلفة بالنسبة للمقرح عليه؟
و لماذا لا نسلط الضوء على الفارق المذكور في الثمن بصورة مقارنة مع
الإقتراحات الأخرى الأكثر تكلفة لضمان قبول الإقتراح؟
لماذا لا نستعرض لأنفسنا الضمانات الذاتية التي يحملها الإقتراح و
التي من شأنها تحقيق رغبات المقترح عليه و لا سيما تلك الرغبات
المقبولة و ذلك لإنضاج الإقتراح لأنفسنا أولاً وقبل التقدم به للأخر ؟
لماذا لا نوضح كل الضمانات المذكورة اعلاه للمقترح عليه لترغيبه في
الإقتراح؟
لماذا لا نسترجع إقتراحنا بكل يسر و سرور و رحابة صدر مفترضين
الإقتراح بالوناً للإختبار و جساً للنبض لإنضاج ما هو أمثل و أقرب
للقبول لتقديم مقترح اخر لاحقاً ؟
و كما يسترجع ذلك البائع بضاعته فوراً من زبونه معتبراً أن ثمن
الحصول على زبون بديل أكبر من قيمة البضاعة المسترجعة ؟
قال الرسول الأكرم صلى الله عليه و اله و سلم:
( المؤمنون هَيــِّنونَ لَيــِّنونَ )(3).
...................................................
المصادر:
( 1)- طرق كسب الزبائن و زيادة الأرباح- جيل غريفن-
ترجمة: أيمن الأرمنازي- ص143-144
( 2)- نفس المصدر- ص206-208
( 3)- بحار الأنوار 67-355-8
معهد الإمام الشيرازي الدولي
للدراسات – واشنطن
www.siironline.org |