
احتفل الايرانيون يوم الاربعاء بإعلان بلادهم انها اتقنت
التكنولوجيا النووية مثلما يحتفلون بأعياد الميلاد أو شراء سيارة جديدة
بتقديم الحلوى.
وأقامت ميليشيا المتطوعين الاسلاميين (البسيج) خياما للاحتفال
بالتقدم النووي عند جوانب الطرق حول طهران لتقديم الحلوى والعصائر
للمارة.
واقترب أحد افراد الميليشيات من طاقم مصوري رويترز ليقول "اننا
سعداء وفخورون بعلمائنا النوويين الشبان" قبل ان يردد مع زملائه عبارة
"الله أكبر".
وفي أماكن اخرى في طهران ردد نحو 150 من اطفال المدارس الذين ارتدوا
ملابس كتب عليها "الطاقة النووية حقنا الذي لا يمكن التنازل عنه"عبارات
ولوحوا بالاعلام.
وقال علي بوزورجي الذي يبلغ 26 عاما "انني اشعر بسعادة غامرة وإثارة
للانباء العظيمة التي سمعتها في الليلة الماضية واعتقد ان الدول
الغربية سترتدع الان."
واعلنت إيران يوم الثلاثاء انها بدأت تخصيب اليورانيوم الى المستوى
المنخفض الذي تحتاج اليه في محطات الطاقة النووية مما أدى الى مطالبة
مجلس الامن بوقف انشطة الوقود النووي.
وأحيلت ايران الى مجلس الامن بشأن مخاوف من ان برنامجها لتخصيب
اليورانيوم يهدف الى صنع اسلحة نووية بالاضافة الى تشغيل محطات الطاقة
وهو اتهام تنفيه ايران.
وفي شوارع طهران كان المواطنون متأثرين بالانجاز الوطني لكنهم
يشعرون بالقلق من ان المتاعب ربما تختمر مع توجيه مزيد من النداءات
لتوقيع عقوبات أو شن عمل عسكري.
وقالت نجمة معيني التي تبلغ 40 عاما "انني سعيدة لهذه الانباء لاننا
يجب ان تكون لدينا طاقة نووية لكنني آمل في الا تؤدي الى عمل عسكري
ضدنا."
وقالت الولايات المتحدة انها تفضل الوسائل الدبلوماسية لحل المواجهة
لكنها لم تستبعد العمل العسكري.
وردت الولايات المتحدة على ذلك بقولها ان ايران "تمضي في الاتجاه
الخاطيء" ببرنامجها النووي وانها اذا اصرت عليه فستبحث الولايات
المتحدة مع اعضاء مجلس الامن الخطوات التالية المحتملة.
وقال احمدي نجاد في خطاب بثه التلفزيون من مدينة مشهد بشمال شرق
ايران "انني أعلن رسميا انضمام ايران الى تلك المجموعة من البلدان التي
تمتلك التكنولوجيا النووية. ان هذه هي نتيجة مقاومة الامة الايرانية."
واضاف "على اساس الضوابط الدولية سنواصل طريقنا حتى نحقق التخصيب
على المستوى الصناعي" قائلا ان على الغرب أن يحترم حق ايران في امتلاك
التكنولوجيا النووية السلمية.
وقال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض في تصريحات للصحفيين
على متن طائرة الرئاسة "اذا استمر النظام في التحرك في الاتجاه الذي
يتحرك فيه حاليا فسوف نتحدث عما سنفعله مع الاعضاء الاخرين بمجلس الامن
والمانيا بشأن كيفية معالجة ذلك مستقبلا."
وتقول الولايات المتحدة ان برنامج ايران النووي هو ستار لانتاج
اسلحة نووية في حين تصر طهران على انه يقتصر على الاغراض المدنية في
توليد الطاقة.
وكان غلام رضا اقا زادة رئيس هيئة الطاقة النووية الايرانية قد ذكر
ان ايران قامت بتخصيب اليورانيوم على المستوى المستخدم في محطات الطاقة
النووية.
وقال اقا زادة إن ايران بدأت تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.5 في
المئة مشيرا إلى ان محطة التخصيب التجريبية في نطنز جنوبي طهران بدأت
العمل يوم الاثنين.
وكان الرئيس الايراني الاسبق علي اكبر رفسنجاني قد ابلغ وكالة
الانباء الكويتية في وقت سابق من يوم الثلاثاء أن ايران تنتج يورانيوم
مخصبا من 164 جهاز طرد مركزي.
ويمثل هذا الاعلان انتكاسة كبيرة لجهود الامم المتحدة لحمل ايران
على تعليق أعمال تخصيب اليورانيوم وقد يؤدي الى تصعيد المواجهة مع
القوى الغربية ويقود الى التفكير في فرض عقوبات على طهران.
وقال رفسنجاني في المقابلة "قمنا بتشغيل الوحدة الاولى التي تتكون
من 164 جهاز طرد مركزي وتم ضخ الغاز وحصلنا على المنتج الصناعي.
"ينبغي زيادة العمليات اذا اردنا الحصول على وحدة صناعية كاملة ويجب
الحصول على عشرات الوحدات لانشاء محطة لتخصيب اليورانيوم."
وطالب مجلس الامن الدولي ايران بوقف أنشطة التخصيب التي يشتبه الغرب
في أنها خطوة أولية نحو انتاج قنابل نووية وفي 29 مارس اذار طلب من
الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفع تقرير عن مدى التزام طهران في غضون
30 يوما.
ورفض متحدث باسم الوكالة الدولية التعقيب على الاعلان الايراني
قائلا انه ليس من المرجح صدور رد فعل رسمي من الوكالة في الوقت الراهن.
وأحالت وكالة الطاقة ملف ايران الى مجلس الامن الدولي في فبراير
شباط لاخفاقها في اقناع معظم أعضاء المجتمع الدولي بأن أنشطتها النووية
تهدف الى توليد الكهرباء فقط لا التسلح وأنها لن تمثل تهديدا للسلام
والامن الدوليين.
ومن المتوقع ان يزور محمد البرادعي مدير عام الوكالة ايران هذا
الاسبوع سعيا لتعاون ايراني كامل مع مجلس الامن والرد على استفسارات
الوكالة. وسوف يسبب الاعلان عن احراز تقدم في أعمال تخصيب اليورانيوم
حرجا اثناء الزيارة.
ومما يجسد مشاعر القلق بشأن الازمة النووية قال متعاملون ان
المستثمرين تحولوا إلى الفرنك السويسري كملاذ آمن بعد اعلان رفسنجاني.
ورفع هذا النزاع ايضا اسعار النفط الى مستويات قياسية.
وقبل اسبوعين قال دبلوماسيون بوكالة الطاقة ان ايران وضعت 164 جهازا
للطرد المركزي في محطة نطنز النووية لكنها لم تزود بعد بغاز سداسي
فلوريد اليورانيوم وهو المادة الخام للوقود المخصب وأضافوا أنه جرت
تجربة 20 جهازا.
وقال مسؤولون نوويون إيرانيون في وقت سابق ان تنقية اليورانيوم إلى
نسبة 3.5 في المئة يتطلب تشغيل 164 جهازا للطرد المركزي تقوم بتدوير
اليورانيوم بسرعة تفوق سرعة الصوت لزيادة تركيز أعلى نظائرها المشعة
نشاطا وهو (يو-235).
وقال دبلوماسيون ان مستوى التخصيب اللازم لاحداث سلسلة تفاعلات قادر
على تفجير القنابل أعلى من ذلك بكثير وانه يصل الى نحو 90 في المئة
ولكن الدول الغربية لن تقبل حتى باعلان ايران قيامها بعمليات تخصيب
منخفضة المستوى.
ولا تملك ايران سوى محطة طاقة نووية واحدة قيد الانشاء لكنها تعتزم
بناء المزيد وتقول انها تريد انتاج الوقود النووي بنفسها.
وقال دبلوماسي بالاتحاد الاوروبي معتمد لدى وكالة الطاقة لدى سؤاله
عن اعلان احمدي نجاد "ربما أنهم بدأوا تغذية الاجهزة البالغ عددها 164
. قد يكون هذا التطور المنطقي للتقدم منذ اواخر مارس. لن تكون هذه
مفاجأة."
وأضاف الدبلوماسي الاوروبي "لا يستطيع 164 جهازا للطرد المركزي
انتاج يورانيوم مخصب بكميات كبيرة بشكل مستمر. ولكن كلما أنتجوا
يورانيوم مخصب سيتعلموا المزيد من التقنية لذا فان أي شكل من أشكال
التخصيب يمثل خطا أحمر بالنسبة لنا."
وسوف تستغرق ايران أعواما قبل أن تنتج الكم الكافي من اليورانيوم
المخصب لانتاج قنبلة واحدة مع هذا العدد الضئيل من أجهزة الطرد المركزي
لكن طهران أبلغت وكالة الطاقة أنها ستبدأ تركيب 3000 جهاز للطرد
المركزي في وقت لاحق هذا العام وهو عدد كاف لانتاج رأس حربية خلال عام.
وقالت واشنطن مرارا انها تريد انهاء المواجهة النووية من خلال السبل
الدبلوماسية. لكن المحللين يقولون ان احراز ايران تقدما في تكنولوجيا
تخصيب اليورانيوم قد يكون الشرارة التي تدفع الولايات المتحدة أو
اسرائيل الى القيام عمل عسكري.
ورفض الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاثنين تقارير مفادها اعتزام
الولايات المتحدة التحرك عسكريا ضد ايران ووصفها بانها "تكهنات غير
منطقية".
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس يوم الاربعاء إن
تصريح ايران بانها قامت بتخصيب اليورانيوم يتطلب اتخاذ "خطوات قوية" من
جانب مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
وقالت رايس إن الاعلان الذي صدر عن طهران لهو دليل اخر على انها لا
تلتزم بالمتطلبات التي عبر عنها بالفعل المجتمع الدولي.
واضافت قولها في وزارة الخارجية "ارى ان مجلس الامن يجب ان يأخذ في
الحسبان هذا التحرك من جانب ايران." وحثت مجلس الامن حينما يعاود
الانعقاد ان يتخذ "خطوات قوية للتأكد من المحافظة على مصداقية المجتمع
الدولي."
وأعلن سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي يوم الاربعاء أن استخدام
القوة لن يحل المواجهة القائمة مع إيران حول برنامجها النووي.
ونقلت وكالات الانباء الروسية عن لافروف قوله بعد يوم من إعلان
إيران تخصيب اليورانيوم لاول مرة "اذا وجدت خطط في هذا الصدد فهي لن
تكون قادرة على حل هذه المشكلة. بل على العكس يمكن أن تحدث أزمة متفجرة
خطيرة في الشرق الاوسط الذي لديه ما يكفي من الازمات."
وناشدت وزارة الخارجية الروسية في بيان في وقت سابق يوم الاربعاء
طهران وقف أنشطة التخصيب.
وتعارض روسيا التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الامن الدولي
اللجوء الى فرض عقوبات على ايران التي تنفي السعي لصنع أسلحة نووية.
ولكن لافروف لم يكرر يوم الاربعاء معارضته للعقوبات وقال فقط انه لا
يريد التسرع في الاستنتاجات عن الخطوة التالية التي يتعين على المجتمع
الدولي القيام بها.
ونقل عنه قوله "لن أتسرع في أي استنتاجات لان المشاعر عادة ما تكون
مناهضة بشدة للبرنامج النووي الايراني."
وهذا الاسبوع نفي الرئيس الامريكي جورج بوش تقارير صحفية عن خطط
لضرب ايران ووصفها بانها " تكهنات بلا اساس" واضاف انه ربما لن تكون
هناك حاجة لاستخدام القوة لكبح الطموحات النووية لايران.
ولكن مسؤولا ايرانيا كبيرا طلب عدم نشر اسمه قال لرويترز معلقا على
طلب روسيا بوقف الانشطة النووية الايرانية إن "الانشطة الانووية
الايرانية مثل شلال بدأ يتدفق. لا يمكن وقفه."
وابدت الدول الاوروبية قلقها من اعلان احمدي نجاد انضمامها لنادي
التكنولوجيا النووية.
واعربت المانيا عن "قلقها البالغ" وقالت ان ايران تتجه نحو عزل
نفسها.طهران لتجميد برنامجها النووي انصياعا لمطالب مجلس الامن الدولي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي ان اعلان ايران تخصيب
اليورانيوم يثير القلق ودعا طهران لوقف "انشطتها الخطيرة."
وابدى الاتحاد الاوروبي مخاوفه وقالت ايما اودوين المتحدثة باسم
بنيتا فيريرو فالدنر مفوضة الاتحاد الاوروبي للعلاقات الخارجية "انه
أمر يدعو للاسف...سنواصل السعي لحل دبلوماسي ولكن مثل هذه التصريحات لا
تساعد."
وتنامي القلق الدولي ازاء البرنامج النووي الايران حين دعا الرئيس
احمدي نجاد في العام الماضي لمحو اسرائيل من على الخريطة . واتسم رد
فعل اسرائيل على الاعلان الايراني الاخير بالحذر حيث قالت انه بالرغم
من أن هذا يمثل تهديدا لها فان الدبلوماسية هي السبيل الامثل.
وقال شمعون بيريس السياسي المخضرم للاذاعة الاسرائيلية "وضعت
الولايات المتحدة هذه القضية على رأس أجندتها. انني لا أنصح بأن نشارك
(في هذه القضية").
وتعهدت الولايات المتحدة بحماية اسرائيل التي قصفت منشأة نووية
عراقية في عام 1981.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية انها غير قادرة على تأكيد اعلان
ايران وقال بعض الخبراء انه حتى اذا كانت تأكيدات طهران دقيقة فان
الامر سيحتاج سنوات قبل ان تتمكن الجمهورية الاسلامية من انتاج سلاح
نووي.
وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ان اعلان
أحمدي نجاد اعطى "مزيدا من الثقل للمجتمع الدولي للتحرك بطريقة منسقة"
لكن مازال من غير الواضح ما اذا كانت روسيا والصين اللتان تتمعان بحق
النقض في مجلس الامن ستتخليان عن معارضتهما للعقوبات.
وقال جاك سترو وزير الخارجية البريطاني يوم الاربعاء انه "قلق
للغاية" مما اعلنته ايران عن بدء تخصيب اليورانيوم وحث طهران على تعليق
انشطتها النووية الحساسة والعودة الى المحادثات.
وقال سترو في بيان "البيان الايراني الاخير يضر أكثر بثقة المجتمع
الدولي في النظام الايراني وهو غير مفيد بدرجة كبيرة."
كما قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي في بيان يوم
الاربعاء إن إعلان إيران تخصيب اليورانيوم يثير القلق ودعا طهران لوقف
"انشطتها الخطيرة."
وقال جان فرانسو كوبيه المتحدث باسم الحكومة الفرنسية للصحفيين بعد
الاجتماع الاسبوعي للحكومة ان انشطة التخصيب التي تقوم بها ايران "خطوة
في الاتجاه الخاطيء".
وقال دوست بلازي "اعلان السلطات الايرانية عن تشغيل 146 جهازا للطرد
المركزي مثير للقلق. اذا ثبتت صحة هذا الاعلان فانه يتعارض مع مطالب
الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن التابع للامم المتحدة."
وكرر وزير الخارجية الفرنسية دعوة بلاده لايران "لتعليق انشطتها
الخطرة حتى تعيد بناء الثقة مع المجتمع الدولي."
وارتفعت أسعار النفط في تعاملات الثلاثاء، إلى 69 دولاراً للبرميل،
بعد قليل من إعلان الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، أن بلاده نجحت،
لأول مرة، في تخصيب اليورانيوم، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى أن يقفز
سعر النفط إلى أرقام قياسية.
ويتخوف المتعاملون في قطاع النفط من أن يؤدي اشتعال الصراع بين
إيران من جهة، والغرب من جهة أخرى، وكذلك استمرار العنف في نيجيريا،
إلى أن تفقد أسواق النفط العالمية ما يزيد على نصف مليون برميل من
النفط يومياً، مع الوضع في الاعتبار أن إعصار كاترينا، الذي ضرب الساحل
الأمريكي الغربي، تسبب في نقص إمدادات النفط من خليج المكسيك بنحو 300
ألف برميل يومياً.
وفي بورصة نيويورك، ارتفع سعر الخام الأمريكي الخفيف للعقود الآجلة
لشهر مايو/ أيار بمقدار 24 سنتاً، ليغلق على 68.98 دولار للبرميل، وهو
سعر يقترب من أعلى مستوى لسعر البترول الذي سجلته تعاملات أغسطس/ آب
الماضي، حيث وصل سعر البرميل إلى 70.85 دولاراً، بعد أن عصف إعصار
كاترينا بمنصات ومصاف نفطية أمريكية.
ويمثل صعود أسعار النفط في الآونة الأخيرة، استمرارا لموجة الصعود
التي بدأت في مستهل عام 2002، وكان سعر النفط وقتها 20 دولاراً
للبرميل.
وقال محللون، الإثنين، إن ارتفاع أسعار النفط كان رد فعل للتقارير
التي تحدثت عن احتمال شن الولايات المتحدة لضربة هجومية ضد إيران. |