تجـريـم معـاداة الشيعة دفاعا عن الحـرية والتعايش والسلام العالمي

الدكتور حيدر عبد الوهاب

ما باح به الرئيس المصري حسني مبارك في مقابلته الاخيرة مع قناة العربية ليس هو التصريح الاول من نوعه على لسانه اولسان غيره كما انه سوف لن يكون الاخير الذي يصدر منه اومن أمثاله  ففي مقابلة في 1-3- 2006  مع صحيفة الجمهورية المصرية له بعد زيارة ديك تشيني للقاهرة قذف الشيعة بنفس التهم الخطيرة وخص بالذكر العراقيين منهم بالتخوين والتبعية لإيران و... و... .

نعم هذا القذف والتخوين والإضطهاد والتهجير والتكفير والتذبيح متواصل وعلى قدم وساق ومنذ قرون وقرون وسيستمر وبشراسة لأن ما تمَّ إقترافه في الماضي القريب والبعيد يتمَّ في الوقت الحاضر تمجيده و تعظيمه اوتبريره ومايتمَّ حاليا – وكما كان في الماضي - يصار الى طمس اكثره وما يفلت من الطمس بفضل ثورة الفضائيات والانترنت فالموقف منها والرد عليه لا يتعدى الإستنكار والإدانة وكتابة مقالات عاطفية نارية تنسى بعد حين.

 والأخطر في ذلك ان معاداة الشيعة لاتقتصر على مثل هذه التصريحات بل هي مجسدة في المواقف والقرارت والتحركات السياسية وقد كشفت حقبة مابعد صدام وما تلاها من مواقف وتدخلات ودعم للإرهاب الأجنبي الدموي في العراق أوراق جميع العاملين في معسكر معاداة الشيعة الذي مازال يصرّ على معاداته  لشيعة العراق بأي ثمن ومهما كانت النتائج كارثية للعراق وجيرانه والمنطقة والعالم ...

 انها وثنية التعصب الأعمى التي لابد من معالجتها دفاعا عن الحـرية والتعايش والسلام العالمي  بطرق منها:

1-مقاضاة الرئيس المصري في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية بواسطة مواطني تلك الدول ذوي العلاقة وعبر محاميين خبراء حرفيين وبعيدا عن التسييس والطائفية والأطر الضيقة ومتابعة المقاضاة بلغ ما بلغ الزمن ومهما كانت التكاليف ليكون مبارك عبرة لمن يستعبر ، وهذا طريق موردي لايضع حدا لمعاداة الشيعة المتصاعدة الشرسة رغم اهميته كرد أني وموردي لما تقدم .

2- إصدار فقهاء الأمة من جميع المذاهب لفتوى صريحة وواضحة وشفافة تعترف بالمذهب الشيعي كالمذاهب الأخرى وحقوق أتباعه دون تمييز وهذا من شأنه أن يسحب الغطاء الشرعي من المستبيحين لمعاداة الشيعة بإضطهداهم وإهدار دمائهم وإراقتها المستمرة في العراق منذ قرون وقرون ويبرِّئ فقهاء الأمة من هذه الجرائم البشعة التي يرفضها الإنسان العادي بماهو إنسان اينما كان وكيف ما كان ، كما انه يساعد على إمتصاص الإحتقان والشحن الطائفي المقصود المتعمد الذي يتوسل به الكثير من السياسيين للفرار من الإنسداد الشامل الذي يعانون منها لإسباب باتت معروفة . وهذا الطريق لابد منه إتماما للحجة وللتيقن من الفراغ من إنشغال الذمة اليقيني وإنْ كان إثماره  صعب المنال .

3-  تأسيس مجلس أعلى غير سياسي وفاعل يضم ممثلين للمرجعيات الدينية يتكون من لجان متخصصة للعمل في إتجاهات منها :

أ – الدفاع عن الديمقراطية الدستورية التي تضمن الدولة المدنية غير المتعارضة مع الإسلام والتي تعتبر الحل الحضاري الوحيد الممكن للتعددية العراقية والذي يضمن جميع حقوق الأقليات والأقلية الى جانب حقوق الأكثرية في العراق والتي تتمثل بالشيعة الذين لايريدون اكثر من ذلك ولايقبلون بأقل من ذلك في حال من الأحوال .

ب- تصحيح الصورة النمطية التي رسمتها في كواليس دول غربية وغير غربية كثيرة  للشيعة أجهزة أمنية إستخباراتية طويلة عريضة منذ عقود طويلة مما ييجاوز الأطنان من اوراق التقارير مثل تلك التي كان يعدها ويسربها نظام صدام الى الدول المختلفة لتبيرير حقده ومعاداته وماكان يرشح من تصفياته الدموية الواسعة للشيعة ، ومثل التقاريرالسابقة للمخابرات البريطانية التي تعود الى ردود افعالها على ثورة العشرين العراقية التي رفعت وقبل 86 عاما لواء الديمقراطية الدستورية كحل للعراق وتقدمه واستقلاله ومثل التقارير السوفيتية في الإدارة الروسية الحالية والصادرة كرد فعل على فتاوى المرجعيات الدينية الشعية من الإنتماء الى الحزب الشيوعي ومثل التقارير والإنطباعات الألمانية عن الشيعة العراقيين الذين وقفوا على مسافة متساوية من طرفي الحرب العالمية الثانية فعارضوا تحالف كتلة من الزعماء السياسيين العراقيين الذين تحالفوا مع هتلر في الحرب العالمية الثانية ... طبعا موقف الشيعة العراقيين كان مخالفا وتماما لسياسة شاه إيران في ذلك الوقت والذي كان قد تحالف مع هتلر في الحرب المذكورة مما تسبب في تخلي الشعب الإيراني عنه اكثر فاكثر حيث نفي بعد هزيمة هتلر والقصة معروفة ومثل تقارير وتقارير اخرى واخرى ، ولا اريد القول بان تلك القارير يتم الأخذ بها وكما كانت لكن مازال لتلك التقارير اثارها وتفاعلاتها مما يجب معالجتها قولا وعملا يدعم صدق الأقوال وذلك بزيارة تلك الدول والإتصال والتواصل لرفع التشويه الحاصل بسبب تلك التقارير وغيرها من اسباب لتذويب الجليد والوقاية من مضاعفات جديدة لا تخدم اي طرف .

ت- رصد متواصل موثق حيادي موضوعي وبعيدا عن التسييس والطائفية لكل ما يمكن تصنيفه تحت عنوان معاداة الشيعة في العراق مما يرتبط بالحاضر والماضي بما ولا يتجاوز الخط الفاصل بين الانتقاد الموضوعي ومعاداة الشيعة وذلك لإيصاله الى وسائل الإعلام والجهات والمنظمات الدولية والإنسانية في تقارير دورية لوضعها امام مسؤولياتها تجاه ما يجري بجذوره التاريخية القديمة قدم التشيع في العراق والذي منه انتشر الى ايران وغيرها من دول مختلفة متوزعة في العالم ويمكن ان تكون لكل دولة من هذه الدول وغيرها مصالحها وإجندتها في العراق مما لاربط له بشيعة العراق العراقيين هوية وولاءا وإمتدادا فإستباحة الساحة العراقية مرفوض جملة وتفصيلا سواء أكانت الإستباحة إيرانية أم سعودية أم تركية أم مصرية أم .... وهذا بحاجة الى مرصد يخصص للحاضر والمستقبل واخر للماضي وذلك لإنجاز الرصد بشقيه ضمن الشروط المتقدمة وبما سنتطرق اليه في مقال لاحق إن شاء الله .

ث – ومع ضع تقرير سنوي حول معاداة الشيعة لابد من إعداد لائحة بعمليات الرد الحضارية السلمية القانونية الواجبة .

ح – القيام بدراسة ميدانية عاجلة شاملة للجوانب القانونية والحقوقية والسياسية والتمويلية والتحالفاتية وذلك لإطلاق مشروع قانون جدي على الأمم المتحدة  يُجرِّم معاداة الشيعة المتواصلة منذ قرون طويلة والتي باتت تسوق مقلوبة تجسيدا للمثل الذي يقول : ضربني وبكى ... سبقني وأ شتكى !!

نعم قد يتطلب مشروع القانون وإقراره إمكانات كبيرة وموازنات وتحالفات دولية غير متاحة حاليا و يستغرق إقراره عقودا وعقودا لكن لاطريق اخر فلا مفرّ من محاولة مركزة لتوفير الإمكانات الضرورية اللازمة وتجاوز العقبات الكبيرة الكثيرة ومتابعة الهدف بنفس طويل وصبر وتأن ولتكن بداية المشروع في هذا العصر الذي رفع الجميع فيه راية الدفاع عن العدالة وحقوق الانسان وحرياته ويدعو الى قبول الأخر وتشريب مبادئ التسامح ومواجهة زرع الكراهية والحقد والإرهاب .

*معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن

www.siironline.org 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 13/نيسان/2006 -14/ربيع الاول/1427