ليس من المستغرب ابدا ان نسمع من رئيس اكبر دولة عربية تصريحات
مغرضة ومخطط لأهدافها مسبقا كالتصريحات التي أطلقها رئيس جمهورية مصر
حسني مبارك بحق شيعة العراق والدول العربية الأخرى واتهام معتنقي هذا
المذهب بالولاء لدولة أجنبية وانتفاء الحس الوطني لديهم.
ومن يتمعن بفحوى هذه التصريحات التي اطلقها مبارك في سياق حديث طويل
عن الاوضاع العربية عموما والعراق خصوصا سيجد انها تصب بما لا يقبل
الشك في خانة تشجيع العمليات الارهابية التي تستهدف شيعة العراق تحديدا،
وبدلا من تأشير مواطئ الخلل في الخريطة السياسية العراقية والتي باتت
واضحة للقاصي والداني، وبدلا من الاسهام في مساعدة العراقيين للخروج من
دوامة العنف التي تبطش بهم وخاصة الشيعة منهم، بدلا من هذا كله يطلع
علينا مبارك ليعلن للملأ ان شيعة العراق غير وطنيين ولا ينتمون
لوطنيتهم العراقية، ويضاعف اتهامه فيقول ان الشيعة يدينون بولائهم
لأيران بدلا من وطنهم العراق.
إن كلاما مثل هذا يصدر عن رئيس اكبر دولة عربية لا يمكن ان يطلق
جزافا، وان اول مؤشرات هذ التصريحات الخطيرة والمرفوضة، انها تشكل دعوة
واضحة لا تقبل الشك لمضاعفة ترهيب وإرعاب شيعة العراق وغيرهم في
البلدان العربية الاخرى من خلال عمليات بطش منظمة بحقهم من اجل اشاعة
هيمنة المسار الدكتاتوري الذي كان شائعا في العراق إبان حكم الطاغية
المخلوع والذي ما زال ساري المفعول في اغلب الدول العربية وأولها حكومة
مبارك التي كانت مازالت تتكئ على قانون الطوارئ الذي فرض منذ مطلع
ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن في مسك زمام الامور الداخلية، هذا
القانون الذي يجيز للحكومة المصرية القبض على كائن من يكون من المصريين
وغيرهم وحجزه بعيدا عن عيون القضاء او اتخاذ الاجراءات القضائية
المعروفة بحقه.
اذن سنتفق على ان تصريحات مبارك لقناة العربية تصب في خانة اسناد
العمليات الارهابية الموجهة ضد الشيعة في العراق وغيره وكذلك تصب في
صالح تشديد االنزعة الدكتاتورية واشاعة هذا النموذج السلطوي في عموم
الدول العربية.
من هنا لابد من اتخاذ الخطوات الاجرائية المضادة لهذه النزعة
العدوانية الخطيرة التي افصحت عنها تصريحات مبارك ومن يسانده في هذا
السلوك الخطير وذلك من خلال انشاء المنظمات المحلية والدولية التي ترصد
هكذا افكار عدوانية وتدعم حماية الشيعة وتراقب افعال وتصريحات الساسة
الذين لا يهمهم سوى البقاء على كرسي الحكم اطول مدة ممكنة على حساب
دماء ومصالح الناس البسطاء وغيرهم، كما مطلوب من الامم المتحدة وكل
المنظمات الرسمية والاهلية في عموم دول العالم ان تعلن رفضها القاطع
لهذه الاتهامات غير المسوغة وان تسهم بصورة او اخرى في ادانة مثل هذه
التصريحات، ولعل دعوة بعض قادة المجتمع العراقي لمقاطعة البضائع
المصرية وغيرها من الاجراءات الحكومي تأتي كرد فعل متوقع لتصريحات رئيس
اكبر دولة عربية تشكك بولاء العراقيين لوطنهم، غير ان المطلوب هو رصد
مثل هذه السلوكيات السياسية التي يجب ان لا نتركها تمر من غير ان نستمد
منها العبر التي تحمينا من قادة لايهمهم سرى كرسى الحكم قبل كل شيء. |