لمواجهة الاغتراب والتطرف: شبكة أمريكية بلجيكية للتراحم الشعبي مع المسلمين في أوروبا

أبلغ دبلوماسي أميركي يوم 5 نيسان/إبريل الجاري الكونغرس أن الولايات المتحدة تأمل في إطلاق شبكة دولية تتيح للتيار الوسطي بين الجاليات المسلمة في أوروبا وأميركا الشمالية مناقشة قضايا الاغتراب والانعزال والتطرف.

وقال السفير الأميركي في بلجيكا توم كورولوغوس حيث تم إطلاق الفكرة خلال اجتماع عقد في تشرين الثاني/نوفمبر، 2005 على مدى يومين، إن النهج الجديد سوف يربط بين الجماعات المسلمة التي كانت معزولة سابقا في محاولة لتعبئة وحشد"المعتدلين وتهميش المجيشين".

وأبلغ كورولوغوس لجنة شؤون القوات المسلحة بمجلس الشيوخ أن المبادرة تمثل نموذجا لجيل وليس لمؤتمر أو اثنين فحسب وإنما لحركة بأكملها من عامة المسلمين في عموم أوروبا لتخفيف وطأة الاغتراب والعزلة ومكافحة التطرف. وكان كورولوغوس ومسؤولون آخرون في وزارة الخارجية الأميركية وبحاثة أكاديميون قد أدلوا بإفادات أمام اللجنة حول قضية تطرف العناصر المتأسلمة في أوروبا.

وكانت السفارة الأميركية في العاصمة البلجيكية بروكسل قد ساعدت في استضافة اجتماع دام ثلاثة أيام ضم 32 مسلماً أميركيا و65 مسلما بلجيكيا في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2005.

وأكد كورولوغوس في شهادته أن "هذه هي الجاليات التي تحس بأنها واقعة تحت الحصار بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الإرهابية، وأن الحوار يمنحهم الفرصة لإبراز أنفسهم وطرح وجهات نظرهم والاعتراف بهم – والأهم من ذلك - كي يحظوا بالاحترام. فلقد أخبرونا أن هذه هي المرة الأولى التي يشعرون فيها أن الحكومة الأميركية أصبحت في الحقيقة تحترم رأيهم بما فيه الكفاية حتى تطلب منهم إطلاع الآخرين على تجاربهم.

وقد أطلق على هذا التجمع "الجاليات المسلمة تشارك في المجتمع: حوار أميركي بلجيكي" وتم التنسيق له مع المنظمات غير الحكومية والجهات الداعمة من القطاع الخاص.

وصرح كورولوغوس بأن الغرض من هذا التجمع هو بحث القضايا العملية اليومية الخاصة بمشاركة المسلمين في المجتمعات التي يقيمون فيها، وبأن هذا هو أول تبادل مباشر يركز على الهوية الإسلامية والفرص الاقتصادية وتصوير الإعلام للمسلين، وتنمية الشباب وقضايا المرأةبين أبناء الجالية المسلمة في أميركا والجالية المسلمة في بلجيكا."

وشدد على أن الاجتماع "لم يكن مجرد ندوة نموذجية أو أكاديمية أخرى حيث يقوم الخبراء فيها بإلقاء المحاضرات من على المنبر. ولكن الاجتماع، بدلا من ذلك، استلزم قيام المسلمين بمحاورة مسلمين آخرين. فقد كان حوارا بين طرفين وليس مجرد حديث أحادي."

وقال كورولوغوس إن النقاش أسفر عن نتائج فورية. وقد حضر الاجتماع رئيسا بلديتي ديترويت الأميركية، وجينك البلجيكية وتحدثا كيف أن الجاليات المسلمة الكبيرة الموجودة في المدينتين قد ألفت المعيشة فيهما وباتت تتصرف بحرية. واتفق رئيسا البلديتين على بدء علاقة أخوية بين المدينتين.

وحضر المؤتمر ممثلو الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية وأعلنوا عن مجموعة من الفترات التدريبية، والمنح والتبادلات للأئمة البلجيكيين، والزعماء المسلمين، والمدرسين والطلبة لزيارة الولايات المتحدة ومواصلة تفاعلاتهم مع الجالية الأميركية المسلمة.

وقد أطلقت العديد من التبادلات والمشاريع الأخرى في المؤتمر منها منهج دراسة الصحافة بجامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة بلجيكية مشاركة لمناقشة التغطية الإعلامية للمسلمين والإسلام.

وقال كورولوغوس إن "عقد أربعة أو خمسة مؤتمرات أخرى كهذا يمكن أن يؤدي إلى قيام شبكة من مسلمين معتدلين."

والجدير بالذكر أن عدد الجالية المسلمة المقيمة في أوروبا الغربية يتراوح بين 15 إلى 20 مليون نسمة تقريبا، وهذا يمثل تقريبا أربعة أضعاف عدد المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة. ويشكل المسلمون حوالي 5 في المئة من سكان أوروبا الغربية حيث تعتبر الأقلية المسلمة هي الأسرع نموا في القارة. وإذا ما استمرت الاتجاهات الحالية بالنسبة لعدد المواليد بين المسلمين في أوروبا، فيمكن أن تشكل الجالية المسلمة أغلبية السكان في أوروبا خلال القرن القادم. وتسعى الحكومة الأميركية بشكل متزايد إلى مساعدة المسلمين في أوروبا على فهم الحياة في الولايات المتحدة بشكل أفضل للتغلب على الشعور الواسع الانتشار المعادي للولايات المتحدة.

وشدد كورولوغوس على "أنه بالرغم من أن هناك اختلافات في الوضع الاقتصادي وتاريخ الهجرة بين المسلمين في بلجيكا والولايات المتحدة، غير أنهم يتقاسمون تجارب مشتركة كأقليات تقيم بين مجتمعات غربية أغلبيتها مسيحية أو علمانية."

وأكد كورولوغوس أن المسلمين المقيمين في بلجيكا البالغ عددهم نصف مليون نسمة هم أصلا مهاجرون أو أحفاد مهاجرين من تركيا والمغرب، وهم يتمتعون بتاريخ طويل من تعددية الثقافات "وغير معزولين داخل أحياء ذات بنايات عالية تجلب لهم الغم والحزن".

 وأضاف أن السياسة البلجيكية بطبيعتها تسمح أيضًا لهم بأن يفوزوا في الانتخابات، موضحا أن المسلمين، على سبيل المثال، فازوا بربع المقاعد في انتخابات المجلس البلدي لمدينة بروكسل، وهذا يمثل تقريبا نصيبهم من عدد السكان. وعلى المستوى القومي، هناك أربعة إلى ستة من المسلمين يخدمون في برلمان بلجيكا. وأردف كورولوغوس أن هذا هو عكس ما هو عليه الحال في الولايات المتحدة، حيث لم يتمكن موظفوه خلال بحثهم من العثور سوى على مسلم واحد انتخب عضوا في مجلس شيوخ ولاية نورث كارولاينا.

وخلص كورولوغوس إلى القول إن أهم ما تميز به المؤتمر هو أننا لم نظهر أي استعلاء أميركي ولم ندع أن هناك إجابات سهلة. بل قلنا إن مجتمعينا يتقاسمان تحديات وأهدافا مشتركة تتمثل في اندماج المسلمين في المجتمعات التي يقيمون فيها. وبالطبع، فقد أعجب المشاركون الأميركيون بمستوى النفوذ السياسي للمسلمين البلجيكيين. وقد مددنا أيدينا لأصدقائنا البلجيكيين للعمل معنا. وفي النهاية، فعلوا ذلك."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  11/نيسان/2006 -12/ربيع الاول/1427