فجوة طبية في العالم النامي: حاجة لما يزيد على أربعة ملايين متخصص

قالت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة ان النقص الكبير في الأطباء والممرضات يتسبب في انتشار أمراض يمكن الوقاية منها ووفيات في معظم أنحاء العالم النامي في حين يسعى اخصائيو الرعاية الصحية للحصول على وظائف في الدول الغنية.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقريرها السنوي بشأن الصحة العالمية لعام 2006 ان هناك حاجة مُلحة لما يزيد على أربعة ملايين متخصص في مجال الصحة لسد الفجوة الطبية في 57 دولة معظمها في افريقيا والمناطق الريفية في آسيا.

وقال تقرير منظمة الصحة "في المتوسط هناك واحد من كل أربعة أطباء وواحد من كل 20 ممرض (أو ممرضة) ممن تدربوا في افريقيا يعملون في دول متقدمة. وهناك بعض الدول التي تضررت أكثر من غيرها..فعلى سبيل المثال يعمل 29 في المئة من أطباء غانا في الخارج وكذلك 34 في المئة من ممرضي زيمبابوي."

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لي جونج ووك ان نقص العاملين في مجال الرعاية الصحية بالعالم النامي حاد ويمكن ان يهدد اهداف التنمية الخاصة بالالفية التي حددتها الامم المتحدة كبرنامج عمل لخفض معدلات الفقر الى النصف بحلول عام 2015.

وأضاف في مؤتمر صحفي في زامبيا قوله "اذا لم نتخذ اجراء الان ستبقى أهداف التنمية الخاصة بالالفية وعدا أجوف مثل غيره من الوعود الجوفاء في العالم وما أكثرها.

"هناك حاجة لزيادة الانفاق على الصحة ولتحسين توفير الادوية والمعدات أيضا."

وقالت منظمة الصحة العالمية ان الدول الاكثر تضررا وهي التي تنفق ما متوسطه 33 دولارا على الرعاية الصحية لكل شخص سنويا يجب عليها رفع ميزانياتها السنوية الى 43 دولارا على الاقل للشخص خلال السنوات العشرين المقبلة للتغلب على الازمة.

وقال تيم ايفانز مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "هناك عجز في 57 دولة في المعمورة لا توفر وسائل التدخل الاساسية لانقاذ الحياة مثل التطعيمات في مرحلة الطفولة."

وألقى تقرير منظمة الصحة الضوء على الظلم الهائل في نظام الرعاية الصحية الدولي المهدد بزيادة تعقيد المشكلة مع جذب الدول الغنية للاطباء والممرضين من الدول الفقيرة مما يفاقم وطأة أزمات صحية ناجمة عن أمراض مثل الايدز والملاريا والسل.

وتضع منظمة (انقذوا الاطفال) الخيرية البريطانية معظم المسؤولية على عاتق صندوق النقد الدولي الذي تتهمه بفرض قيود على انفاق الحكومات الافريقية تمنعها من الاستثمار في مجال الرعاية الصحية.

وأوضح تقرير منظمة الصحة ان الامريكتين اللتين تعانيان من عشرة في المئة فقط من عبء الامراض العالمية بهما 37 في المئة من اجمالي العاملين في الرعاية الصحية في العالم وتنفقان ما يزيد على 50 في المئة من ميزانية الرعاية الصحية العالمية.

وعلى النقيض فان افريقيا التي تتحمل 24 في المئة من عبء الامراض العالمية بها ثلاثة في المئة فقط من قوة العمل في مجال الرعاية الصحية وتنفق أقل من واحد في المئة من اجمالي الانفاق العالمي على الرعاية الصحية.

وتقول منظمة اوكسفام الخيرية ومقرها بريطانيا ان هناك طبيبا واحدا لكل 14 ألف شخص في زامبيا مقارنة مع طبيب واحد لكل 600 شخص في بريطانيا مثلا.

وقال تقرير منظمة الصحة العالمية ان سرعة التمدن و "الطفرة الشبابية" السكانية في كثير من الدول النامية تفاقم المشكلة بينما يتوقع ان تستورد الدول الغنية المزيد من اخصائيي الصحة لعلاج سكانها.

وأوصت المنظمة بأن يوفر مانحو المساعدات تمويلا عاجلا وعلى المدى الطويل للتدريب في مجال الرعاية الصحية لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التهديدات الانية مثل التفشي العالمي المحتمل لانفلونزا الطيور بين الناس بعد تحولها الممكن الى وباء بالاضافة الى وضع شبكات محلية للرعاية الصحية.

وقال تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2006 إن هذا النقص أثر على كيفية مكافحة أمراض مثل فيروس إتش آي في المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز).

دول بها نقص حاد في موفري الخدمات الصحية

وتقول المنظمة إن ما لا يقل عن 1.3 ملايين شخص حول العالم لا يسعهم الوصول إلى أبسط أشكال الرعاية الصحية، وغالبا ما يعود ذلك لعدم وجود عمال في مجال الصحة.

كما أن العبء أكبر في الدول التي يغشاها الفقر والمرض حيث الحاجة ماسة لعمال الصحة.

ويعيش في المنطقة الواقعة جنوبي الصحراء الإفريقية 11% من تعداد سكان العالم، و24% من إجمالي العبء العالمي الذي تشكله الأمراض، لكن يوجد بها ثلاثة بالمئة فقط من عمال الصحة في العالم.

ونقص عدد الأفراد، إضافة إلى نقص التدريب والمعرفة، يشكلان عائقا أساسيا أمام نظم الصحة التي تحاول الاستجابة بشكل فعال للأمراض المزمنة ولمرض أنفلونزا الطيور.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن العمر المتوقع في الدول الأكثر فقرا يساوي نصف العمر المتوقع في الدول الأكثر غنى.

وتقول المنظمة إن كل دولة بحاجة إلى تحسين الطريقة التي تخطط وتعلم وتوظف بها الأطباء والممرضين وطاقم الدعم الطبي. ويحدد التقرير خطة تستمر عشر سنوات لمواجهة الأزمة.

ويدعو التقرير قادة الدول إلى التعجيل بتشكيل وتنفيذ استراتيجيات وطنية لقوة العمل في مجال الصحة يدعمها مانحون دوليون.

وتتسبب الأمراض المعدية ومضاعفات الحمل في وفاة عشرة ملايين فرد حول العالم سنويا.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك دليلا واضحا على أن ارتفاع نسبة العاملين في مجال الصحة بالمقارنة مع الزيادة في تعداد السكان يعزز من بقاء المواليد والأطفال والأمهات على قيد الحياة.

وقالت تيموثي إيفانز، المدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية: "لا يتم تدريب أو توظيف عدد كاف من عمال الصحة في الأماكن التي توجد بها حاجة ماسة لهم".

وأضافت: "ينضم عدد متزايد إلى نزيف العقول من المحترفين المؤهلين الذين يهاجرون للعمل في وظائف في الدول الأغنى نظير رواتب أفضل، سواء كانت هذه دولا مجاورة أو دولا صناعية غنية."

وتابعت قائلة: "يرجح أن تجتذب مثل هذه الدول عددا أكبر من الأطقم الأجنبية بسبب تعداد سكانهم الطاعن في السن، الذي سيحتاج إلى رعاية طبية أطول أمدا."

وتدعو منظمة الصحة العالمية إلى مزيد من الاستثمار المباشر في تدريب ودعم عمال الصحة.

وتقول إن ميزانية الصحة يتعين أن تزيد بمقدار عشرة دولارات للفرد سنويا على الأقل في الدول السبع والخمسين التي تعاني من نقص حاد في عدد عمال الصحة، وذلك لتعليم وتسديد رواتب الملايين الأربعة من عمال الصحة الذين توجد حاجة ماسة لهم.

كما ستكون هناك حاجة لتمويل محلي ودولي لتحقيق هذا الهدف.

ويقول التقرير إن الوفاء بهذا الهدف في غضون 20 عاما يعد "طموحا لكنه معقول".

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/نيسان/2006 -9/ربيع الاول/1427