
قالت منظمة العفو الدولية يوم الاربعاء إن ثلاثة رجال أفرج عنهم
مؤخرا من السجن في اليمن قدموا للمنظمة روايات تفصيلية تشير الى أنهم
ربما احتجزوا في وقت سابق بسجن سري أمريكي في شرق أوروبا. وقالت
المنظمة في تقرير ان محمد بشملة وصلاح قارو ومحمد الاسد قضوا 13 شهرا
في سجن سري واحد قبل نقلهم جوا الى اليمن في مايو ايار 2005 حيث سجنوا
الى ان أطلق سراحهم الشهر الماضي. واعتمدت المنظمة في تأكيدها على أنهم
ربما احتجزوا في اوروبا على مجموعة من التفاصيل من بينها تقديرات
الرجال الثلاثة للازمنة التي استغرقتها رحلات الطيران خلال نقلهم لاول
مرة من أفغانستان وخلال اعادتهم الى اليمن.
وقدم الحراس أيضا للرجال الثلاثة مواقيت للصلاة قاموا بتحميلها من
على أحد المواقع الاسلامية على شبكة الانترنت والذي أظهر أن غروب الشمس
في المنطقة التي كانوا بها تغير من حوال الساعة 4.30 مساء شتاء الى
8.45 صيفا. وقالت المنظمة "مثل هذه الدرجة من التغير تشير الى مكان يقع
شمالي خط العرض 41 فوق الشرق الاوسط مباشرة.. ويرجح بشدة أن يكون في
احدى الدول أعضاء مجلس أوروبا. "ومن بين الدول التي قد تتفق مع هذا
النطاق الزمني تركيا وأذربيجان وجورجيا ورومانيا وبلغاريا والبانيا
ومقدونيا."
وقال التقرير ان تحليلا لازمنة الرحلات الجوية التي قدرها الرجال
الثلاثة تشير أيضا الى كلا من البوسنة وسلوفاكيا كمواقع محتملة. وأضاف
ان الرجال كانوا محتجزين في بلد يستخدم توقيتا صيفيا مختلفا وهو ما
ينطبق على كل أوروبا ولا ينطبق على بلدان مثل أفغانستان والاردن
وباكستان. وقالوا ان درجات الحرارة في الشتاء كانت أشد برودة مما
تعرضوا له في حياتهم على الاطلاق. ويحقق كل من مجلس أوروبا الذي يراقب
حقوق الانسان في القارة الاوروبية ولجنة تابعة للبرلمان الاوروبي في
تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الامريكية العام الماضي أفاد أن وكالة
المخابرات المركزية الامريكية تدير سجونا سرية تحتجز بها اشخاصا يشتبه
في انهم "ارهابيون" في شرق أوروبا.ونفت حكومات أوروبية استضافة مثل تلك
المنشات كما رفضت الولايات المتحدة التعليق على تلك المزاعم.
وقالت كاتالين بويتنفيج عضو حزب الخضر الهولندي والتي تشارك في
التحقيق الذي يجريه البرلمان الاوروبي ان التفاصيل حول مواقيت الصلاة
"لافتة بكل تأكيد" غير أنها لا ترقى الى مستوى البرهان على ان الرجال
الثلاثة كانوا محتجزين في اوروبا. وذكرت لرويترز "هناك أدلة تفصيلية
كثيرة. لكنني اقر بانه لا يوجد دليل قاطع."
وقالت ان فيتزجيرالد الباحثة في منظمة العفو الدولية انها تعتقد أن
المعلومات الجديدة مهمة حتى اذا كانت "غير موضوعية" بشكل جزئي. وأضافت
أن اثنين من الرجال الثلاثة قالوا لها عندما أجرت مقابلة معهم في اليمن
في سبتمبر ايلول انهم يعتقدون انهم كانوا محتجزين في اوروبا. وقالت "في
ذلك الوقت.. لم يكن أحد قد ذكر على الاطلاق احتمالية وجود أماكن احتجاز
سرية في اوروبا... وعندما نشرت تقارير واشنطن بوست في نوفمبر تشرين
الثاني.. أصابني بالصدمة على الفور أن هؤلاء الرجال ربما كانوا على
صواب." وأضافت أن منظمة العفو كانت "واثقة تماما" من تحقيقاتها بأن
الرجال كانوا في سجن أمريكي منذ اعتقالهم في عام 2003. وكان الاسد
اعتقل في تنزانيا فيما اعتقل الاخران في الاردن. وكان الضوء سلط على
قضيتهم في تقرير أشمل لمنظمة العفو حول استخدام الولايات المتحدة
"النقل الاستثنائي" وهو عملية نقل من يشتبه في أنهم "ارهابيون" بين دول
معينة بعيدا عن القنوات القانونية الطبيعية.
واقرت الولايات المتحدة باستخدام هذه الممارسات كأداة في الحرب على
الارهاب غير أنها تنفي مزاعم بأنها نقلت مشتبها بهم الى بلدان ليتعرضوا
للتعذيب. وأصرّت على أنها لا ترسل أي معتقل إلى دول قد يتعرّض فيها
للتعذيب.
ويقول المعتقلون السابقون إنهم احتُجزوا لفترة ثلاثة عشر شهرا، قبل
أن يعودوا إلى اليمن، في ما أسموه "المركز الأسود"، وهو مبنى سري
يُعتقد أن "السي . آي. أي" تديره. وقد أعطى اليمنيون الثلاثة معلومات
مفصّلة عن تغيّر الطقس وساعات الطيران، مما حمل "آمنستي" على الاعتقاد
بأنهم كانوا معتقلين في جيبوتي وأفغانستان ومكان ما في أوروبا الشرقية،
بالرغم من عدم إمكانية الجزم في الموضوع. ويقول مراسل بي بي سي "روب
واطسون" إنه بالرغم من أن التقرير انتقد بشكل كبير تعاطي الولايات
المتحدة مع الموقوفين، غير أنه لم يذكر أنهم تعرّضوا للتعذيب على يد
سجّانيهم الأمريكيين. ولم توجه لأي من الثلاثة أي تهمة متعلّقة
بالإرهاب. ويتّهم التقرير الولايات المتحدة باستعمال شركات طيران مهمة
لنقل الأفراد إلى دول واجهوا فيها التعذيب.
وتقول "آمنستي" إنها تملك بيانات بحوالي 100 رحلة لطائرات تستخدمها
الوكالة الدولية تحت إسم شكلي معظمها مرّ فوق فوق المجال الجوي
الأوروبي. كما كشفت "آمنستي" أنها تمتلك معلومات عن حوالي 600 رحلة
لطائرات تستخدمها الـ"سي. آي.أي" بشكل مؤقت.
وتقول الأمينة العامة لـ"آمنستي" إيران خان: "هذا الدليل الأخير
يُظهر أن الولايات المتحدة تستغل اتفاقات تجارية لنقل أشخاص و هو ما
يشكّل انتهاكا للقانون الدولي". اما الحكومة الأمريكية، فتقول إن نقل
المشتبه فيهم يتم وفقا للقانونين الأمريكي والدولي. إلا أن "آمنستي"
تشير إلى أن الـ"سي. آي.أي" تستغل وجود اتفاق خاص يسمح للطائرات الخاصة
بأن تحطّ في مطارات أجنبية من دون إعلام السلطات المختصة، بعكس بقية
الحكومات أو الطائرات الحربية".
ويرى النقاد أنه من الصعب إثبات هدف تلك الرحلات ويشيرون إلى أن
الطائرات قد تكون قد استًخدمت من قبَل السي. آي.أي لنقل مسؤولين. وتقول
"آمنستي"إنها ربطت بين تلك الرحلات والأشخاص الذي تمّ ترحيلهم بشكل غير
شرعي. وقد حذّرت المنظمة من أن بعض الحكومات قد تجد نفسها "شريكة في
انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان" وحثتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة
لمنع الترحيل.
ونفت واشنطن مراراً نقل مشتبهين بالإرهاب من دولة إلى أخرى لتحاشي
القوانين الدولية والمحلية التي تحظر التعذيب.
وقالت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، أيرين خان، إن الإدارة
الأمريكية حاولت التملص من القوانين التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة،
بطرق شتى، وأن أحدث الأدلة تظهر كيفية تلاعب واشنطن بالترتيبات
التجارية للتمكن من ترحيل أشخاص في انتهاك للقوانين الدولية.
أضافت خان قائلة "الوقائع تعكس المدى الذي ذهبت إليه الحكومة
الأمريكية للتكتم على عمليات الاختطاف هذه."
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى امتلاكها لبيانات قرابة ألف رحلة ترتبط
بصورة مباشرة مع جهاز الاستخبارات الأمريكي، استخدمت غالبيتها الأجواء
الأوروبية.
ويذكر أن الحكومة البريطانية أشارت في مارس/آذار الماضي إلى توقف
طائرات خاصة، تعتقد الأحزاب البريطانية إنها تدخل في إطار برنامج CIA
لنقل المشتبهين بالإرهاب إلى دول تسمح بتعذيبهم، في حقول جوية عسكرية.
|