الجزائر تصارع ازمة الاسكان نتيجة لسياسات مركزية

مثل ملايين من الاسر الجزائرية تنتظر جاهدة عزيز (43 عاما) وزوجها عمار (50 عاما) منذ ما لا يقل عن 20 عاما لشراء شقة خاصة.

وعلى مدار سنوات كانت قلة المساكن سببا لتوترات اجتماعية ورغم عوائد صادرات النفط الضخمة غير المتوقعة وخطة حكومية لبناء مليون وحدة جديدة بحلول عام 2009 تقف مجموعة من العقبات في طريق الحل.

وتقول جاهدة "لا أعرف ما اذا كانت أسعار الشقق باهظة جدا أم ان اجورنا منخفضة للغاية. ولكن لا يمكنني شراء شقة قيمتها 25 الف دولار بدخل يقل عن 200 دولار في الشهر."

وتستأجر جاهدة وعمار وأولادهما الثلاثة شقة مكونة من حجرتين للنوم في مدينة زرلدا الساحلية على بعد 50 كيلومترا غربي العاصمة الجزائر.

وادرج اسم جاهدة على قائمة الانتظار لشراء شقة تدعمها الدولة ربما تتكلف ثلاثة الاف دولار في اطار برنامج اسكان حكومي ولكنها لا تعلم الى متى ستنتظر.

وتتكرر معاناة جاهدة كثيرا في ثاني اكبر دول القارة الافريقية مساحة وهي من أكثر التحديات الاجتماعية حساسية.

والامر شديد الخطورة نظرا لان توفير الوظائف وتحسين ظروف الاسكان والصحة والتعليم عوامل اساسية لتحقيق الاستقرار في مجتمع لايزال يعاني من اثر عقد من العنف في حقبة التسعينات.

وسقط 200 الف قتيل ضحية اعمال العنف بين قوات الامن والجماعات الاسلامية المسلحة وتقدر الخسائر المادية بعشرين مليار دولار.

وتم احتواء اعمال العنف الى حد كبير ولكنها لازالت تندلع من ان لاخر في مناطق في الريف. وساعدت حالة الغضب من عدم تلبية الحكومة لمطالب المواطنين ونقص الوظائف وسوء الخدمات الاساسية في حشد مساندة اكبر للجماعات المسلحة في اوائل التسعينات.

ويقول جزائريون ان الوضع الاجتماعي لم يستقر بعد وان هناك نقصا في الوظائف الجديدة وتندلع أعمال الشغب اسبوعيا في بعض المناطق بسبب سوء الخدمات ومن ثم فان هناك حاجة عاجلة لتحسين الاوضاع.

ويقول الخبراء انه على الاسرة المتوسطة ادخار كل دخلها لمدة تسعة اعوام حتى تجد السكن المناسب.

وجاء في نشرة لمجموعة اوكسفورد بيزنيس "يبدو ان ازمة الاسكان ستلاحق البلاد لسنوات. من المحتمل ان تتسع الفجوة بين العرض والطلب كثيرا."

وقال محمود بلحمر الاستاذ الجامعى والكاتب في صحيفة الخبر اليومية "الضغوط الاجتماعية لقضية الاسكان شديدة. تتكرر اعمال الشغب في جميع انحاء البلاد. سئم المواطنون الاوضاع. يريدون مساكن ووظائف وحياة افضل. ويريدونها الان."

ويرجع محللون مشكلة الاسكان لسيطرة الحكومة على الاراضي والاسكان والتي ترجع لسياسات اقتصادية مركزية على غرار النظام السوفيتي والتي بدأ تطبيقها عقب الاستقلال عن فرنسا في عام 1962.

وفي عام 2005 ذكرت دراسة للبنك الدولي ان القطاع العام لا يستغل الاراضي التي يمتلكها بفعالية وحث الجزائر والدول الاخرى في شمال افريقيا على تخفيف اللوائح الصارمة لادارة الاراضي وتقليص ملكية الدولة لها.

ويقول مسؤولون حكوميون ان الجزائر ينقصها 1.5 مليون وحدة سكنية اذ يتم بناء 130 الف وحدة سنويا بينما تتكون 500 ألف اسرة جديدة سنويا.

وتحاول الجزائر تشجيع نمو قطاع الرهن العقاري الناشيء ولكن البيروقراطية وسلبيات سوق التأجير والمزايا الممنوحة لاجهزة عامة للتمويل وتنمية الآراضي لازالت تبعد القطاع الخاص.

والنتيجة ازدحام شديد ومساكن دون المستوى واسألوا رشيد الذي يعيش مع اسرته في حي عشوائي قرب قليا على بعد 35 كلومترا شرقي العاصمة الجزائر. فالحي الذي يقطنه مكون من اكواخ مصنوعة من الواح من الحديد المموج تخدمها شبكات مياه وكهرباء وصرف بالغة السوء ان وجدت.

ويقول "اعيش مع زوجتي وابني البالغ من العمر ستة اشهر ووالدي في شقة مساحتها 30 مترا مربعا. دخلي منخفض جدا حوالي 120 دولارا شهريا."

ولا تعاني خزانة الدولة او البنك المختص بتمويل بناء المساكن من عجز مالي.

وتحصد الجزائر 45 مليار دولار سنويا من صادرات الطاقة ويملك البنك سبعة مليارات دولار لتمويل بناء منازل جديدة.

ولم يكن نقص المال المشكلة الحقيقة على الاطلاق.. فالى جانب ضعف القواعد التنظيمية لسوق العقارات تفتقر البلاد لقوى عاملة كفء لبناء مساكن جديدة وتستعين بعمال من الصين لانجاز الجزء الاكبر من اعمال البناء.

ويقول مسؤولون ان الجزائر تستعين بشركات بناء اجنبية لعدم وجود شركات على المستوى المطلوب.

وقال جميل بيسا الرئيس التنفيذي للبنك المسؤول عن تمويل بناء المساكن ان البنك لديه سبعة مليارات دولار ولكنه يفتقر لامكانات محلية لتلبية الطلب المتزايد على المساكن واضاف انه ليس هناك بديل للتعامل مع الشركات الدولية لحل أزمة الاسكان.

وأضاف أن الطلب كبير ومتوسط عمر السكان يشير الى وجود عدد كبير من الشبان وكلها عوامل جيدة لاجتذاب شركات اجنبية.

وحتى الان لم تجتذب الجزائر سوى عدد قليل من الشركات ويقول المسؤولون التنفيذيون في شركات البناء الاجنبية سرا ان قطاع الاسكان غير جذاب لان الحكومة تفرض قواعد بيرواقرطية للتسعير.

ويقول الخبير الاقتصادي سواليلي حافظ "الحل هو فتح السوق بالكامل امام المنافسة مما يؤدي لانتظامه تدريجيا. ربما ترتفع الاسعار في البداية ولكن اثق بانها ستنخفض على المدى المتوسط."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  6/نيسان/2006 -7/ربيع الاول/1427