باحثة مصرية ترى ان ختان الذكور جزارة ارتبطت بالمجتمع الذكوري وان الاسلام لا علاقة له بالختان

بقليل من التواضع ترى طبيبة مصرية أن كتابها عن ختان الذكور رائد في مجاله رغم الإهداء الذي توجهت به الى أربعة مصريين منهم نوال السعداوي وجمال البنا باعتبارهما من المبادرين الى إثارة هذه القضية.

ومنذ الصفحات الاولى للكتاب تقول سهام عبد السلام ان معظم الذين يناهضون ختان الإناث يصمتون حين يتعلق الأمر بختان الذكور حيث يتم تشويه الجسد باسم العرف والتقاليد في عملية لم تثبت فوائدها الصحية بل لعبت فيها السياسة دورا منذ وعد الإله بني اسرائيل بمنحهم أرض كنعان بعد اختتانهم.

وتضيف في كتاب (ختان الذكور.. بين الدين والطب والثقافة والتاريخ) كما نقلت رويترز أن الختان هو الجراحة الوحيدة التي يقررها غير المتخصصين في الطب وهم أولياء الأمور حيث يقول الاطباء في تبرير إجرائه انهم ينفذون طلب والدي الطفل ويخفون عن الأهل معلومات عن أضرار الختان والوظائف الحيوية للجزء المبتور في حين يقول والدا الطفل انهم يريدون للابن أن يختتن لان الاطباء ماداموا يجرون الختان "فلابد أنه مفيد. فالطرفان يتحالفان لاجراء الختان لانه مقبول اجتماعيا."

وصدر الكتاب بالقاهرة عن دار رؤية للنشر والتوزيع في 381 صفحة متوسطة القطع.

ويقدر الكتاب أن عدد من يختتنون سنويا على مستوى العالم 13.3 مليون ذكر مقابل مليوني أنثى. ويتساوى الطرفان في صغر السن بحيث لا يملكان القدرة على الرفض أو الدفاع عن النفس.

وتقول الباحثة انها منذ تخرجت عام 1972 وهي تشاهد الصدمة العصبية للذكور أثناء اجراء العملية التي وصفتها بأنها ليست جراحة بل جزارة لا مبرر لها في حق طفل سليم مشيرة الى أن الجزء الذي يتم استئصاله يتكون مجهريا من طبقات من الانسجة الغنية بالاوعية الدموية والاعصاب الحسية كما توجد بها خلايا مناعية تقي الجسم عند تعرضه لتلوث أو عدوى ميكروبية.

وتسخر من الذين يبررون الختان بأسباب صحية مشيرة الى أن الاطباء يحاولون اضفاء طابع صحي على فوائد الختان الذي يقولون انه يقي على التوالي من السرطان والتهاب المسالك البولية وأخيرا مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) وفي هذا اثبات أن "الختان ليس جراحة رشيدة ذات قيمة علاجية واقعية لمرض بعينه بل هو جراحة تبحث عن مرض.. أو مبرر."

ولم تنشط حركة مصرية مؤيدة لما تدعو اليه المؤلفة من المثقفين أو الاطباء أو رجال الدين الذين قالت انهم يعظون الناس ضد ختان الاناث في حين يشددون على ضرورة ختان الذكور.

وشهدت مصر منذ انعقاد مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة عام 1994 نقلة نوعية في حملات التوعية التي تستهدف منع ختان الاناث حتى أطلق البعض على المؤتمر آنذاك بشيء من التهكم (مؤتمر الختان).

ورغم الانحياز المضاد الذي ربما يستولي على القارئ قبل الشروع في القراءة فان الاستعراض الذي تقدمه المؤلفة حول القضية موضع الدراسة يُعد سياحة ذهنية مُمتعة وصادمة في الوقت نفسه في علوم الطب والانثروبولوجيا والأساطير والأديان والاجتماع.

وتقول الباحثة ان المؤسسة الطبية في العالم الحديث ورثت الدور الذي لعبه الكهنة والسحرة ورؤساء القبائل فيما يخص الختان في المجتمعات القديمة.

وتضيف أن القيمة الصحية لختان الذكور مجرد أوهام مشيرة الى قول الطبيب الامريكي جورج دينيستون ان الختان "وباء يسببه الأطباء" الذين قال انهم يستفيدون نفسيا من هذه الجراحة لتخفيف شعورهم بالأذى الذي تعرضوا له حين أُجريت لهم العملية في الصغر.

ويرى باحثون اخرون أن الختان في المجتمعات الامومية "لم يكن فرضا الا على الذكر الذي يجامع الملكة الكاهنة. ومثلما تحول التدخين من طقس مقدس يمارسه الكهنة الى نشاط دنيوي يمارسه الصفوة ثم الى عادة يمارسها عامة الناس تحول الختان أيضا من طقس ديني للخاصة الى طقس دنيوي عام."

وتربط سهام عبد السلام بين عادة الختان وفكرة التطهر من دنس ما مُشيرة الى أن الاسم الشائع في مصر لختان الجنسين هو "الطهارة" للإيحاء بتخليص الفرد من الدَنس.

وتستشهد بجهود الباحث القانوني الفلسطيني سامي الديب أبو ساحلية ومنها كتاب (ختان الذكور والاناث عند المسلمين واليهود والمسيحيين.. الجدل الديني) ومقال (التشويه باسم ياهوه أو الله) حيث يرى أن الموقف من الختان "تطور من فرض في التوراة الى إفراغ مضمونه المقدس في الانجيل الى السكوت عنه تماما مع التأكيد على فلسفة كمال الخلق في القرآن."

وفي رأيه أن ما جاء في سفر التكوين بالتوراة حول أمر الإله للنبي ابراهيم بأن يختتن هو وأبناؤه كان دالا على عهد بمنحهم أرض كنعان واعتبارهم شعب الله المختار الذين يتعرف عليهم بعلامة الختان.

ويعلق قائلا ان هذا العهد "تسييس لعملية جراحية... القران لم يذكر الختان اطلاقا... اليهود الذين تنصروا فشلوا في ادخال الختان الى الفكر المسيحي لانهم لم يكونوا مركز قوة في الدولة الرومانية لكن اليهود الذين أسلموا نجحوا في ادخال الاسرائيليات الى الفكر الاسلامي لانهم كانوا مركز قوة ثقافية ومادية في الجزيرة العربية وما حولها في صدر الاسلام."

كما يذكر جانبا اقتصاديا تاريخيا لهذه العملية حيث يقول ان والي خراسان اقترح على الخليفة عمر بن عبد العزيز أن يشترط ختان من يسلم من أهلها حتى لا يستسهلوا الاسلام فيقل دخل بيت المال من الجزية المفروضة على غير المسلمين فكان رد الخليفة أن "الله بعث محمدا هاديا ولم يبعثه خاتنا."

وتقول المؤلفة ان بعض اليهود منذ قرون يدركون أن الختان أداة تحكم قاسية في النزعات الجنسية للطفل حتى أن الطبيب الفيلسوف اليهودى موسى بن ميمون الذي عاش في الاندلس (1135 - 1204 ميلادية) ذكر أن الختان لا تأثير له على التناسل لكنه يهدف الى اضعاف القدرة الجنسية للذكر.

وتنوه المؤلفة بجهود كتاب مصريين في رفض الختان ومنهم عصام الدين حفني ناصف ونوال السعداوي وجمال البنا شقيق مؤسس جماعة الاخوان المسلمين حسن البنا ومحمد عفيفي الذي يرى أن الختان "تجسيد لسادية الكهنة وأنه تجسيد عبري جديد للالهة الدموية القديمة التي توقف عندها خيال الانسان البدائي."

كما تشير الى أن بعض رجال الدين الاسلامي توصلوا الى أن الاسلام لا علاقة له بختان الذكور ولا الاناث وأبرز مثال على ذلك كتاب (الختان في الشريعة اليهودية والمسيحية والاسلامية.. لا ختان للذكور في دين الاسلام) للاستاذ بجامعة الازهر أحمد حجازي السقا.

والجدير بالذكر ان باحثين أمريكيون وأوغنديين ذهبوا الى ان ختان الذكور الذي اتضح أنه يقي الرجال من الاصابة بالفيروس المسبب لمرض الايدز يقي النساء منه أيضا فيما يبدو.

 ووجد الباحثون ان ختان الذكور قلل عدوى المرض بنسبة 30 في المئة لدى شريكاتهم. وقال أحدهم ان الاختلاف ربما يعزى الى تكوين قلفة القضيب التي تزال في الختان.

وقال الباحثون امام مؤتمر عن مرض الايدز في دنفر ان الختان قلص كذلك خطر الاصابة بأمراض أخرى تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية مثل الوحيدات المشعرة (تريكوموناس) والبكتريا المهبلية.

ورأس الباحث توماس كين من جامعة جون هوبكنز في بالتيمور فريقا درس حالات 12 ألف متطوع في راكاي باوغندا. وكانوا يدرسون انتقال فيروس (اتش.اي.في) المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الايدز).

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  5/نيسان/2006 -6/ربيع الاول/1427