بقي الجعفري  وسقط مناوئوه

حسين ابو سعود

الأحداث تتسارع والعراق يحترق والدماء تسيل ، والتاريخ لا ولن يرحم أحدا أبدا، كل ذلك لان أصحاب الشأن لا يريدون للديمقراطية أن تترسخ في العراق، ولا يريدون أن يحكَموا العقل والمنطق في التعامل مع القضايا ، والظريف ان البعض يطالب  الدكتور إبراهيم الجعفري بالتنحي لان التمسك بحقه هو نوع من الأنانية ، مع إن الأنانية الكبرى هي أنانية الذين لا يسلمون بالأمر الواقع ولا يريدون للبلاد أن تسير وفق نسق واضح مبني على العدالة والديمقراطية ، والأظرف من ذلك هو انه لم يجرؤ احد لحد الآن على اتهام الجعفري  بتهمة تنطبق عليه ولو بنسبة ضئيلة ، إذن لماذا معارضة تعيينه رئيسا لوزراء العراق ؟، وغاية ما يقال  في هذا الشأن هو  ان الرجل فشل في إدارة البلاد خلال فترة ولايته التي امتدت لستة أشهر أو أكثر ، والجواب هنا هو ان معارضة الجعفري  لم تبدأ من الآن حتى يقال انه فشل أم لم يفشل فقد بدأت المؤامرات عليه منذ تسلمه المنصب لأول مرة أو قبل ذلك أيضا ، وقد كتبوا عنه العجائب والغرائب وطعنوا في شخصه ونسبه وشهاداته ولكن هذه الطعنات  ارتدت إلى مصادرها لأنها كانت  نابعة عن حسد وضغينة  وحقد دفين وما كان للشيطان لا ينموا أبدا ولم يبق إلا أن يكتب البعض عن الجعفري  انه أثرى على حساب الشعب العراقي فاشترى الأراضي المحيطة ببرج إيفل والفنادق المواجهة لحديقة هايد بارك وبعضا من بنوك طوكيو أو يقال انه أيتم العيال وقتل الرجال وانه هو سبب المقابر الجماعية ، نعم توقعوا ذلك  ، ألم يقل البعض بان الجعفري جاء بالفقر إلى العراقيين وانه نشر الفساد الإداري والمالي في العراق وقد شبهه احدهم مرة بصدام حسين  ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كم حاول المناوئون  إسقاط حكومة الجعفري  قبل الأوان  وقد طالبه البعض بتقديم الاستقالة حين ظهور نتائج الانتخابات وفوز الائتلاف العراقي الموحد حتى يقال ان حكومة الجعفري سقطت أو استقالت قبل انتهاء ولايتها ، ولكن الله أبى ذلك عليهم .

ان سقوط الحكومات لايشكل عارا على الحكومات دائما و التاريخ يحدثنا بان الأشرار اسقطوا الكثير من الخيرين، والجعفري ليس أولهم ولن يكون آخر الخيرين ، وان من لم يرض على القديسين والصالحين كيف يرضى عن الجعفري ولماذا ؟.

ولعله من الضروري  لمن توهم بتمسك الجعفري بالمنصب أن يعلم بان الجعفري لم يتمسك بالمنصب وإنما تمسك به الائتلاف العراقي الموحد باعتباره حقا مشروعا وتمسكت به الديمقراطية ( المذبوحة) وعلى المخالفين أن يتمسكوا به أيضا ولو لفترة حتى تنجح التجربة  الوليدة وتنطلق الديمقراطية في مسيرتها المباركة .

الحق ان الجعفري قد تسرع عندما قبل  بمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية  وقد  قلت ذلك في حينه وكم كنت أتمنى لو لم يرشح الجعفري نفسه لرئاسة الحكومة الانتقالية  و ينتظر هذه الساعة دون تحمل مسئوليات البلاد في وقت يمسك كل واحد من السياسيين  بمعول يهدم به الوطن ، لان الوزارة المؤقتة عبارة عن مذبح  يحتاج إلى قربان، وكان يمكن له أن يقدم غيره وينتظر هو نتائج الانتخابات الجديدة التي كانت تأتي بالائتلاف إلى الواجهة  لا محالة وفق التوقعات ، خاصة ان رئيس وزراء مؤقت لا ولن يستطيع في دولة معقدة مثل العراق أن يحقق شيئا خلال ستة أشهر  وسقوطه سيكون محققا .

وأما قد حدث ما حدث وجرت انتخابات تشريعية جديدة  في البلاد وظهرت نتائجها فان على الجميع القبول بها وعلى الجعفري أن يتمسك بحقه وعلى الائتلاف دعمه في ذلك ، وأما ما يقال عن سوء الأوضاع في عهده فانه لا يتحمل مسئوليتها البتة لأنه لم يشكل وزارته بمحض إرادته ولم يختر وزراءه بنفسه وإنما فرضوا عليه فرضا وليس من الإنصاف أن يتحمل مسئولية ما اقترف هؤلاء من إهمال وتجاوزات .

فيا أيها الناس دعوا الجعفري يشكل حكومته واحجبوا عنه الثقة إن أردتم في البرلمان بعد سنتين أو أكثر أي بعد أن يُعطى فرصة كافية لإثبات قدرة حكومته على الإمساك بزمام الأمور ، وما أقوله هو دفاعا عن الحق  وليكن دفاعا عن الجعفري الذي لا اعرفه شخصيا ولم التق به قط  ولا أرجو منه نوالا لأنه قد لا يكون الحاكم المقبل للعراق   ولكني احترمه ويحترمه التاريخ لأنه رجل شريف ونظيف وعفيف ، وأقول للجعفري: لقد بدأ الامتحان  الحقيقي وسيكون عسيرا ولقد خرجت أيها الجعفري من جهاد لتدخل في جهاد اكبر ولكن من نوع آخر وصدام لم يسقط نهائيا وكان الله في عونك سواء حكمت أم تنحيت....

aabbcde@msn.com

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  5/نيسان/2006 -6/ربيع الاول/1427