على هامش الإجتماع الرباعي للمرجعيات الدينية في النجف الأشرف
إجتماع ضمَّ المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني إلى جانب كلّ
من المراجع : السيد محمد سعيد الحكيم والفياض وبشير النجفي، وذلك عقب
الجريمة البشعة للإرهاب الأجنبي الوارد من خارج العراق والتي طالت في
شهر محرم الحرام مقدسات المسلمين والعرب والعراقيين بتفجير ونسف القسم
الأكبر من مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام في
سامراء.
إجتماع المراجع الأربعة حفظهم الله لم يكن قصيراً كما لم يكن رسيماً
او بروتوكولياً او عادياً وكان التأثر والنقاش المتبادل ملموساً عبر
الصور التي بثتها الفضائيات، وما كان لذلك الإجتماع إلا أن ينعقد وبتلك
المواصفات الإيجابية لأنّ إعتداء الاربعاء الأسود طال المقدسات لنشر
الوثنيّة الطائفية فزج العراق في أتون إحترابات لتمزيقه وتقسيمه كخطوة
أولى على طريق تصدير تلك الإحترابات الى المنطقة والدول الإسلامية
لإغراقها في الفوضى والظلام الكامل.
وكان لهذا الإجتماع الرباعي أثره في إمتصاص الإحتقان والوقاية من
الإنزلاق الى الحرب الأهلية الى حد كبير نسبياً، لكن الخطر مازال
محدقاً بالعراق والمنطقة، والعراق مازال على فوهة بركان حرب أهلية
طويلة لا ترضى بأقل من التقسيم والدمار الشمولي الشامل، لأنّ الوثنية
الطائفية سوف لن تتوقف عند هذا الحد من الإعتداء على المقدسات، وخاصة
إذا فشلت في سوق العراق الى الإقتتال والإحتراب الواسع عبر إعتداء
الإربعاء الأسود بل سوف تسعى جاهدة لخنق ذبح لغة العقل والتلاحم
والتهدئة ورموزها الفاعلة في الساحة من هذا الفريق أوذاك، فالمطلوب عدم
حصرإجتماع المرجعيات لمعالجة ما وقع ولتشمل الوقاية والعلاج في
إجتماعات دورية منتظمة الى جانب الإجتماعات الإستثنائية لمناقشة ما في
شأن المرجعية ودورها وثقلها الروحيّ والتوجيهي الكبير للأمة، وبعيداً
عن يوميات السياسية كما هو المألوف والمعهود منها لأنّ قاعدة كل مرجع
ديني إنّما انتخبت بحرية مطلقة وبصورة لا مركزية وغير رسمية ذلك المرجع
لكي ترجع اليه في أمور محددة وواضحة، وكان خيار الناس التعدد في
المرجعيات، فلابد لتلك المرجعيات من إجتماعات للتنسيق والتشاور الفاعل
المتواصل، ولا سيما في الظروف الحرجة الصعبة الراهنة، وفي الوقت الذي
تلمسنا بوضوح اكثر وحدة الموقف وتلاحمه منذ سقوط الطاغية الضم صدام
وحتى اليوم، ولا سيما إتفاقها على مبدأ الدولة المدنيّة غير المتعارضة
مع الإسلام، والذي يعتبر قفزه نوعية في الفقه النظري والعملي تستحق
التوقف والدراسة المقارنة.
حقاً تلك المقومات الذاتية الأصلية والمتمثلة بالحرية المطلقة
لانتخاب المرجع وبشكل لا مركزي وشعبي وغير رسمي والتي تضمن تعددية
المرجعيات وإستمرارتيها الى جانب الإقتدار الذي يتميع به فقهنا في
مسايرة المستجدات ومواكبة الحداثة والإعداد لعصر ما بعد الحداثة القادم
بسرعة كبيرة وإضافة الى التحديات الكبيرة والظروف العصيبة و...، كل ذلك
يستدعي تجسيداً متواصلاً ومن العيار الثقيل لعناصر القوة هذه والخطوة
الأولى هي أمثال هذه الإجتماعات للمرجعيات التي ستمنح التأثيرقوة
وزخماً كبيراً متناسباً مع حجم التحديات المتصاعد.
معهد الإمام الشيرازي الدولي
للدراسات – واشنطن
www.siironline.org |