عندما يطفح كيل جبن الأنظمة العربية أمام كل التهديدات والمآزق
السياسية والاقتصادية والأمنية وما هنالك من مجالات تحطم كرامة
الإنسان العربي، أول ما تزحف إليه جرا فات السياسة العربية هو منطق
القمم والسفوح الذي ألفناه من عهد عبد الناصر إلى يومنا هذا، والعاهل
لهذا كله الجامعة العربية حرز الاستخبارات البريطانية للعرب، حتى لا
يغيروا من شأنهم.
واليوم جاء دور الخرطوم لترمي سهمها بين سهام العرب في سوق عكاظ
للكلام السياسي، وترعى السياسة واليناصيب مع الغرب الإمبريالي، لذلك إن
كنت ترجو منها شيئا فأنت لست بعربي أصيل ولكنك عربي مستهجن ومستحمر
ومارق عن الإنسانية والمسيحية الصحيحة والإسلام الصافي...قد تتساءل
لماذا؟
لأن الإنسانية والمسيحية وتحديدا الإسلام-بمقتضى أنه ديني- لا
يتعامل مع الشاذ والهجين والدوغمائي، ولكنه يتعامل مع الإنسان الواضح
الصريح الواعي، الذي حدد أطر حياته، بينما الغالب من أهل العاربة
والمستعربة، يصولون ويجولون في أحضان الأوهام التي شكلها لهم الغرب
الإستكباري، فبدلا من أن يعتبروا، للأسف استحمروا... لدرجة أن منهم
بالمشرق العربي ومغربه يتحدث بمنطق القومية العربية، التي أساسا لا
تحترم اللغة العربية ولا حتى تاريخها الثقافي وخصوصا المشرق والحضاري
منه الإسلامي، ذلك الإسلام الدين العالمي الذي انتشل العرب من براثين
التخلف والعربدة والجهل والتعصب والرضوخ أمام روما والمدائن وبث فيهم
الوعي بالخبث اليهودي الذي يتاجر بمصائرهم ويتحكم في ثرواتهم...،
الحقيقة مرة فعلا والصلاة والسلام على أمير المؤمنين عليه السلام
العربي المؤمن البطل الصادق التقي الورع مهما مدحته فلن تعطيه حقه إنه
إمام المتقين ووصي الصادق الأمين، الذي قال عليه السلام : ما ترك لي
الحق من صديق....
من هنا سوف ننطلق لنطل على عالمنا العربي والإسلامي في آن واحد -
أقول العربي والإسلامي لأن العرب بدون إسلام مآلهم واضح ومعروف للرفيع
والداني، العودة لما قبل الإسلام - على كل حال الملاحظ أن لمعظم الدول
العربية علاقات مع الغرب سواء أمريكا شرطي العالم أو دول الاتحاد
الأوروبي وكذلك سرطان العالم، لكنها علاقات وهمية وعبودية لغير الله من
الهوى حتى بلوغ الإستكبار العالمي بكل صوره وأشكاله، علاقات تخدم مصالح
الغرب والصهيونية على حساب أمن وكرامة وحقوق الإنسان العربي، ورغم كل
هذا، نجد هذه العلاقات جد ممتازة، بين الفينة والأخرى تزور كندوليزا
المرأة النووية ورامسفيلد ودي فليبان الفرنسي وسترو البريطاني وأحبار
تل أبيب، رجالات السياسة بالخليج والمغرب العربيين ليؤنسونهم في
وحشتهم لأزقة واشنطن وباريس ولندن، إنها صداقة حميمية ليست غريبة
ولكنها نتنة، تفوح منها رائحة الخيانة والسمسرة والجبن بأنصع معانيها
لأنها تورث الفساد والاستضعاف.
بعد هذا ترى هل قياصرة العرب على حق- لا ورب الكعبة – إنهم على باطل،
لأن عدوهم جعلوه صديقا وصديقهم تركوه وحيدا، صديقهم (شعب العراق، وشعب
فلسطين ومحنة لبنان وقحط مصر وانفراد إيران في صراعها من أجل توازن
القوى في المنطقة...)
أيها الإنسان العربي المؤمن بالحق الأوسع والأرحب الذي يغني
إنسانيتك ويركز مسؤولياتك في الوجود وينظم حركتك في العالم بالخير
والإصلاح، ليس هناك مخرج مما أنت فيه إلا بالعودة –للاعتبار-إلى
الأصالة التاريخية التي صنعت ذات يوم المجد الذي أفسده المارقون
والقاسطون والباغون على الحق الذي جاءهم، بعبارة وحيدة: لا يصلح عرب
اليوم إلا بما صلح أوائلهم...العودة للإسلام الصافي النقي الذي لم
يترعرع في محاضن الملوك والرؤساء وأصحاب الفخامة الظالمون لأنفسهم
ولشعوبهم، الإسلام الذي يجعلك تقول للظالم "لا" دون وجل أوخجل...
أوصيك أيها العربي أن تكون عربيا كعلي عليه السلام الذي طلق الدنيا، لا
كمعاوية طالب عز وجاه ومال لنفسه وأهله على حساب رقاب الناس،كن
المسلم الذي يهذب عروبته لتشرق على الإنسانية بإسلامها، ولنا في القرآن
بصائر بالعربية السمحة...هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون،
فتبارك الله أحكم الحاكمين.
(*) كاتب وباحث في علم اجتماع
الإسلام
برلين -ألمانيا
ali2145000@yahoo.fr |