تأملات الإنسان إلى ذاته بهذا العصر

- الطموحات والأحاسيس –

اعداد: قسم المتابعة

يجيء الإنسان إلى الحياة وهو يعتمد في تلبية حاجاته إلى ذويه (الأب والأم) أو من يقوم بمهامها بالنسبة لمن فقدوا ذويهم أو فقدوا أحد الأبوين حتى إذا وصل الإنسان إلى عمر المراهقة فيبدأ التفكير لديه يتجه إلى الإحساس لعمل شيء ما كي يثبت طريق استحصاله هو بنفسه لمعيشة كريمة فإذا ما خدمه (الحظ) في عمر الشباب فتزداد تأملاته للتفكير بتحقيق ذاته (مهنة ذات شأن، عائلة سعيدة، مستقبل اجتماعي..الخ).

وبذا فالإنسان ضمن تفكيره الطبيعي هو جامع فعلي لما يطمح من الوصول إليه من أقصر الطرق ولكنه يلاحظ أن تحقيق ذاته في المجالات المشروعة عملياً التي يرغب أن تكون له غالباً ما تصطدم بعوائق نظراته للأمور التي يأخذ حسابها لما يسوقه القدر إلى وضع ربما تكون تكبلاته المعيقة لتحركه نحو الظفر بمستقبل مشرق هي مسألة غير قادرة عليها لدرجة أن تقادم العمر يجعله في حالة هجران عن العديد من طموحاته المشروعة وبالذات إذا ما وقف عامل تهديده بـ(المجاعة) كتمثال ند له لن يستطيع إزاحة فعله مهما أوتي من قوة تفكير يضاف لذلك شعور المرء بكرامته شعوراً عالياً مما يجعله متحفظاً على العديد مما يصادفه يومياً بما في ذلك درجة كرامته التي تجعله غير متنازل عن أسسها لأي شخص أو جهة مهما كان نفوذ أحدهما مؤثراً على الواقع.

إن الدور الرئيسي الذي يعتبر قاتلاً للكثير من الانطلاقات الإبداعية هو تسخير نكائدية الصدفوية في تصعيب استحصال (الرزق الحلال) والذي بسببه يعترف الناشئة والعديد من الكبار المخالفات والمجازفات حتى بكرامتهم وسمعتهم كما هو الانطباع العام المُقرِّ اجتماعياً لدى كل مجتمع تقريباً.

وإذ تبقى مسألة المجالات التي تبدو مغلقة أمام ذوي الطموحات العادية سارية المفعول فهذا ما يزيد دراما التوجهات.. انعطافاً إلى كون المشهد الأخير في الظفر بشيء كبير مسألة قد تحتاج إلى معجزة في زمن اللامعجزات هذا وفي ظل علاقة الإنسان المقلقة مع ذاته أكثر مما هي مع الآخرين بسبب انشغالات الناس اليومية الكثيرة للإنسان المعاصر حتى بأشياء تافهة في معظم الأحيان.

لقد جاء هذا الزمن الذي يتقدم بخطوات هائلة في معظم مجالات الحياة ويتيح فرص التطلع لتلك الخطوات التي لا يظفر بالسير في ركابها إلا المحظوظون (إذا جاز التعبير) ولذا نرى أن أشياء روحية ومعنوية كثيرة أضحت على طريق الزوال ما لم يتم تداركها بوقت مبكر كـ(ضرورة) الحفاظ على الروابط العائلية الجيدة وعلاقات الصداقة الحقة التي هي الأخرى تتعرض إلى مزيد من الحصارات رغم تقريب أجهزة التكنولوجيا الخاصة بالاتصالات للناس إينما كانوا إذ لا يغفل أن اقتناء أجهزة الاتصالات الحديثة ما تزال حلماً لدى الكثير من الناس اللاميسورون مالياً أو من ذوي الدخل المحدود الذي لم يعد يلبي الطلبات الخاصة بتوفير العيش الكافي والمكتفي والمرء الذي يلمس أن كل هذه الإحاطات التي تشمله في جزء كبير أو صغير منها يحس بتأثيراتها عليه حتى إذا كان متمكناً لاقتناء ما يريده لكنه يعلم جيداً أن أناس نظراء له بالخلق غير قادرون على شراء الحد الأدنى من الحاجات التكنيكية العصرية وهذا ما يجعل الناس الأسوياء يفكرون في تأييد السياسات الاجتماعية الكفيلة برفع مستوى الدخل والعيش ومستوى العلاقات الإنسانية إلى أعلى فأعلى.

جاء هذا الزمن والإنسان فيه يتأمل ذاته في مقارنات مع ما يمكن استحصاله في حياته فيجد أنه كلما كان أكثر انضباطاً بالأخلاقيات وأقل حماساً لمجابهة الشر بالسلب غدا من الخاصة العاقلة ولعل في انتهاجه إلى ما يناقض ذلك معناه انعتاقه من فطرته الإنسانية المجبولة على الخير وحُب ترك الأثر الطيب والسمعة الحسنة التي يتكلم بها الآخرون عنه وطبيعي فهذا لا ينفي أن يكون الإنسان رقيقاً مع الآخرين ولكن بحدود الذوق المستند إلى الحكمة والعدالة مع الجميع دون تمييز بين قادر أو غير قادر عليه في أي مواجهة حوارية ممكن أن تذيب الجليد في علاقة قد تتحول من خلاف إلى وفاق وإخاء.

وفعالية الإنسان التي تبدأ أولاً من قناعات فكره تضعه تحت دائرة الضوء أمام الآخرين من حيث يدري أم لا وفي حالتي نوع تلك الفعالية (الإيجابية والسلبية) بسبب كون المنافذ اليومية وما تأتي به لا يفكر المرء بمعاييرها مبكراً وهو يمارس سلطته العقلية على ذاته ولعل من أتعس الأفراد هم أولئك الذين يعتقدون أن الآخرين يتربصون بهم الشرور وهذا هو نوع من التخلخل في التفكير الذي يجعل الثقة بالغير وكأنه ملازماً لأي كان دون استثناء.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 1/نيسان/2006 -2/ربيع الاول/1427