الحل: تنحية الطالباني والجعفري معا

محمد محبوب

لم يعد خافيا على المراقبيين إن الأدارة الأمريكية توصلت الى قناعة مؤكدة بإستحالة قيام أي نوع من التنسيق أو التعاون مع احزاب الأسلام السياسي الشيعي التي تقود الإتلاف العراقي الموحد اليوم ومن خلفها المرجعية الدينية في النجف الأشرف ، لهذا تحاول منذ إشهر إصلاح علاقاتها مع النخب السياسية السنية ومحاباة عامة السنة العرب من خلال إطلاق حملات إعلامية حول مايسمى بفرق الموت والتعذيب في سجن الجادرية ودور الميليشيات الشيعية ، ويبدو إن العلاقة بين الطرفين شهدت تحسنا ملحوظا حيث صار السفير الأمريكي زاد صديقا مفضلا عند بعض النخب السياسية السنية وراحوا يطلقون عليه تحببا ( أبو عمر ) في إشارة واضحة الى أصله الأفغاني ( مسلم سني ).

وأشتد الضغط الأمريكي على حكومة الجعفري سواء بصورة مباشرة أو من قناة شركاء الإئتلاف في الحكومة من التحالف الكردستاني حيث أصبحت حكومة الجعفري شبه مشلولة وراح السفير الأمريكي يوجه نقدا لاذعا لوزير الداخلية في تصريحات علنية لوسائل الإعلام ، أحدهما بحضور الدكتور الجعفري نفسه وقد بدا الحرج واضحا عليه وعلى وزير الداخلية ، لكنهما أمسكا عن الرد عليه.

وجاءت أزمة ترشح الدكتور الجعفري لرئاسة الحكومة الدائمة حيث ألتقت الرغبة الأمريكية بإستبدال الجعفري بمرشح آخر حيث تعتقد الأدارة الأمريكية إن الجعفري لايتعاون معها بالقدر الكافي ، ألتقت الرغبة الأمريكية مع التحفظات الكردية على إداء الجعفري في التعامل مع ملف كركوك ، المدينة التي يُثار حولها جدل كثير ، ويطالب بضمها الى أقليم كردستان ، كما ألتقت مع الطموحات السياسية للسيد جلال الطالباني الذي يسعى الى توسيع صلاحيات منصب الرئيس ( البروتوكولي ) من جهة وتقليص الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس الوزراء ( الحاكم الفعلي للبلاد ).

ومن الجدير بالذكر إن الولايات المتحدة التي ترعى العملية السياسية في العراق وأشرفت على كتابة قانون إدارة الدولة المؤقت ، هي التي أُعدت منصب الرئيس البروتوكولي للسنة العرب في محاولة لإسترضاءهم وبالتالي إسترضاء العالم العربي الذي يشعر بالإنزعاج من تغيير المعادلة السياسية في العراق بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين.

ومن هنا فقد حرصت الأطراف كافة على تجريد منصب الرئيس من أية صلاحيات فاعلة كما تم تقييده بنائبين شيعي وكردي وأعتبار الثلاثة هيئة رئاسة موحدة مع أشتراط الأجماع والتوافق في قراراتهم ، وعمل الأمريكان والشيعة والكرد معا من أجل تقييد وضبط منصب الرئيس تحت هواجس إحتمال عودة صدام جديد ، ولم يكن واردا أن يتولى كردي منصب الرئيس ، غير إن مقاطعة السنة العرب للإنتخابات الأولى وتشكيل حكومة مشتركة بين التحالف الكردستاني والإتلاف العراقي الموحد فتح الطريق سالكة أمام تسنم السيد جلال الطالباني لهذا المنصب ، ولعل من مفارقات السياسة العجيبة أن يتقمص السيد الطالباني الدور الذي شارك في رسم ملامحه لغيره وأجتهد في تقليص مساحته ، ولهذا يجد نفسه اليوم بمواصفاته القيادية التقليدية التي أعتاد عليها على طريقة الحكام في العالم العربي وطموحاته السياسية التي نعرف أكبر من هذا الدور بكثير.

كما إن ترشيح الجعفري من قبل الإئتلاف لم يكن قرارا حكيما , وكان ينبغي على الجعفري ومناصريه الإستماع بجدية الى النصائح التي قدمت أليهم حول أهمية أن يحظى المرشح بمقبولية لدى الكتل السياسية داخل البرلمان , وعدم الإستقواء بأكذوبة التحالف الإستراتيجي بين الإتلاف الشيعي والتحالف الكردي , نقول كما إن ترشيح الجعفري لم يكن قرارا صائبا ، فأن تسنم مام جلال منصب الرئاسة سيكون قرارا كارثيا ، الأثنان لايصلحان لإدارة البلد في ظل هذه المرحلة العصيبة ، لقد فشلا في مهمتهما وحصدا سخط الناس والأصح تنحيتهما معا ، وذلك أحفظ  لماء الوجه من قبل الإتلاف والتحالف معا.

أما إذا صحت الأنباء حول موافقة قائمة الإئتلاف على تقييد صلاحيات منصب رئيس الوزراء عبر مايسمى بمجلس الأمن الوطني وهو يشبه مجلس قيادة الثورة المنحل في صلاحياته فضلا عن لجان وزارية ( مجالس وزارية مصغرة ) تشارك فيها الكتل السياسية الفائزة في الإنتخابات كافة ، نقول إذا صحت هذه الأنباء يكون الإئتلاف وقع في الفخ الذي أُعد له بعناية وذلك في تفريغ منصب رئيس الوزراء من أي قيمة حقيقة له عبر نزع المزيد من صلاحياته الدستورية.

هل نربح الجعفري ونخسر كل شئ !

كاتب عراقي

mahbob04@maktoob.com

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 26/اذار/2006 -25/صفر/1427