محاكمة مرتد الى المسيحية في أفغانستان تفتح صراعا اسلاميا غربيا جديدا

قالت أفغانستان التي تتعرض لضغوط دولية متزايدة بشأن قضية رجل يواجه حكم الاعدام لارتداده عن الاسلام واعتناقه المسيحية يوم الاربعاء ان قضاءها وحده هو الذي سيقرر مصير الرجل.

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش انه انزعج بشدة بسبب قضية عبد الرحمن الذي قال قاض أفغاني هذا الاسبوع انه سُجن لارتداده عن الاسلام واعتناقه المسيحية وقد يصدر حُكم باعدامه اذا رفض ان يتوب ويعود الى الاسلام.

وحد الردة في الشريعة الاسلامية هو القتل.

وقال محي الدين بلوش مستشار الشؤون الدينية للرئيس حامد كرزاي "لدينا في أفغانستان ادعاء يشرف على احترام القانون ومحكمة تطبقه. سينفذ حكم المحكمة مهما كان لانها مستقلة."

وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر ان كرزاي أكد له في اتصال هاتفي ان "احترام الحقوق الانسانية والدينية سيطبق تماما في هذه القضية." وكندا لها قوة قوامها 2500 فرد في مدينة قندهار جنوب افغانستان حيث تقود مهمة حلف شمال الاطلسي هناك.

وقال بوش في منطقة ويلنج في ولاية وست فرجينيا "انه لأمر مقلق للغاية ان دولة ساعدنا في تحريرها ستعاقب شخصا لانه اختار دينا ما على آخر.

"لنا تأثير على أفغانستان وسوف نستخدمه لنذكرهم (الافغان) بأن هناك قيما عالمية."

وحثت الولايات المتحدة وثلاث دول أخرى من حلفائها في حلف شمال الاطلسي لها قوات في أفغانستان يوم الثلاثاء على احترام الحرية الدينية. وأضافت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل صوتها لهؤلاء القادة الغربيين الذين عبروا عن قلقهم.

وردا على ذلك انتقد وزير الاقتصاد الافغاني محمد امين فرهنج "ردود فعل السياسيين الالمان المهيجة والمثيرة للعاطفة" وقال ان الاقتراحات هناك بسحب القوات الالمانية للاحتجاج ترقى الى درجة ابتزاز حكومة كرزاي.

وقال لصحيفة نيو اوزانبروكر تسايتونج "نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية الالمانية أو في القضايا المطروحة امام المحكمة."

والقضية حساسة لكرزاي الذي يعتمد على القوات الاجنبية لمحاربة مقاتلي القاعدة وطالبان وعلى المعونة الاجنبية لدعم الاقتصاد ولكن ينبغي عليه ان يضع في الاعتبار اراء المحافظين.

وسُئل عن الاحتجاجات الدولية فأجاب بلوش "من حق كل انسان ان يعبر عن وجهة نظره."

ولم يوجه بعد اتهام رسمي الى عبد الرحمن البالغ من العمر 40 عاما.

وأبلغ عبد الرحمن قاضيا في جلسة استماع أولية الاسبوع الماضي انه اعتنق المسيحية أثناء فترة عمله مع جماعة إغاثة تساعد اللاجئين الافغان في باكستان منذ 15 عاما.

وقال أمام الجلسة "لست مرتدا. انني مطيع لله لكني مسيحي وهذا اختياري."

وأثارت واشنطن التي تعتبر كرزاي حليفا رئيسيا في المنطقة المسألة مع وزير الخارجية الافغاني الزائر عبد الله عبد الله يوم الثلاثاء داعية كابول الى تأكيد الحق الدستوري للمواطنين الافغان في اختيار ديانتهم.

وقال مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية ومقره واشنطن ان قضية عبد الرحمن مسألة شخصية وحث الحكومة الافغانية على الافراج عنه.

وقال وزير الخارجية الايطالي جيافرانكو فيني ان عبد الرحمن ربما لا يعدم.

وأبلغ فيني الذي تعد بلاده واحدة من أربع دول لها قوات في أفغانستان تتحدث عن القضية محطة تلفزيون ايطالية يوم الثلاثاء قوله "بناء على ما أبلغت به وما لا يساورني شك فيه فلن ينفذ حكم الاعدام."

وقال توم كونيجز رئيس بعثة الامم المتحدة الى افغانستان في بيان انه يتابع القضية باهتمام بالغ.

وقال كونيجز "أتمنى تأكيد حقوق السيد عبد الرحمن القانونية والانسانية وألا تتسبب هذه القضية في فجوة بين أفغانستان وشركائها الدوليين."

وأضاف ان حرية الدين بما فيها حرية تغيير الشخص لدينه منصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي تلتزم به افغانستان.

وأثار بعض المسؤولين تساؤلات بشأن الحالة العقلية لعبد الرحمن وقال فرهنج ان عبد الرحمن لن يعدم اذا وجد انه مضطرب.

وقال محلل سياسي في كابول ان القضية قد تتوقف على اختلافات في تفسير الدستور.

وأفغانستان دولة اسلامية محافظة يدين بالاسلام 99 في المئة من سكانها الذين يزيدون على 25 مليون نسمة.

وقد وضعت هذه القضية الاولى من نوعها في افغانستان الحكومة في ازمة مع الدولة الغربية التي تعتمد عليها كابول في المساعدات العسكرية والمالية والتي طالبتها باحترام حرية الاديان.

وذكر القاضي انصار الله مولوي زاده الذي يتولى النظر في القضية ان المحاكم تحاول الوصول الى "حل جيد" يتضمن محاولة اقناع عبد الرحمن بالعودة الى الاسلام.

وصرح لوكالة فرانس برس "هذه مسالة حساسة نحن نبذل جهدنا لنتعامل مع هذه المسالة بسرعة".

واضاف "نظرا لان الاسلام هو دين الرحمة والتسامح فسنحاول التوصل الى حل جيد. ونحن نبذل كل ما في وسعنا لاقناع الرجل بالعودة الى اعتناق الاسلام".

وكان مولوي زاده ذكر الاربعاء "اذا لم يعد (عبد الرحمن) الى الاسلام فسيتم انزال عقوبة الاعدام به طبقا للقانون".

ويقبع عبد الرحمن (41 عاما) في السجن بينما تجري محاكمته. وقد اعتقل قبل اسبوعين بعد ان ابلغت عائلته السلطات بانه مرتد عن الاسلام.

وصرح متحدث باسم المحكمة ان عبد الرحمن الذي تحول الى المسيحية في المانيا قبل 16 عاما وعاد الى افغانستان في عام 2002 ربما يكون مختلا عقليا وسيخضع لفحص لقدراته العقلية والنفسية.

وقال محللون ان هذا سيكون مخرجا سهلا بالنسبة لكابول وسط مخاوف من ان تسبب هذه القضية شرخا بينها وبين الدول الغربية التي تعتمد عليها البلاد في اعادة الاعمار وقمع التمرد الذي تقوده حركة طالبان الاسلامية المتشددة.

وقال المحلل والنائب كبير رانغيبار ان المحكمة العليا الافغانية احتفظت بطريقة تفكير طالبان ذاتها التي حكمت البلاد منذ 1996 وحتى 2001 والتي طبقت الشريعة الاسلامية بشكل صارم حيث نفذت احكام الرجم حتى الموت لمن يزني.

واضاف "ان الاشخاص المتواجدين في السلطة في القضاء الافغاني يتمسكون بافكار ومعتقدات متخلفة (...) انهم لا يفهمون الاسلام الحقيقي الذي اعطى الحق لاتباعه باختيار ديانتهم بشكل حر".

وذكر مفوض لجنة حقوق الانسان الافغانية المستقلة نادر نادري ان القضية معقدة بالنسبة لافغانستان التي شهدت تظاهرات احتجاج على نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد ادت الى مقتل 11 شخصا الشهر الماضي.

واضاف "ان افغانستان متمسكة بمبادئ الاسلام. وتستغل الاوساط المحافظة ذلك لتطبيق اجندتها الخاصة".

كما شكلت قضية عبد الرحمن معضلة بالنسبة للجنة حيث قال نادري "نحن نشجع الاصلاحات ولكن يجب تطبيقها بشكل تدريجي".

ورجح المشرع احمد جويندا ان ينتج رد الفعل الغربي عن مخرج لتجنب تطبيق حكم الاعدام الا انه حذر من ان تسييس القضية سيثير موجة غضب.

واضاف "يجب ان لا يتم تصعيد المسالة بشكل كبير والا فهناك خطر حدوث مواجهة بين الغرب والمسلمين".

وحث الرئيس الايطالي السابق فرانشيسكو كوسيجا رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني على سحب القوات الايطالية من افغانستان اذا لم يحصل على تأكيدات من كابول بشأن سلامة عبد الرحمن.

وكتب كوسيجا يقول في رسالته الى بيرلسكوني "ليس مقبولا ان يضع جنودنا انفسهم في خطر او حتى يضحوا بحياتهم من اجل نظام اصولي غير متحرر."

وقالت وزيرة التنمية الالمانية هيد فيتشروك زول انها سوف توجه نداء الى كرزاي مباشرة.

وقالت لصحيفة بيلد "سنفعل كل ما في وسعنا لانقاذ حياة عبد الرحمن." وقالت الصحيفة ان عبد الرحمن اعتنق المسيحية اثناء عيشه في المانيا لمدة تسعة اعوام.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24/اذار/2006 -23/صفر/1427