العراق بعد ثلاثة إنتخابات وثلاث حكومات: التغيير حدث فى دخول الموبايل والستلايت

كان العراقيون على موعد مع صناديق الإقتراع ثلاث مرات على مدى السنوات الثلاث الماضية لتحديد مستقبلهم السياسى فى أعقاب سقوط النظام السابق، أولها إنتخابات 30 كانون الثاني يناير من 2005 ، ثم الإستفتاء على الدستور الجديد في 15 تشرين الأول اكتوبر من نفس العام، وأخيرا الإنتخابات البرلمانية في 15 كانون الأول ديسمبر الماضى لإنتخاب مجلس النواب الجديد.

وعلى مدى هذه السنوات تعاقبت ثلاث حكومات عراقية.. أولها حكومة مجلس الحكم، ثم حكومة الدكتور إياد علاوي و أخيرا الحكومة المؤقتة الحالية التي يترأسها الدكتور إبراهيم الجعفري .

والآن .. ماذا يقول العراقيون فى مختلف محافظات العراق ؟ كيف يرون هذه السنوات؟ وكيف ينظرون إلى السنوات القادمة ؟ .

البعض يرى أن الوضع لم يتغير ، بل إتجه نحو الأسوأ.. والبعض الآخر يرى أن هناك تحسنا ملحوظا فى المستوى المعيشى للأفراد وفى بعض الأمور الأخرى مثل ظهور دستور جديد ودائم للعراق، إلا أن الجميع سيطر عليهم الهاجس الأمنى والخوف من تدهوره فى المستقبل.

من محافظة ذي قار، يقول سعد جبار محمد( 30 سنة ، صيدلاني في مدينة الناصرية) " نحن في الجنوب أكثر حرية في القول والتعبد، وهناك إنفتاح على ثقافات مختلفة وفرصة للسفر وكذلك الأمر اقتصاديا أفضل مما كان عليه قبل ثلاث سنوات."

يضيف لـ(أصوات العراق) " أما الحكومات التي تعاقبت على العراق خلال هذه السنوات الثلاث فإننى أرى أن عدم استمرارية أي حكومة أثر على كل مناحي الحياة وخاصة الأمن الذي فشلت فيه كل الحكومات التي تعاقبت منذ سقوط النظام السابق، ولم يتحرك أي شيء على الأرض، ولم تضع أي حكومة خطة مهمة حققت ما نصبوا إليه ."

أما طالب تايه عبد الاسدي (من مواليد 1961، موظف في تربيه ذي قار) فيقول" لقد حصل تغيير في الحياة السياسية في العراق، مثل حرية الرأي وحرية الصحافة وحرية الإعلام." اضاف "أما الجانب الأمني فإنه يمر بأزمة كبيرة جدا لا يمكن حلها نظرا لكثرة الميليشيات والأحزاب والكتل والحركات السياسية التي لا يعرف أحد لصالح من تعمل وتحت مظله من، بالإضافة إلى جهل بعض العامة بمفهوم الديمقراطية."

ويرى أن "وجود دولة ديكتاتورية فى السابق لم يترك الناس يعرفون معنى الديمقراطية، وأيضا فشل الدولة الجديدة فى تعميق مفهوم الديمقراطية مما أفقد الانتخابات والتصويت معناها، ولكن أهم ماحصلنا عليه هو الدستور و الفيدرالية في الدستور التي يجب أن تطبق."

وفى محافظة صلاح الدين، قال محمود علي( 28 سنة ، طالب قانون في جامعة تكريت) "كنا نأمل خيرا بعد أن تغير نظام صدام، ولكن بعد ثلاث سنوات لم نحصل سوى على الوعود و تدهور الأوضاع الأمنية و الاقتصادية ، نحن نعيش أزمة فى البنزين والكهرباء والغاز والبطالة ، كل العراقيين يواجهون نفس المشاكل ويعانون نفس المعاناة، إلى أين نتجه؟." يجيب " لا أحد يعرف."

ويقول أحمد خلف (32 سنة ،خريج جامعة ،بدون عمل من تكريت) "لم نر أي تطور خلال السنوات الثلاث الماضية، بل كل شيء يسير نحو الأسوأ، ولربما يوم أمس أفضل من اليوم مع كل مرارته و اليوم أفضل من الغد بالتأكيد، حتى العاصمة بغداد عندما أزورها أشفق على حالها وحال ساكنيها، ولا مجال للتفاؤل في ظل هكذا الظروف."

ومن محافظة النجف، تقول سليمة محمد علي (40 سنة، مدرسة ) "بعد سقوط الطاغوت وانكسار الصنم، فرحت القلوب المتشوقة للحرية والديمقراطية، لكن كل ما تصورناه ذهب هباء، فلا حرية ،ولا ديمقراطية، فقط دماء تسيل وحقوق تصادر وفوضى تعم."

ورأت أن التغيير حدث فى "دخول الموبايل والستلايت." وقالت "في زمن النظام السابق كان كل شيء مفقودا ، ولم تحقق الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام طموحاتنا كعراقيين، كنا نتطلع إلى ديمقراطية تضمن حقوقنا كمواطنين، لكن صراع الكراسي أضاع كل شيء، حتى هذه اللحظة. "

وقالت هالة قاسم (26 سنة ، طالبة ماجستير كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة النجف) "لقد سيطرت قوات الاحتلال على كافة موارد البلد، وتدني المستوى الأمني، ودخلت الجماعات الإرهابية مستغلة هذه الأوضاع، وتدنى المستوى المعيشي للإفراد حيث لم يتحقق الطموح الذي رسمناه في أحلامنا التي ذهبت مع الرياح."

إلا أنها ترى أنه "مع كل ما حصل، هذا أفضل من بقاء نظام صدام الذي أذاقنا الأمرين."

ومن محافظة البصرة ، يقول فاضل رشاد (35 سنة ،محامي)" أجمل يوم في حياتي كان يوم سقط تمثال القائد الذي هرب واختفت آثاره، كان شعوري آنذاك لا يوصف، وأحسست أننا سوف نعيش حياة جديدة، ولكن بالعكس، انقلبت الأمور، فلم أتوقع أن يصل العراق إلى هذا المستوى من القتل والجوع والتشريد الذي طال الكثير من العراقيين،ولم أتصور أن قادة العراق الجدد سوف يتنازعون على الكراسي ويتركون الشعب يسبح بدمائه وكأن التغير لم يحصل أبدا."

وقال كريم عبد الله جاسم (40 سنة ، مهندس)"في زمن الطاغية صدام، لم تكن هناك حرية في إختيار الشعب للحكومة التي يطمح إليها، أما اليوم فنذهب إلى صناديق الاقتراع وندلى باصواتنا بحرية تامة." إلا أنه تساءل "ما الفائدة من كل ذلك؟ فما زالت المقابر الجماعية والموت بالجملة ولكن بطريقة أخرى عما كان يفعله النظام السابق."

وفى محافظة المثنى، قالت سارة محمد جاسم(33 سنة، مدرسة في إحدى مدارس السماوة)"شهدنا استقرارا ماديا لغالبية الموظفين، وهذا ما انعكس على آدائهم لأعمالهم وإخلاصهم فيه، لقد كانت السنوات الثلاث الماضية فرصة للانطلاق بحياة جديدة بعد انهيار نظام صدام، نظام القمع ومصادرة الحريات، إلا أنها لم تستغل بالشكل المطلوب."

اضافت "لا أعرف إلى متى نبقى في هذا الحال من الإحساس بالخوف، فالإحساس بالأمن هو الأهم قبل كل شيء، والعراقيون أصبحوا لايعرفون متى سينعمون به."

ويقول كاظم علي (كاسب في الأربعين من العمر من مدينة السماوة)"في أيام صدام كان أعداء الشعب معروفين لديه، والعراقي الذي كان لا يخالف أو يعصى السلطات آنذاك كان في مأمن نسبي من بطشها،أما الآن وبعد أن تغلغلت أمريكا وإسرائيل وأعداء الإسلام في أوساط الشعب العراقي، وجاء التكفيريون، أصبحنا لا نعرف من هو العدو؟ ومن هو الصديق؟."

اضاف" بالطبع كان هناك خوف من ظلم أجهزة صدام، كنا لا نجاهر حتى بعقائدنا وفكرنا أمام أقرب الناس إلينا خوفا من أن نصبح من أعداء النظام الصدامي اللا انساني."

وتابع " لا أنكر أن دخل المواطن العراقي قد تحسن نسبيا، لكن هذا لا يساوي شيئا أمام التهديد اليومي بالموت الذي يواجهه العراقيون ولم تستطع القيادات العراقية درء خطره حتى الآن."

وقال "إن أمريكا دخلت العراق لكي تدمره، وأنا أحملها مسؤولية الوقوف وراء كل ما جرى وسيجري في العراق، لأنها الوحيدة المستفيدة من الفتن التي تعصف بالعراقيين."

ويقول السيد إبراهيم سلمان الميالي( 53 سنة، من أبناء مدينة السماوة)" استبشرنا خيرا ببزوغ شمس الحرية التي صادرها نظام صدام قبل أن يتداعى، إلا أننا لاحظنا أن ولادة الحرية في العراق كانت ولادة صعبة وعسيرة بسبب بروز العديد من الحالات السلبية في المجتمع وعدم وجود الأمن، لاسيما العمليات الإرهابية الجبانة التي طالت حتى مقدساتنا." مضيفا " تحققت العديد من الإنجازات خلال الثلاث سنوات التي مضت ،من أبرزها الدستور العراقي الدائم، وما نراه من تحسن في الوضع الاقتصادي والمعاشي للشعب وارتفاع في المقدرة الشرائية ،وهذا ليس مطلقا على عموم الشعب."

وتابع " أما الوضع الأمني فهو مرتبط بالوضع السياسي، ونحن متفائلون، وأعتقد أن الكثير من المشاكل ستحل وستتحسن الأوضاع كثيرا بمرور الوقت."

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24/اذار/2006 -23/صفر/1427