ثلاث سنوات من بدء الحرب لاسقاط صدام.. سلبيات وايجابيات

مع مرور الذكرى الثالثة من بدء الحرب لاسقاط صدام والتى تصادف يوم الأحد التاسع عشر من شهر آذار مارس وسقوط نظام صدام حسين فى التاسع من شهر نيسان ابريل 2003، مر العراق بمحطات عديدة شهدت تطورات كبيرة على الصعد كافة، وبرزت إيجابيات وسلبيات فى مرحلة ما بعد صدام كما ذكرت ذلك وكالة اصوات العراق في تحليل خبري لها.

ولعل التطور الايجابى الأبرز هو تحدي العراقيين لكل أعمال العنف الدموية ومشاركتهم في عمليتين انتخابيتين الأولى فى نهاية كانون الثانى يناير 2005 والثانية فى منتصف كانون الأول ديسمبر الماضى لانتخاب مجلس النواب الدائم، بالاضافة الى الاستفتاء على الدستور فى تشرين الأول أكتوبر الماضى.

أما السلبيات، فهى كثيرة وتنوعت مابين تفشي أعمال العنف التي تحصد العديد من أرواح المواطنين يوميا، ارتفاع معدلات البطالة، انتشار الفساد المالي والاداري، تفجر أعمال عنف طائفي تنذر بوقوع حرب أهلية وسوء الخدمات المقدمة للمواطنين أو غيابها.

كان أول الايجابيات وفقا لما يراه سياسيون عراقيون، قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي أعلن عنه في صيف 2003، والذي بموجبه تم تسيير الدولة العراقية بعد التاسع من نيسان ابريل الى السادس عشر من الشهر الجاري حيث عقدت أول جلسة للبرلمان العراقي المنتخب.

وهذا القانون هو الأول الذى وضع بمشاركة كل مكونات الشعب العراقي، ثم تسليم السيادة شكليا كما يقول المحللون للعراقيين في 28 حزيران يونيو 2004 ورحيل الحاكم المدني بول بريمر، وتشكيل أول حكومة معينة برئاسة الدكتور أياد علاوي، والاعلان عن تشكيل المجلس الوطني.

وأعقب ذلك تنظيم أول انتخابات متعددة بالعراق في 30 كانون الثانى يناير 2005 وانبثاق الجمعية الوطنية والتي تشكلت من كتلتين شيعية وكردية مع مقاطعة السنة لتلك الانتخابات.

وبموجب هذه الانتخابات، صعد الأكراد لرئاسة العراق وتولى السيد جلال الطالبانى المنصب، وتسلم رئاسة الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفرى (شيعي) .. ثم جاءت مرحلة كتابة مسودة الدستور العراقي والاستفتاء عليها في منتصف تشرين الاول أكتوبر 2005 وأخيرا إجراء الانتخابات البرلمانية في منتصف كانون الاول الماضي وبمشاركة السنة العرب.

ومن المحطات الايجابية تلك المتعلقة بالديون العراقية (منذ زمن صدام) والمقدرة بنحو 120 مليار دولار واجراء مفاوضات مع نادي باريس لالغاء قسم منها، واسفرت المفاوضات عن خفض 80 % منها.

وبالاضافة الى ذلك كان هناك ايضا عودة العراق الى المجتمع الدولي، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية حيث تولت النساء عددا من الحقائب الوزارية وعددا من المقاعد البرلمانية حيث نص قانون المرحلة الانتقالية والدستور العراقي على ضرورة تمثيل المرأة بما لايقل عن 20% من مقاعد البرلمان، كما بدأت محاكمة النظام السابق ورموزه بتهم ممارسة انتهاكات بحق شعبه ودول الجوار.

وفى المقابل وفيما يستمر قادة العراق في سجالاتهم ومفاوضاتهم لتقسيم المكاسب السياسية يظل الشارع العراقي يعاني من انعدام الامان والاستقرار وتفشي أعمال العنف والقتل وارتفاع نسب البطالة والفساد الاداري والمالي وسوء أو انعدام الخدمات المدنية كالماء والكهرباء والوقود وغيرها.

وفي الوقت الذي كان العراقيون يعانون من العنف (ارهاب) السلطة الحاكمة قبل التاسع من نيسان أبريل وسيطرة حزب البعث الحاكم على مفاصل الدولة العراقية، تعددت وتنوعت الجهات التي تمارس العنف بعد سقوط النظام السابق .. من ميليشيات تابعة لاحزاب وقوات متعددة الجنسيات، والجماعات المسلحة.

وأصبحت مظاهر العنف والمتمثلة في تفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والقصف بالأسلحة المتوسطة والتي تحصد العديد من حياة المدنيين والقوات العراقية ظاهرة وسمة عادية في حياة العراقيين، وبدت مظاهر الجثث الملقاة في أماكن مختلفة او الاعلان عنها في وسائل الاعلام أمرا عاديا ومألوفا.. ناهيك عن حالات اختطاف الاجانب العاملين في العراق.

هذا العنف المستشرى فى العراق ادى الى هجرة الكفاءات العلمية والتخصصية بعد مقتل العديد منهم، إذ تشير احصاءات الى مقتل اكثر من 182 شخصية علمية من أطباء ومهندسين واساتذة جامعات وكوادر متخصصة، إضافة الى مقتل الالاف من المدنيين حيث تشير الاحصاءات الى مقتل مايقارب 30 الف عراقي خلال الثلاث سنوات الماضية وتعرض أكثر من الفي امرأة الى الخطف والاعتداء والقتل.

كما برز الى واجهة الاحداث، تفشي مظاهر الفساد المالي والاداري في مفاصل ومؤسسات الدولة وانتشار المحسوبية، واحتل العراق المركز الثاني عشر فى قائمة الفساد المالى والادارى لعام 2004 -2005 وهى القائمة التى أعدتها منظمة الشفافية التابعة للامم المتحدة عن الدول التي تشهد فسادا إداري وماليا.

وبخلاف الفساد المالي والاداري زادت نسب البطالة والتي ارتفعت الى أكثر من 70% وفقا لاحصائيات غير رسمية.

وبالرغم من تحسن رواتب الموظفين العاملين في مؤسسات ومرافق الدولة من 2500 دينار عراقي الى أكثر من 150 الف دينار عراقي (100 دولار) إلا أن هذا التحسن لم يشعر به المواطن ولعدة أسباب أهمها أرتفاع الأسعار بشكل عام وتدني مستوى الخدمات كالكهرباء والماء وغيرها .

كما برزت أزمة الوقود بقوة في العراق الذى يحتل المركز الثاني عالميا من حيث الاحتياطى النفطي، وبعد أن كان سعر اللتر الواحد من البنزين قبل سقوط النظام (40 فلسا عراقيا) ارتفع الى 150 دينارا ثم وصل الى 250 دينارا.

سلبيات الثلاث سنوات الفائتة امتدت الى الخدمات الاخرى في مجالات الصحة والماء والمجاري حيث انتشرت في العراق أمراض كان قد تم القضاء عليها في منتصف سبعينيات القرن الماضي كالكوليرا والسل وغيرها مع انعدام الخدمات تقريبا في المستشفيات الحكومية وهجرة معظم الاطباء والكوادر الصحية نتيجة تردي الوضع الامني ولجوء المرضى الميسورين ماليا للعلاج في الاردن وسوريا أو أوروبا.

وفى مجال التعليم، تدني المستوى التعليمي في الجامعات الحكومية بعد سيطرة الاحزاب الدينية على ساحات الجامعات وتحويلها لمنابر سياسية وعدم قدرة الكوادر التدريسية على عمل شيء حيث تعرض العديد منهم للتصفية الجسدية أو الهجرة خوفا من سوء الاحوال.

وضع المرأة، بدا مأسويا على الرغم من مشاركتها في الحياة السياسية، حيث تعرضت نحو الفي امراة خلال السنوات الثلاث الماضية لعمليات قتل واختطاف واعتداء، واضطرار العديد منهن للانزواء في المنازل وترك الوظيفة أو الدراسة.

وجاء استهداف دور العبادة من المساجد والحسينيات والكنائس في محاولة لزرع الفتنة الطائفية في بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف.

وكان تفجير القبة الذهبية لمرقد الأمامين على الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء (ذات الغالبية السنية) في الثاني والعشرين من شباط فبراير الماضي بداية لأحداث دموية، وبرزت ردود أفعال عنيفة امتدت لتشمل الاعتداء على المساجد السنية ومقتل العديد من السنة والشيعة حيث وصلت الحصيلة النهائية للقتلى في الخمسة ايام التي تلت التفجير الى أكثر من 450 قتيلا و 600 جريح.

وفيما يخص الاعلام، وفي بلد كان يتميز باعلام موجه من قبل النظام السابق، بدت الساحة الاعلامية تعج بكل ألوان الطيف اعلامى بعد سقوط نظام صدام، فقد انتشرت العديد من المحطات التلفزيونية والقنوات الفضائية (والتي كانت ممنوعة سابقا وتصل عقوبة من يمتلك ساتلايت الى الاعدام أو السجن المؤبد).

وزاد عدد المطبوعات الصادرة الى أكثر من 150 متنوعة بين يومية وأسبوعية ونصف شهرية.

إلا أن حرية الاعلام ليست كما يروج له حيث يتعرض الصحفيون للاغتيال على يد جماعات مجهولة ولاسباب مجهولة أيضا، كما يتعرضون للمضايقات، ووفق أحدث التقارير بلغ عدد الصحفيين المقتولين في العراق ستين شخصا ومن مختلف الجنسيات، ووصف التقرير العراق بانه الأكثر فتكا بالصحفيين.

ومع كل هذا يظل الانسان العراقي متفائلا بالمستقبل القادم ولايملك العراقيون الا الدعاء لله بالفرج الذي طال انتظارهم منذ تسلم حزب البعث المنحل برئاسة صدام حسين لمقاليد الحكم.

فهل سيحظى العراقيون براحة البال وهناء العيش بعد الاعلان عن تشكيلة الحكومة القادمة والتي يعلقون عليها امالا كبيرة واهمها توفير الامن والاستقرار , والشروع بإعادة الاعمار وتوفير فرص العمل.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين20/اذار/2006 -19/صفر/1427