خيل لي وانا اسمع من الاعلام وهو يصرخ ويطبل باعلى صوته بمشروع
اعمار العراق ، مسكين انا كوني ظننت ان هوليود ثانية ستكون في العراق ،
وان ناطحات السحاب ستطال عنان السحاب فيه وتمتد بينها الشوارع ،كشوارع
باريس ولندن.
اعمار العراق تلك الحقيقة التي اكتشفتها ذات يوم عندما كلفت بكتابة
تقرير عن الاعمار من قبل مقدمي احد البرامج السياسية في احدى الفضائيات
العربية.
وكعادتي شرعت بالبحث والتقصي واللقاء بعدد من اصحاب الشأن بما فيهم
من مهندسين ومقاولين وتوصلت في حينها الى حقيقة مرة وهي عدم جدية الدول
المانحة في هذا الامر والتي لايهمها اعمار حقيقي للعراق. والا بربك
ماذا يعني ان تخصص المليارات من الدولارات لانشاء مشاريع وهمية، او
تخصص الالاف الدولارات لانشاء متنزه في مكان ما والناس تشكو حوله من
الخراب وطفح المجاري والمياه الاسنة.
وحقيقة الامر تتضح طبعا من كلام احد المهندسين الذي شارك في دورة عن
الاعمار نظمتها الدول المانحة في ايطاليا اذ يذكر ان الالية المتبعة في
صرف الاموال غير صحيحة فالاموال المرصودة لمحافظة ما ضمن خطة الدول
المانحة تاتي عن طريق القوات المتواجدة فيها وهي التي تكون مسؤولة عن
صرفه بالطريقة التي تشاء بعد ان تخصم منه نسبة35%.
فمثلا الاموال المرصودة لمحافظة ما ولنفترض محافظة الناصرية
فالاموال تاتي عن طريق القوات الايطالية المتواجدة هناك وبالتاكيد
فانها تحيل المشاريع لشركات ايطالية وبما ان الشركات الايطالية لا
تستطيع المباشرة بالمشاريع لعدم استقرار الوضع الامني في العراق، فانها
ستبيع المشاريع الى مقاوليين عراقين من الدرجة الاولى وبما ان هؤلاء
متخمين بالاموال فلا حاجة لان يباشروا المشاريع بانفسهم بل سيبيعونها
الى مقاوليين اخرين وهكذا الى ان ينتقل المشروع الى عدة مقاولين وكل
واحد ياخذ نصيبه وسيجد المقاول الاخير نفسه عاجزا عن اتمام المشروع
بصورة صحيحة.
وهكذا تنهب اموال اعمار العراق على يد مجموعة من السماسرة ولا احد
ينبري للتصدي لهؤلاء.
ان المسؤلية تقع على عاتق ابناء العراق ليضعوا حدا للصفقات السرية
والمشبوهة من خلال فضحها عبر الصحف والفضائيات وكتابة المقالات
بالاسماء والارقام والوثائق ومكاشفة الرأي العام الغربي بحقيقة مشروع
اعمار العراق وما طبق فعلا على ارض الواقع ،فالعراق لن يبنى الا بسواعد
وجهود ابنائه المخلصين ولن تغير من الواقع مؤتمرات بروكسل او عمان او
غيرها من المؤتمرات الاعلامية مادام المليارات انفقت ولم تغير من الامر
شيئا وما دامت الالية المتبعة هي التي ذكرتها انفا ((ان الله لا يغير
ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )). |