آثار الخلل البنيوي في العلاقات الدولية

بسام محمد حسين

تتضاعف مخاطر الخلل الاقتصادي في العالم لتتأثر بمستويات مختلفة لتطال الثقافة  والفكر والسياسة، وكل ما يحيط بالإنسان من عوامل الحضور الإنساني الفاعل، فالبطالة في ازدياد وحاجات الطلب على الأيدي العاملة في تناقص، ويحتاج الأسواق الدولية البحث عن الربح والربح الأقصى، حيث يتم توظيف الاستثمارات في مجالات الأسهم والأسواق المالية، وأغلب الشركات العملاقة في العالم تتسيد القرارات وأغلبها تتسم بالإجحاف والظلم واستغلال البشع لكل ما يقف في طريق أرباحها وسوقها.

 وإذ تتحكم في الأسواق وما تواجه من معوقات فأن بيوتات الرأسمال العالمي تشارك بقوة ونفوذ في حضورها الدولي والإقليمي لتزيد الفوارق والانقسام الأفقي والعامودي، في بنية الاقتصاد العالمي، ولا يخفى على أحد آثار هذه السياسات ومضاعفاتها على تسميم العلاقات الدولية وإذ كان الحروب والدفع بالصراعات المجتمعية إلى المزيد من التدهور وبالمقابل ثمة من يجد في تحالفاته مع سياسات الدولية الشديدة المركزية والتي لا تبحث إلا عن مصالحها وازدياد أرباحها فرصة لإعادة توظيف هامش الربح على استثماراته.

 وبذلك تتحقق إحدى أهم شروط الخلل واستثماره على الصعيد العالمي، وإن كانت البلدان ذات المسميات المختلفة، العالم الثالث، الأطراف هي من أشد المتأثرين بهذه السياسات ومضاعفاتها على هياكل أسواقها، يتضاعف هذه التأثير على أسواقها الداخلية وعلى شروط العلاقات وقوانينه ومفاعليه وبذلك تدخل كل الفئات المجتمعية في دائرة الاستغلال المضاعف لبرمجة العلاقة بين طرفي المعادلة حيث يدفع الطرف الأضعف فاتورة الهيمنة النسبية على تراكم الثورة ودورة الرأسمال بالمزيد من تهميش القوى الاجتماعية التي تستعد للدخول في عالم العلاقات الاقتصادية.

 وتترشح بذلك ازدياد حالات الإفقار وتوسيع رقعة الفاسد الإداري والمالي والسياسي، والدخول في نفق مظلم من المديونية وبذلك تتحطم آمال وأحلام القسم الأعظم من محاولات الإصلاح في عالمنا العربي، وحيث تشير المعطيات الوطنية في كثير من البلدان إلى أن نسبة توظيفات الرأسمال الوطني في بلاده هي من أكبر النسب في العالم ويجري استثمارها في الخارج حيث يشكل هروب الرأسمال العربي والإسلامي بتوظيفاته ضعفاً حقيقياً في عملية الإنماء.

 ويترافق من جهة أخرى هجرة العقول المبدعة نتيجة البيئات الطاردة لأسس التقدم والتطور والتوظيف الأمثل لبناء مجتمعات مستقرة يسودها العدل والحق والمساواة وبالرغم من انسداد أفق التغيير الحاصل والراهن في حال مجتمعاتنا بسبب معالجة ظواهره السلبية عبر سياسات توفيقية وإصلاحية لا تمس بنية المجتمعات العربية الإسلامية.

 إلا أن ترشحات تبرز هنا وهناك تحمل في جوانبها محددات الخروج من هذا النفق المظلم لازالت قائمة تأسيساً على أن الفكر الإنساني لا يستطيع التعايش مع أزمات دورية وأن معالجة الخلل البنيوي في العلاقات الاقتصادية الدولية أصبحت مشروعاً يزداد نفوذه وتأثيره في العالم.

 ويهمنا في هذه العجالة أن نشير إلى رؤية سماحة الإمام الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) إلى ضرورة التعامل مع أجندة العولمة المطروحة في مراكز الأبحاث والسياسات الدولية والتي أشرنا إليها، إلى العالمية حيث الإسلام والمسلمين ودورهم الحضاري والإنساني، وحيث أن عوامل قوة المسلمين تزداد في خياراتهم نحو العدل والحق والحرية واللاعنف.

aboalibassam@gawab.com

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 15/اذار/2006 -14/صفر/1427