الاستحقاق التقاعدي لغير ورثة المتوفى بموجب قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006

القاضي سالم روضان الموسوي

القوانين والتشريعات تعتبر من أهم نتاجات الأمة الذهنية والفكرية المعبرة عن ثقتها تجاه القضايا والمشاكل التي تهدف إلى معالجتها من خلال التشريع ونظرا لطبيعة المجتمع  العراقي الذي يعتنق الشريعة الإسلامية السمحاء ديناً له، ولما لهذه الشريعة من فضائل في تكريس التعاون والتعاضد بين أبناء المجتمع الواحد وحتى بين الأمم جمعاء، فإنها عقيدة عالمية لا تقف عند حد أو جنسية أو قومية معينة لذلك فان تكريم الإنسان عند نهاية خدمته كان قد كفلتها الشريعة الإسلامية قبل الوضعية انطلاقا من تكريم الخالق عز وجل للإنسان بقوله الكريم ((لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)) الإسراء الآية 70.

  كما إن اثر التكريم لا ينحصر بشخص الإنسان المعني بل تتعداه إلى عياله وأولاده ونظم المشرع الإسلامي ذلك الأمر بمواضع شتى منها ما فرضه الله سبحانه وتعالى في حالة الإرث عند وفاة الإنسان بموضوع التكامل الأسري للأسرة الواحدة . لذلك ومن هذا المنطلق نرى إن قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المنشور في الوقائع العراقية العدد (4015 ) في 17 /كانون الثاني /2006 قد جاء فيه مبدأ جديد على المنظومة القانونية العراقية وهذا المبدأ أراه تطور ايجابي نحو ضمان استمرار اللحمة الواحدة للأسرة والمجتمع، حيث كانت القوانين السابقة المتعلقة بالتقاعد تحصر التقاعد في عائلة المتقاعد وعلى ورثته الذين يرثونه شرعا بموجب القسام الشرعي الذي يحدد الأنصبة ويبين الورثة وكان لا يتعدى الأبناء والبنات والزوجات والأبوين ، وعندما لا يوجد له وارث ينقطع الاستحقاق التقاعدي، لكن ومما ورد في الفقرة 16 من قانون التقاعد الجديد والتي جاءت بشكل جديد يضفي اللمسة الإنسانية لرؤية الشرع تجاه المجتمع والأسرة، إذ لا يكون بعض الأشخاص عقب وارث أما نتيجة العقم أو لظرف معين أو لوفاة أعقابه إن كان له ولد قد لايكون متزوج، وهؤلاء عند كبرهم بحاجة إلى رعاية من الغير، فالبعض يعتمد بذلك على احد معارفه أو أقاربه ويتكفل بإعالته من اجل أن يرعاه، إلا أن الأمر كان فيه بعض من فقدان الأمل بتوفر الراعي لهؤلاء لتحسب عدم حصوله على ما يعينه ويكفيه للمعيشة بعد وفاة الشخص الذي يرعاه وهذا قد يسبب إحراجا للبعض، لذلك التفاتة المشرع العراقي تجاه هذه الحالة كانت موفقه ومنسجمة مع الخط الإسلامي لطبيعة المجتمع العراقي، فنص على الجواز القانوني للمتقاعد الذي ليس له خلف من الذين حددهم البند أولا من المادة ـ13 – من هذا القانون أن يعين خلفا له في حياته من الذين يعيلهم شرعا وبموجب قرار قضائي ومن خلال النص المذكور أرى انه يتوفر على جملة شروط يجب توافرها حتى يمكن معه تطبيق القانون وكما يلي:

1.     أن يكون الشخص متقاعد بمعنى أن لا يكون في الوظيفة ويشغل درجة في الملاك الدائم للدولة العراقية وان يكون على قيد الحياة عند إعالته للشخص الذي يكون خلفا له .

2.     أن لا يكون للمتقاعد أي خلف بمعنى أن لا يكون له فرع وارث من المذكورين في البند أولا من المادة 13 من هذا القانون وهم عيال المتوفى (خلفه ) الذين يستحقون الراتب التقعادي وكما يلي:ـ

•     الزوج أو الزوجات

•     الابن أو البنت

•     الأم أو الأب .

على أن يكون هؤلاء أحياء عند وفاة المتقاعد ولا يؤثر في ذلك وفاة المذكورين أو احدهم بعده إذ العبرة في حياتهم بعد المتقاعد المتوفى ، كذلك إذا توفى احد ممن ذكر في أعلاه بعد وفاة المتقاعد المتوفي ولم يبقى من هؤلاء من يخلفه فان الأمر لايجيز للذي كان في اعالة المتقاعد المتوفى من الاستفادة من النص المذكور .

3.     أن يكون هناك شخص كان قد تكفل المتقاعد بإعالته أثناء حياته وان يتم هذا الأمر والتحقق منه من خلال حجة الإعالة التي تصدرها المحاكم لإثبات الإعالة بعد توفر شروطها ولا يجوز اعتبار أي شخص خلفا للمتقاعد على وفق وصف البند ثانيا من المادة 16 من ذلك القانون إلا إذا تقدم بحجة الإعالة أو القرار القضائي الصادر من المحكمة المختصة في إثبات الإعالة الشرعية للمعيل، ولا يمكن الركون إلى الشهادات أو البينات الشخصية أو الوصايا أو الأوراق الموقع عليها من المتقاعد المتوفى حتى وان كانت تملك الصفة الرسمية، حيث أن النص ورد على سبيل الحصر في حجة الإعالة الصادرة بموجب قرار قضائي صادر من محكمة مختصة .

4.     أن لا يكون ذلك الشخص المستفيد من هذا البند ممن يملك مورد مالياً مستقلا من الدولة أو تجاوز الحد العمري لصرف الاستحقاق المشار إليه في البند (ثانيا وثالثا ) من المادة 13 وكذلك المواد 14 ,15 من هذا القانون . لأنه أصبح بمقام الخلف المشار إليه في البند أولا من المادة 13، فإذا توفرت تلك الشروط يكون ذلك الشخص المعال من قبل المعيل (المتقاعد المتوفى ) يكون مشمولا بهذا النص .

لذا فان هذا المبدأ الجديد والذي يمثل نقله نوعية نحو ترسيخ مبادئ التكافل الاجتماعي لم يعصم النص القانوني موضوع البحث من الزلل النقص الذي لدينا عليه ملاحظات و تحفظات عديدة لا مجال لذكرها في هذا المطلب وسيكون لها عرضاً في مورد آخر إنشاء الله  .

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 14/اذار/2006 -13/صفر/1427