في ظل حجراتنا الطينية المتراصة الكبيرة ، عند العصر ، عندما تبدأ
الرياح تصفع خد الارض المتوقدة فتنعشه قليلاً قليلاً حتى يخف لهيب
الحصى والرمال الواشمة لوجه الارض ذات الطيات والمنحدرات والوديان
المغطاة بنباتات الخباز ذاوت الاوراق الخضراوات الدكناوات العريضة .نتحلق
حول اطفالنا التوائم لاحتساء الشاي ومداعبة الصغار .
كان لنا جار في الاربعين من العمر ، له زوجتان ، هو عقيم والزوجة
الكبيرة عاقر، لما كان الرجل يستحي ان يذهب الى اخصائي لمعاينة حالته ،
قرر ان يتزوج من اخرى صغيرة السن تكبرني ببضع سنين ، في حوالي العشرين
من العمر . جميلة ، مستديرة الوجه ، تكاد عيناها الواسعتان ان تكونا
العلامة البارزة لصفحة وجهها القمري المشرق . خداها المتوردان دائماً
يزيدان الوجه رونقاً وجاذبية. هذه الفتاة الناعمة تستلطفنا كثيراً
وتميل لصحبتنا كل مساء ، تطل عبر الجدار الطيني الفاصل بين الدارين ،
تقضي بعض الوقت في مداعبة الصغار مطلقة أصواتا تلقى صدى وتناغماً بريئاً
من الصغار في ضحكات شفيفة رائقة تجعلنا مسرورين لا نشعر مع الصغار الا
بالآلفة التامة والسعادة .
لم تشتك أي من الزوجتين من تعسف الزوج العقيم ، لكن زوجتي قالت
الكثير عن خلافاتهما. فقط ، الزوجة الصغرى يمكن ان تستشف من عينيها
السوداوين الواسعتين امارات الحزن والاسى .
لم استطع منع نفسي من البصبصة الى الشابة ، كررت ذلك ، عدة مرات
لكني ، شعرت ان تلك البصات الشبقة ، نمت الى نبات شيطاني اطلق ذراعيه
حول الزوجة الصغرى وجاس في افاق بعيدة حتى تحول الطقس اليومي للمشاهدة
ومداعبة الصغار الى مغازلات تنذر بالخطر والسقوط بالمحذور .
هكذا .. أفرطت زوجة الجار الجميلة و أطلقت العنان لنظرتها المعبرة
عن فيض هائل يدور في اعماقها المتوقدة. ان دخلت البيت في احد ايام
الظهيرة ، تبكي وتولول نائحة مستنجدة ، ترجوني الاسراع في نجدة زوجها
الذي الم به المغص الكلوي ونقله الى المستشفى للعلاج . هرولت مسرعا
لمساعدة جاري . تاركا الصغار في رعاية جدتهم .
كانت دارهم واسعة مفتوحة الفضاء تظللها اشجار اليوكاليتوس العملاقة
وغرف النوم تحتل نهايات البناء الذي تتوسطه صالة كبيرة للضيوف ، كانت
الغرفة التي اتجهت اليها محاذية للجدار الطيني الفاصل بين بيتينا .
اشارت على ان ادخل حجرتها . ففعلت ، طافت عيوني في ارجاء الغرفة
الواسعة . لم اعثر على الزوج .
تساءلت: اين زوجك ؟!
ضحكت واغلقت الباب خلفنا ، تقول وهي تضع ثوبها ارضا : ذهب بصحبة
زوجته الى المدينة، يعاملني كطفلة ، خادمة ، لقد استرقت النظر عبر
الجدار فوجدتك تلهو مع الصغار … اني احبك.
قلت لاعناً اياها : انت شيطانه .. يجب ان تتعقلي ، اتركي العبث .
كانت عارية مثل تمثال مرمري ، طوقتني بذراعين عبلاوين ثم اسندت
راسها المعطر على صدري المصطك من المفاجاه . حاولت زحزحتها عن الطريق .
تمنعت،سحبتني نحو السرير المغطى بشرشف (ناصع البياض). كنت شارد الذهن
لااقوى على ما اقول او افعل شيئاً. جمالها و انوثتها غسلت كل ما علق في
راسي من قبح زوجتي و خشونتها و سلاطة لسانها .استسلمت لها وتركت
اناملها الرفيعة تداعب كتفي العريضتين، تجوس علي موقد النار باناة
مغيبه روحها في ضباب كثيف من اللذه والنشوة ’ لم تفق من تهويماتها حتى
سمعنا طرقا شديدا على الباب الخارجي.صاحت : جاءوا… اسرع عبر الجدار.
عند العصر ، عقد اجتماعنا لشرب الشاي كالعادة . كان الخوف والفزع
يجري في دمي كالحمى وعيوني لم تفارق الباب والجدار . كنت اتحرق لرؤية
الزوجة الصغرى . بينما انا على هذه الحال . اطلت عبر الجدار مشرقة
الوجه ثملة من النشوة والسعادة ، بددت الظلمة في اعماقي ، حملت احد
صغاري بين ذراعي لتداعبه و لساني يلثغ لايقوى على ترتيب السؤال ،
بالكاد قلت : - كيف الحال؟!
اجابت ببرود واناملها تداعب شعر الصغير : لا شيء … ثم ضحكت باستخفاف
ثم اكملت : فقط.. صرخ محتجا وموبخا اياي قال باني كسولة لانني انسى
دائما باب الغرفة مفتوحا ، فتدخل العصافير لتلوث الفراش ، كما فعلت
اليوم. ثم قذف الشرشف في وجهي ، وطلب ان اشطفه واجعله (ناصع البياض).
ثم انسحبت على صوت نداء بعدما قبلت الطفل بحرارة . وعدت به الى حلقة
الشاي المنعقدة في الظل .
ناصرية 24/حزيران/2002 |