باحث امريكي قانوني: الحرية كقيمة في الدستور لاتعني تجاوزها على رموز الشرف والكرامة

قارن باحث أميركي في حوار حي على الإنترنت في 1 آذار الحالي، بين كيفية معالجة المجتمعات المختلفة لمسألة القذف أو التشهير إنه يتعين على القوانين المتعلقة بهذا الموضوع في المجتمعات الديمقراطية أن تعالج أمر التوتر الناجم عن التعارض الدائم في هذا المجال بين مبدأ حرية الرأي ومبدأ حق الفرد في الكرامة الشخصية.

وأضاف البروفسور دونالد كومرز، وهو أستاذ المحاضر في القانون الدستوري المقارن في جامعة نوتر دايم في ولاية إنديانا إن ما يشكل تشهيراً أو قذفاً "موضوع يدخل في صميم أي نظام ديمقراطي."

وعرّف كومرز القذف أو التشهير بأنه إصدار عبارات علنية شفهية أو كتابية من شأنها على الأرجح أن تسيء إلى سمعة الشخص أو اسمه أو تحط من مقامه في نظر المجتمع ككل.

 وقال إنه "يوجد في الأنظمة الديمقراطية، توتر ناجم عن التعارض الدائم بين أهمية حرية شخص ما بالتحدث علناً عن حدث ما أو نشاط ما أو عن سياسي ما... وحق الفرد في الخصوصية الشخصية والكرامة."

وأضاف كومرز إن التشهير يحدث ليس فقط في وسائل الإعلام الرئيسية كالراديو والتلفزيون والصحف والمجلات، وإنما أيضاً في الرسائل الإخبارية في المنظمات الخاصة والشركات الكبيرة وحتى في نشرات الكنائس.

ومضى إلى القول: "إن الإنترنت هي أيضاً أداة يجرى عبرها النقاش العام، وإلى الحد الذي تصل فيه رسالة تتضمن قذفاً وتشهيراً إلى أطراف ثالثة، مهما كان عددها، فإنه يصبح لدى المرء عندئذ سبب محتمل لاتخاذ الإجراءات ويمكنه رفع دعوى تشهير." وأعرب عن اعتقاده بأنه تقع على كاهل البلوغز (المدونات الإلكترونية) نفس المسؤوليات التي تتحملها أشكال وسائل الإعلام الأخرى كما أنها تتمتع بنفس الحمايات مثلها.

وقال كومرز، لدى سؤاله عن الرسوم المسيئة إلى النبي (صلعم)، إن الكلام الذي يخدش المشاعر حق يتمتع بالحماية في الولايات المتحدة وإن "معظم الأنظمة الديمقراطية الدستورية الأوروبية تتسامح، قانونياً، إزاء هذا النوع من الرسوم الكاريكاتورية." ولكنه أضاف أنه "تقع على عاتق الصحافة مسؤولية أخلاقية، في رأيي، بألا تخرج عن طورها في إيذاء مشاعر الآخرين."

وقال الأستاذ الجامعي الأميركي إن المحاكم هي الآلية الرئيسية لتقرير ما يقع ضمن الكلام المتمتع بحماية حرية الكلام وما يشكل قذفا. وأضاف أن المراجعة القضائية هي "قدرة المحكمة على تقرير ما إذا كان قانون سنته ولاية ما أو إجراءات اتخذتها للحد مما يمكنك قوله تخرق بنود الدستور الخاصة بحرية الرأي."

وأعرب كومرز عن اعتقاده بأن "الولايات المتحدة ربما كانت تتسامح إزاء الرأي أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض." واستشهد في هذا المجال بقرار أصدرته المحكمة الأميركية العليا في العام 1964 جاء فيه أنه يمكن مقاضاة المراسلين الصحفيين أو وسائل الإعلام على معلومات كاذبة عن مسؤول حكومي "فقط إذا كان قد تم الإدلاء بتلك التصريحات بتعمد أو "إصرار فعلي على الأذى" أو بإغفال غير مكترث للحقيقة، وهو معيار من الصعب جداً أو من المستحيل الوفاء به."

وقال إنه على النقيض من ذلك، لا تنتهج ديمقراطيات مثل كندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وألمانيا نفس السياسة الأميركية، بحيث أن "الإصرار على حق الكرامة أو الخصوصية الشخصية يتغلب (في الكثير من الأحيان) على حق حرية الرأي، في حين أن العكس غالباً ما يكون صحيحاً في الولايات المتحدة." 

وأشار إلى أنه في ألمانيا، على سبيل المثال، "يقع على الصحف عبء التثبت من حقيقة بياناتها." وأشار إلى أن القانون الأساسي الألماني ينص على أن حرية الرأي "تصل حدودها... في البنود المنصوص عليها لحماية الأحداث، وفي الحق في الشرف الشخصي."

وقد توصل كومرز إلى نتيجة مفادها أن "الحرية، سواء كان ذلك جيداً أو سيئا، هي القيمة التي تفوق كل ما عداها من قيم في الدستور الأميركي، في حان أن الخصوصية الشخصية والشرف والكرامة الإنسانية تحظى بنفس القيمة أو حتى بقيمة أكبر في الديمقراطيات الدستورية الأخرى."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 8/اذار/2006 -8 /صفر/1427