لماذا تصر الاطراف التي لا تملك شعبية في العراق وهي لم تفز في
الانتخابات الاخيرة على تشكيل مجلس قيادي بديل عن ديمقراطية صناديق
الاقتراع لحكم العراق وهو بديل قريب بل ومماثل للنموذج الايراني المسمى
"مجلس تشخيص مصلحة النظام"! والذي يقرر رفض او قبول اي مشروع يقرره
البرلمان المنتخب شعبيا ؟
لماذا يريد "ملاّ خليل زلماي" تشكيل هذ المجلس ويسعى من اجل احياء "مجلس
الحكم" الذي اسسه بريمر ويلتف على العملية الديمقراطية ولكن هذه المرة
مدعما من قبل القوى الشوفينية والطائفية وبتأييد كوردي صريح وواضح تجلى
في تصريح "مسعود البرزاني" ونظيره الدكتور جلال الطالباني ؟
اليس تشكيل مثل هذا المجلس المفروض الذي يعتبره بعض المفلسين
الخاسرين في الانتخابات الاخيرة بانه "بمثابة مجلس فيتو" ضد قرارات قد
تتخذها الاكثرية البرلمانية وهو مجلس "رئاسي ثلاثي" كما يدعون من اجل
اعادة التوازنات السياسية والحال ان هذا المجلس سوف يحل بديلا عن
الارادة الشعبية وعن الديمقراطية التي وعد بها الرئيس الامريكي السيد
بوش العراقيين والمنطقة ‘ والغريب ان كل القوى المضادة للتغيير في
العراق وكل الاطراف التي حاربت مجلس الحكم الذي اقيم على انقاض النظام
البعثي الطائفي تطالب اليوم بتشكيل "مجلس" على غرار ذلك المجلس من اجل
كما يقولون اتخاذ قرارت سياسية اي بمعنى ان يكون البديل عن البرلمان
المنتخب وعن صناديق الاقتراع ..
الامريكيون يخطأون كثيرا في العراق خاصة عندما يتخذون قرارات غبية
من اجل ارضاء اطراف ارهابية اومساهمة في الارهاب او داعمة له دون يضعوا
في الاعتبار تداعيات ذلك الامر على المدي البعيد وكأنهم فقدوا الذاكرة
ولم تحدث 11 سبتمبر في امريكا ‘ فهذا المدعو زلماي الذي يتحرك في
العراق بعيدا عن المصالح الاستراتيجية الامريكية وينفذ رغبات الدول
الاقليمية الطائفية التي تطمح فشل المشروع الامريكي الديمقراطي من خلال
طرح وتطبيق الرؤية الرسمية للحكومات العربية التي تعارض بشدة اي اصلاح
سياسي يمس جوهر قضايا الشعوب وهي الديمقراطية وتغيير النظم السياسية
واحلال نظم شعبية مكانها ‘ اما التوجه الاخير الذي بدت ملامحه بالبروز
في المشهد العراقي والذي يقف خلفه"ملا عمرخليل زلماي" سفير طالبان
العرب والمتمثل في الالتفاف على العملية الديمقراطية في العراق وتحريف
مسير العملية السياسية وفقا لاجندة الدول العربية من خلال ادخال
انحرافات جوهرية فيها وطرح بدائل ديكتاتوية وفاشلة محلها كفكرة "مجلس
الحل والعقد" او "المجلس الرئاسي" او "مجلس الحكم السياسي" وغيره من
المسميات التي لايختلف في جوهره عن "مجلس قيادة الثورة" البعثي او
"مجلس صيانة الدستور" الايراني او بمعنى اوضح "ولاية فقيه" على الطريقة
الطالبانية التي يتحمس اليها بشدة "ملا خليل زلماي" ويريد تطبيقها باي
ثمن في العراق وعلى حساب الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي ‘ وهو خطأ
استراتيجي كبير قد يقود بامريكا الى مهلكة والى مستنقع خطير تسعى
الانظمة العربية الى تحقيقه بعد ضربة 11 سبتمبر التي يقف خلفها
الوهابيون والسلفيون ‘ واليوم يسعى اولئك الذين كانوا هم خلف انتشار
ظاهرة الارهاب في العالم الى الانتقام من امريكا من خلال بعض الطائفيين
الجهلة الذين عينتهم امريكا كسفراء لها في المنطقة من امثال ملا خليل
زلماي بحجة الخطر الشيعي وكأن الارهاب مصدره الشيعة وليس بعض الانظمة
العربية التي تعتبر منبعا لتفريخ الارهاب والى اليوم ..
ويخطأ الامريكيون عندما يتصورون ان تهميش شيعة العراق سوف يحقق لهم
امنا واستقرار في المنطقة ويخطأ ون اذا ما انخدوعوا بمقولات الاعراب
وهلوساتهم ازاء البعبع الشيعي الذي لم يقطع رأس عصفور طائر فكيف بانسان
بريئ فيما السلفيون البعثيون وحلفاءهم في الجوار العراقي قطعوا رؤوس
الالاف وذبحوا اضعاف من قتل في 11 سبتمبر في امريكا ‘ فهل بعد ذلك يشكك
الامريكيون في ان الشيعة غير مسالمين ؟ فاذا كان الامريكان يعتقدون ان
تصاعد النفوذ الشيعي في العراق يعطي قوة ونفوذ لايران فلماذا لا
يعتقدوا ان تسليم السلطة للسنة وتقوية النفوذ السني في العراق هو تقوية
للنفوذ العربي الارهابي في العراق والعودة مجددا الى المربع الاول ..
من هنا فان تشكيل مجلس لقيادة العراق على حساب الاستحقاق الديمقراطي
والانتخابي يعتبر بمثابة تشكيل مجلس "ولاية الفقيه" لا يختلف في مضمونه
شيئا عن والولاية الايرانية او الطالبانية او البعثية .. |