جلال الطالباني وناظم السعود

والبيت المفقود

علي حسين عبيد

 من جميل الصدف( وأنا العازف عن قراءة صحف هذه الأيام طرا) أن أقرأ إعلانا في إحدى الصحف العراقية صادر من منظمة أو جهة غير حكومية تعلن إنشاء صندوق التكافل من أجل( شراء بيت أو قطعة ارض للصحفي والأديب العراقي ناظم السعود) أي أن هذا الصندوق مخصص حصرا لهذا الكاتب لكي يحظى هو وعائلته على سكن يليق بالمبدع العراقي، ومن جميل الصدف أيضا ان يتصدر اسم رئيس جمهورية العراق الحالي كأول المتبرعين بمبلغ( خمسة آلاف دولار!!) لهذا الصندوق في حين شارك آخرون بمبالغ متباينة وكل حسب قدرته على إسداء الخير للأدباء العراقيين الذين أمضوا أعمارهم بين مشردين ومقصيين ومتسولين وقد تطول قائمة الاوصاف والألقاب التي أصبحت ملازمة للكاتب والأديب العراقي.

قبل اكثر من خمس سنوات اتذكر وقائع احتفالية أقيمت لناظم السعود في( قاعة حوار/ بغداد) أقامتها له صحيفة( الزمن) الاسبوعية إن لم تخني الذاكرة، وفي حينها قُرئت شهادات وقصائد وكلمات بحق الكاتب المحتفى به من قبل عدد من اصدقائه منهم الشاعر سلمان داود محمد الذي قدم الاحتفالية والناقد خضير ميري الذي( كان عائدا لتوه من اطلالة على ادباء المنافي في الاردن) وكاتب السطور وغيرهم، وفي تلك الاحتفالية وصلت الى السعود هدية من شاعر عراقي اسمه( سعد الصالحي) وهي عبارة عن صندوق مغلف بورق جميل ومثير مما حرك لدى الحاضرين نزعة الفضول لمعرفة ما ينطوي عليه هذا الصندوق من شيء ثمين كما كنا نتوقع خاصة ان ناظم السعود كان يرزح حينها تحت وطأة العوز(المزمن) وفقدان السكن والعمل الصحفي بأجر بخس وما الى ذلك ...، وقبل ختام الاحتفالية بدقائق قرر مقدم الاحتفالية فتح الصندوق على مرأى من جمهور الحاضرين الذين ضاقت بهم حدائق قاعة حوار وممراتها وغرفها وكانت المفاجأة ... (طابوقة بناء) وهكذا افصح الصندوق عما يخبئه في بطنه (طابوقة لتأسيس بيت) لكي - يدفع هذا الفعل- المراقبين ويشجع المسؤولين آنذاك على مساعدة السعود والادباء العراقيين الآخرين بالحصول على سكن في وطنهم لكن سرعان ما تناسى الجميع هذه الواقعة، بما في ذلك قادة الثقافة العراقية وغيرهم من المسؤولين، وظل السعود مركونا( وعائلته) في الطابق العلوي (وما زال حتى اللحظة) بمبنى تابع لوزارة الشباب.

بعد خمس سنوات على واقعة( الطابوقة/ في قاعة حوار) تظهر الآن احدى المنظمات لتترحم على احد المبدعين العراقيين وأول من يوافق على ذلك هو( السيد رئيس الجمهورية) بدليل اشتراكه في دعم هذا الصندوق، ولا ندري لماذا لم يبادر المسؤول الاول في العراق ويمنح السعود بيتا لائقا به ويسد الباب بوجه( تقليعة المزايدات التي دأبت عليها بعض الجهات المعروفة) خاصة ان (الرئيس) قبل شهور قليلة منح احد الادباء العرب مبلغا كبيرا قياسا لما منحه لصندوق السعود( مع التأكيد على موافقتنا على هذه الخطوة) واذا كان الدستور العراقي الجديد يقيّد صلاحيات المنح، فمن باب اولى ان يبادر الرئيس ويدعو الى سن وإقرار قانون يدعم مبدعي العراق( سكنا ودعما ماليا) وغير ذلك، خاصة ان ادباء (كردستان العراقية) كما عرفنا من اتحاد الادباء/ المركز العام، يقبضون منذ سنوات طويلة راتبا شهريا مخصصا لهم من خزينة الدولة العراقية، فإذا كان الاديب الكردي عراقيا( أي تابع سياديا للدولة العراقية) فمن باب اولى ان يتم منح جميع ادباء العراق نفس الامتيازات في زمن يتحدث فيه الجميع وأولهم السيد الرئيس وغيره عن الحرية والمساواة وما الى ذلك.

أعرف انني خرجت عن الموضوع الأصل لكن الشيء بالشيء يذكر، اعود وأقول ان مساهمة رئيس جمهورية العراق في صندوق( سكن ناظم السعود) أمر غير مدروس واذا كان كذلك فهو غير مستساغ من لدن الادباء العراقيين حيث يؤكد تغاضي المسؤول الأول عما يعانيه الأديب العراقي من خلال معالجات( استعراضية) وقتية لا تضع اصبعها على الجرح الحقيقي، ان الصحيح من لدن الرئيس كما نراه نحن الادباء، هو العمل على سن قانون يحفظ لمبدعي العراق حقهم في حياة لا تقل عن مستوى حيوات غيرهم من الادباء في الدول الاخرى، واذا كان الاديب الكردي العراقي(على رأسه ريشة) تميزه عن أقرانه من ادباء العراق الآخرين فمن باب اولى ان يبادر رئيس جمهورية العراق برفع الريشة عن رأس( الاديب الكردي العراقي) او أن يبادر فورا ويضع( نفس الريشة) على رؤوس جميع الادباء العراقيين بلا استثناء بما يجعلهم متساوين في الحقوق التي تقدمها خزينة العراق لأدبائها ومبدعيها.

أما مبدعنا ناظم السعود فإنني ومن باب محبتي واخلاصي له ولكل مبدعي العراق أعلن مشاركتي بدعم صندوق تكافل( سكن السعود) بمبلغ (25) خمسة وعشرين ألف دينار (وهذه هي قدرتي المالية) لكنني أصر على عدم موافقتي على خطوة رئيس الجمهورية بدعم هذا الصندوق لأنها تدخل في باب (المسكنات الوقتية) التي لا تعالج الداء بصورة دائمة، خاصة اذا اتفقنا ان الرئيس قادر على تقديم الدواء الشافي الذي يلغي الحاجة (للمسكِّنات الوقتية).

 

شبكة النبأ المعلوماتية -الأثنين 20  /شباط /2006 -21 /محرم الحرام/1427