لا ننطلق من انتقادنا للدكتور الجعفري من اي خلفية سياسية ولا من
باب الحقد عليه كشخص ولا اننا في منافسة معه لتولي سدة "الرئاسة" التي
ابرزت عملية التصويت في الائتلاف مدى عشق الجعفري لها ‘ ولا اننا نريد
تحطيم الجعفري كون انه جعفري !
اعادة انتخاب الجعفري لرئاسة وزراء العراق قد خلقت وضعا مأساويا
لشيعة العراق واضعفت موقفهم السياسي داخليا واقليميا ودوليا وله تبعات
وتداعيات لن يفهمها ولم يستوعبها من استهواه بريق السلطة وابهة صولجان
الرئاسة ووضع خلف ظهره مصالح الناس والشيعة ..
ان من ابرز تداعيات انتخاب الجعفري هو تهافت قوى التدمير والشر
والطائفية السنية والبعثية على استغلال هذا الترشيح الباهت والضعيف
لعقد تحالفات واجراء اوسع اتصالات مع مختلف الاطراف التي تلعب دورا
رئيسيا في المشهد العراقي وسعيها من اجل سحب كل الاوراق التي بيد
الائتلاف الشيعي وتجريد الشيعة من كل مكامن القوة ومقابضها.
وفي المقابل وجدت القوى السياسية والقومية والطائفية التي لديها
تحفظات على الجعفري اولا وعلى الائتلاف العراقي ثانيا في ترشيح من
انتهت ولايته فرصة ثمينة لاعادة خلط الاوراق ولوضع الائتلاف في زاوية
ضيقة يتم فرض عليه كل الشروط وابتزازه الى آخر قطرة! وهذا هو فعلا ما
حصل ويحصل فيما الجعفري ومن لف لفه "ماد رجليه في الشمس والماي يسري من
تحته"، فيما ذهبت القوى الاقليمية لتحرك بعض الدمى الداخلية لشق الصف
الشيعي من خلال استقبال بعض الالاشخاص في بلدانها واعطاءها حجما اكبر
من حجمهم لاضعاف الشيعة وتمكين قوى الارهاب والسلفبعثي من السلطة
واعادتهم اليها من ابواب متفرقة، منها باب "مجلس الحل والعقد" الذي هو
بمثابة مجلس "قيادة البعث" الجديد ولكن تحت مسميات جديدة وعناصر اخرى
ولعل السيد البارزاني الذي يرأس حكومة اقليم كوردستان والذي اقترح مثل
ذلك المجلس البعثي وبتنسيق مع "ملا خليل زلماي" الطائفي سفير الوهابية
السعودية في العراق لم يكتف بما له من سلطة في ذلك الاقليم ان يأتي
بمثل ذلك المقترح الذي قد يمنحه حق تقرير شئون اقاليم الجنوب الشيعية
والحال كان من المفترض عليه ان يجلس في قصره الكوردستاني ويترك امر هذا
المجلس وغيره للاكثرية وللشيعه الذين يهمهم امر اقاليمهم ولن يتدخلوا
في تقرير شؤون الاقاليم الاخرى..
ودوليا تمكن الجعفري من خلال ذلك الاصرار غير المبرر لتولي شئون
رئاسة الوزراء من اعادة الشيعة الى المربع الاول واثارة مخاوف اطراف
دولية وخاصة امريكا التي لن تقبل به وغير راضية عنه لاسباب كثيرة ونحن
نعلم ان واشنطن لها كلمة الفصل والباع الطويل في الشأن العراقي واي
اغفال لذلك الدور من قبل الشيعة يعني بمثابة الانتحار..
فهل يريد الجعفري تدمير شيعة العراق من خلال هذا الاصرار الاعمى على
تولي الرئاسة ‘ ورأينا كيف انه بعد ترشيحه اجتمعت كل القوى التي تستبطن
السوء للشيعة وللائتلاف تحت راية "ملا خليل عمر زلماي" وبدأوا بتنسيق
مواقفهم من اجل تهميش الشيعة وتسليم السلطة مجددا للسنة كي يحكموا ‘
ورأينا كيف ان البعثي طارق الهاشمي والآخر رجل الامن في مخابرات صدام
"ظافر العاني" قد استأسدوا وأخذوا يعربدون ويتصرفون وكأنهم هم
"الفائزون" وهم الذين يقررون شئون العراق !
الائتلاف العراقي او الشيعي يعيش اليوم وضعا لا يحسد عليه وبانتخاب
الجعفري والذي فاز بفارق صوت واحد اي بمعنى انه لن يحظى بثقة الاغلبية
داخل الائتلاف وسوف يكون اضعف رئيس وزراء قد فقد الائتلاف كل اوراق
الضغط في المشهد العراقي ولن يبقى امامه الا طريقا واحدا وهو ما قترح
عليه احد الشرفاء العراقيين بان يستقيل ويترك هذا المنصب لعادل عبد
المهدي او لشخص كالدكتور احمد الجلبي من خارج الائتلاف واحد المؤسسين
الاوائل له.
استمرار الجعفري في الرئاسة سوف يفقد الشيعة الكثير من المكاسب
ويقلب الامور لصالح الارهاب البعثي الذي يتحرك لقتل الشيعة وذبحهم
وبدعم خفي من اطراف اقليمية وبعلم ملا خليل عمر زلماي الطائفي الذي
يعمل على تنفيذ مطالب الدولة الوهابية لتهميش الشيعة دون ان ينظر الى
مصالح البلد الذي يمثله اي امريكا ولعله يخادع حتى البيت الابيض
بتقاريره وخبثه .. |