ذكرت دراسة كويتية حديثة ان النزعة التواكلية قد تشكل معوقا من
معوقات النهضة والانطلاق في الكويت والعالم العربي مؤكدة ان الاسلام
ميز بين التوكل والتواكل وان الانسان مسؤول ومكلف وانه بالجهد والعمل
والاصرار والتحدي يمكن ان يحقق ماهيته ووجوده.
جاء ذلك فى دراسة اعدها الاستاذ بقسم اصول التربية في كلية التربية
بجامعة الكويت الدكتور علي اسعد وطفة بعنوان( مؤشرات التفكير التواكلي
لدى عينة من الشباب في المجتمع الكويتي) بالاشتراك مع الاستاذ المساعد
بقسم اصول التربية الدكتور سعد الشريع.
وقال الدكتور وطفة لوكالة الانباء الكويتية ان هناك بعض الافكار
والمقولات غالبا ما توظف لتغطية مشاعر الخيبة والاخفاق التي يعانيها
الفرد في دائرة نشاطه لتحصيل رزقه وحياته. واوضح انه "على الرغم من صحة
هذا قدرا فان الانسان يجب الا يضع نفسه اسيرا لهذه الافكار دون عمل
وجهد وبذل وعطاء ليغير من وضع معيشته فمبدأ دع الامور تجري على غاربها
والاستسلام لمشيئة اتكالية مطلقة ليست من قيم الاسلام".
واضاف الدكتور وطفة الذي اعد الدراسة على عينة حجمها 1003 من الشباب
الكويتي في محافظات الكويت الست ان هناك هيمنة للجوانب التواكلية
القدرية في العقلية العربية حيث يسلم الانسان امره للقدر ويمتنع عن بذل
النشاط والجهد ويعيش في حالة سلبية مطلقة قوامها التواكل والاستسلام
والسلبية المطلقة. وبين ان السيكولوجية التواكلية من السمات المميزة
للشعوب التقليدية التي ترهن مصيرها بعوامل وقوى خارجة عن ارادة الانسان
وقدراته لذا فان المجتمعات العربية هي مجتمعات تقليدية تحكمها مناخات
ثقافية مشبعة بعناصر التكوينات السيكولوجية التواكلية فهي وفقا لهذا
التصنيف تسلم مصيرها للاقدار بعيدا عن الايمان بقدرة العقل الانساني
وعظمة الحرية التي يمتلكها في مواجهة المصير. واضاف ان الاسلام ميز بين
التوكل والتواكل حيث جاءت الرسالة النبوية لتؤكد ان الانسان مسؤول وانه
مكلف وانه بالجهد والعمل والاصرار والتحدي يمكن ان يحقق ماهيته ووجوده.
وتابع ان مبدأ دع الامور تجري على غاربها والاستسلام لمشيئة اتكالية
مطلقة ليس من قيم الاسلام حيث تفيض الحياة الاسلامية في القران والسنة
والسيرة بالشواهد الدامغة على اهمية العقل والفعل والارادة الانسانية
.( - وذكر الدكتور وطفة ان الرؤية القدرية والتواكلية جلية وواضحة في
المجتمع حيث يرى 8ر71 بالمئة من افراد عينة الدراسة ان تحرير فلسطين
سيتم بمعجزة الهية مهما كان تخلف العرب وضعفهم وفي هذه الرؤية مخالفة
للنصوص الشرعية التي تؤكد اهمية تضافر العرب واعدادهم للقوة التي
تمكنهم من تحرير فلسطين مع ارادة الله عز وجل .
واضاف ان 88ر64 بالمئة من المستفتين يعتقدون ان الكوارث الطبيعية
تأتي عقابا من الله عز وجل على البشر وتأخذ النزعة القدرية اوج قوتها
حين يوافق 81 بالمئة على مقولة (لو تركض ركض الوحوش غير رزقك ما تحوش)
وهذا مؤشر على روح سلبية تواكلية بالغة الخطورة.
واوضح ان التواكلية الكبيرة تتجلى حين يعلن 74 بالمئة من افراد
العينة ان الطفل يأتي ويأتي رزقه معه كما يرى 3ر85 بالمئة بان المكتوب
ما منه مهروب ويقبل 3ر31 بالمئة مبدأ (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في
الغيب) ويرى 9ر24 بالمئة ان الانسان مسير لا مخير اي انه لا يملك حريته
او مصيره. واشار الى ان نزعة التواكل تشتد كلما تدرجنا صعودا في السلم
العمري لافراد العينة فكبار السن اكثر قبولا للافكار والقيم القدرية من
الاصغر سنا كما ان الاناث اكثر تواكلية وايمانا بالروح القدرية للوجود
الانساني من الذكور.
واضاف ان المتزوجين اكثر تواكلية وايمانا بالاعتبارات القدرية
والحتمية من العزاب وان العزاب اكثر تواكلية من المطلقين. واوصى بتوجيه
التربية في مستوياتها الرسمية نحو بناء تصورات جديدة تقوم على اساس
الايمان بأهمية الجانب الانساني في عملية بناء الحضارة والتقدم والنهضة
وتأكيد مقولات الحرية والمسؤولية والجهد والاجتهاد في بنية التصورات
السائدة. كما اوصى بتوجيه مقررات التربية الدينية في المدارس بمختلف
مستوياتها الى اهمية اعادة بناء وعي ديني اكثر اصالة وتوافقا مع روح
الشريعة فيما يتعلق بمسألة التواكل والقدر والقدرية والتواكلية.
واكد الدكتور وطفة في ختام حديثه ضرورة توجيه البرامج الاعلامية نحو
تأكيد النزعة العقلانية الاسلامية في مجال فهم الكون والعالم والانسان
بما يؤكد قيم الاجتهاد والمجاهدة ودور الانسان في بناء الكون والعالم. |