قال مسؤولون أمريكيون ان دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين عقدوا
مباحثات هذا الاسبوع بشان سبل تعزيز الديمقراطية في ايران وسط مخاوف من
ان تستغل طهران نزاعا بشأن طموحاتها النووية في اذكاء العداء للغرب.
وقال المسؤولون والدبلوماسيون ان المناقشات التي جرت في واشنطن شارك
فيها وكيل وزارة الخارجية نيكولاس بيرنز الذي ينسق سياسة الولايات
المتحدة بشأن ايران ودبلوماسيون بريطانيون يعملون او عملوا في طهران.
وتخشى الدول الغربية ان تسعى ايران الى صنع قنبلة نووية وقررت الوكالة
الدولية للطاقة الذرية ابلاغ مجلس الامن الدولي بتقرير عن ايران. وتصر
ايران على انها لا تريد سوى انتاج الطاقة الكهربائية. ويميل المسؤولون
الامريكيون والبريطانيون الى وجهة النظر القائلة بانه يجب على الغرب
خلق صلات مع ايرانيين يعارضون حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد ويتفهمون
الديمقراطية.
وقال دبلوماسي بريطاني "من الواضح انه يوجد اهتمام متزايد في
الكونجرس والحكومة الامريكية ببحث ما يمكن حقا عمله لتقوية المجتمع
المدني في ايران." وقطعت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع
ايران بعد الثورة الاسلامية عام 1979 لكن بريطانيا لديها سفارة في
طهران وتشجع المجتمع المدني من خلال انشطة منها تقديم معونات فنية وعقد
الندوات. وقال الدبلوماسي البريطاني ان المسؤولين الامريكيين الذين
سينفقون هذا العام عشرة ملايين دولار لتعزيز الديمقراطية في ايران
مهتمون "بمعرفة خبرتنا والوقوف على افضل السبل لانفاق الاموال المتاحة."
وكان الرئيس الامريكي جورج بوش قد جعل نشر الديمقراطية لاسيما في
الدول الاسلامية احد محاور سياسته. وفي خطابه عن حالة الاتحاد الاسبوع
الماضي عبر عن امله في ان تصبح الولايات المتحدة يوما "أقرب الاصدقاء
لايران حرة ديمقراطية" لكنه لم يفصح عن اي مبادرات ملموسة لبلوغ هذه
الغاية. وانقسمت الادارة الامريكية حول المدى الذي يجب ان تذهب اليه في
تشجيع تغيير النظام السياسي في ايران. لكن في الاسابيع القليلة الماضية
زاد عدد المسؤولين الامريكيين الذين يتحدثون في وسائل الاعلام الموجهة
الى الايرانيين. وقال مسؤول امريكي بارز لرويترز "هناك جهد واع للتحدث
مباشرة الى الشعب الايراني وشرح ما يحدث" بشأن ايران في اطار المجتمع
الدولي. وتشوش الحكومة الايرانية عادة على الاذاعات الاجنبية. وعبر
مسؤولون امريكيون واوروبيون عن اعتقادهم بان غالبية الايرانيين لا
يعلمون بالاقتراح الذي تقدمت به بريطانيا وفرنسا والمانيا والذي يقدم
لايران مزايا اقتصادية وسياسية اذا تخلت عن انشطتها النووية التي يشتبه
ان الغرض منها هو تصنيع الاسلحة. ونوقشت المسألة الايرانية خلال جلسة
عمل مغلقة للكونجرس بشأن ايران. وصرح النائب الجمهوري مارك كيرك بان
المجموعة حثت وكيل وزارة الخارجية الامريكية على بحث فرض قيود على
مبيعات الغاز لايران. وقال كيرك ان بيرنز لم يبحث عقوبات محددة لكنه
كان متقبلا لاقتراح باستخدام الاقمار الصناعية الامريكية لتقوية البث
الاذاعي والتلفزيوني لايران.
وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو إن العمل العسكري ضد ايران
ليس امرا محتوما حتى لو طورت الدولة الاسلامية تكنولوجيا لبناء قنبلة
نووية. وكرر سترو الذي تعرض لضغوط من لجنة برلمانية للاجابة على سؤال
بشان احتمال قيام القوى الغربية باجراء عسكري ضد ايران بسبب طموحاتها
الذرية ان مثل تلك الخطوة ليست على جدول الاعمال وانه سيتابع
الدبلوماسية. وقال سترو للجنة "لا اعتقد انه حتى لو كانت ايران في ذلك
الموقف (لديها القدرة على صنع اسلحة نووية) انه لن يكون هناك شيء يمكن
ان يقوم به المجتمع الدولي بهذا الشأن لا يبلغ حد العمل العسكري."
واجرى مقارنة بكوريا الشمالية المعزولة التي يشتبه الغرب بانها لديها
بالفعل اسلحة نووية. وقال "هناك عملية انا واثق على نحو معقول انها
ستؤدي الى حل بالسبل غير العكسرية." ووسط مخاوف دولية من ان ايران تريد
صنع قنابل نووية صوتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بابلاغ مجلس الامن
بملف ايران النووي وهو تحرك يمكن ان يؤدي نهاية المطاف الى فرض عقوبات.
ورفض سترو ان يقول ما هو الاجراء الذي يمكن ان يتخذه مجلس الامن ولكنه
لن يتخذ اي اجراء قبل تقرير للوكالة مقرر الشهر المقبل. وقال سترو انه
رغم ان الغرب يشك الى درجة كبيرة في ان ايران تريد تطوير اسلحة نووية
فان لا يوجد دليل على ذلك. وتنفي ايران انها تريد بناء اسلحة وتقول
انها تريد التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة. واضاف سترو "انا على وعي
بحقيقة.. ليس اقلها بسبب التجربة فيما يتعلق بالعراق..بان علينا ان
نكون دقيقين للغاية بشأن ما نقوله." وقبل غزو العراق في عام 2003 دفعت
الولايات المتحدة وبريطانيا بان صدام حسين لديه اسلحة دمار شامل وهو
زعم ثبت انه لا اساس له واثار تساؤلات كبيرة حول اسباب الحرب. وقال
سترو ان مستوى القلق الدولي بشأن طموحات ايران النووية سيستمر في الوقت
الذي تبدأ فيه مناقشات حول الاجراء الذي سيتخذ بعد ذلك. واضاف "من
الممكن دائما ان يكون هناك اختلافات في مجلس الامن ولكني اعتقد انها
غير مرجحة."
وفي هذا السياق قال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الامريكية إن
الرئيس الامريكي جورج بوش طلب من الكونجرس اجازة مبلغ 75 مليون دولار
اضافية لمساعدة الولايات المتحدة في تحفيز الديمقراطية في ايران. وقال
المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لان الاعلان لم يصبح رسميا بعد إن "هذا
لتعزيز الديمقراطية. سيستخدم لتحسين البث الاذاعي وبدء(عمليات) بث
بالاقمار الصناعية ويشمل اموالا لمنح دراسية لطلبة ايرانيين ليأتوا الى
الولايات المتحدة". ويشكك محللون سياسيون ودبلوماسيون غربيون في مدى
فعالية البرامج الامريكية لتعزيز الديمقراطية في ايران لكنهم يشيرون
الى ان واشنطن ليس لديها خيارات سياسية كثيرة في سعيها للتأثير على
الايرانيين. ومضى المسؤول يقول ان وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا
رايس ستطلب الاموال في جلسة للكونجرس في وقت لاحق من يوم الاربعاء في
طلب اضافي لموازنة العام المالي 2006. وتشمل موازنة 2006 بالفعل عشرة
ملايين دولار لمثل هذه البرامج. وهناك مواجهة بين الولايات المتحدة
التي قطعت العلاقات مع الدولة الاسلامية بعد قيام الثورة الايرانية في
عام 1979 لوقف ما تشتبه في انه برامج لبناء قنبلة نووية. وقالت مسؤولة
كبيرة أخرى من وزارة الخارجية في نفس المؤتمر الصحفي، إن الولايات
المتحدة لديها الآن برامج جاهزة تدعم نقابات العمال الايرانية،
والمنشقين والناشطين في مجال حقوق الانسان، وإن منظمات المجتمع المدني
هي المفتاح لإحداث تغيير إيجابي في إيران.
وفي جلسة مجلس الشيوخ قالت رايس، "نعتقد أن الشعب الإيراني يستحق أن
يعيش في حرية، وإذا راقبتم كيف استطاعت شعوب عبر العالم خلال العقدين
الماضيين بنوع خاص أن تنهض وتطالب بحريتها، لوجدتم أن ذلك حدث عن طريق
التنظيم." وأضافت، "أعتقد أن نموذج التضامن هو نموذج جيد، حيث كانت
هناك أعداد كبيرة من الناس تجمع صفوفها. كانت هناك نقابات العمال في
بولندا تجمع صفوفها، لكن أنضم إليها أيضاً أكاديميون، وناشطون في مجال
حقوق الإنسان. فعندما ينظم الناس أنفسهم ويصبحون فعلا متحدين في الدعوة
إلى التغيير، فإن الشعوب تحصل حينذاك على التغيير الذي تريده، ونحن
نعتقد بأن الشعب الإيراني يستحق التغيير." وستخصص وزارة الخارجية مبلغ
5 ملايين دولار إضافي لجهود الدبلوماسية العامة الموجهة لإيران، بما في
ذلك موقعها على شبكة الويب باللغة الفارسية. وأشارت مسؤولة وزارة
الخارجية إلى أن الولايات المتحدة لا تنوي العمل مع المنظمات الحالية
غير الحكومية في إيران، لأن عملاء الحكومة تغلغلوا فيها. وقالت إن
"التحدي هو المساعدة على تنظيم شبكات أخرى وأشخاص يتحلون بالشجاعة ممن
يخاطرون بأرواحهم للجهر بآرائهم ضد النظام، والذين يقفون في وجه
النظام، والمساعدة على إعطائهم الأدوات لتنظيم أنفسهم وتشكيل جماعات
جديدة لم تتسلل إليها الحكومة، نستطيع أن نعمل معها." وقالت إن وزارة
الخارجية ستعمل حاليا عبر منظمات أميركية وأخرى غير حكومية وتتفاوض حول
ترخيص شامل مع مكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية في وزارة المالية
للالتفاف حول تأخيرات قانونية في توفير تمويل من الحكومة الأميركية
لمنظمات تتعامل مع إيران. وقالت رايس "علينا الآن أن نوسع الإجماع
الدولي ضد مطامع النظام الايراني النووية لمواجهة النطاق الكامل
لسياساتها التهديدية." وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية إنه إضافة
إلى القضية النووية، تأمل الولايات المتحدة أن تركز اهتماماً دولياً
أشد على دعم إيران للإرهاب، والتطرف، الذي يزعزع المنطقة، وافتقارها
للحرية السياسية. وقال إن وزيرة الخارجية ستحمل هذه الرسالة إلى الشرق
الأوسط عندما تتوجه إلى هناك في الفترة من 20 إلى 24 شباط/فبراير.
وقال، "ما تود وزيرة الخارجية أن تفعله هو أن توسع ذلك النقاش الدولي
وتناقش مع الدول العربية – التي من الواضح أن لديها مخاوف كثيرة
بالنسبة إلى إيران – ليس فقط القضية النووية، بل أيضاً قضية الإرهاب،
والسياسة الإيرانية الخارجية العدوانية في المنطقة فضلا عن العجز في
مجال الديمقراطية." وقال إن مسؤولي وزارة الخارجية سيثيرون هذه القضايا
أثناء اجتماع مجموعة الدول الصناعية الكبرى الثماني – كندا، فرنسا،
ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، وروسيا
–في موسكو.
ثم خلص إلى القول: "إننا نأمل أن تفكر الدول التي لديها علاقات
طبيعية مع إيران بتلك العلاقات وتستخدم الأدوات التي في حوزتها،
كالعلاقات الاقتصادية التجارية الطبيعية بينهما، للبدء في التفكير في
ما يمكنها أن تعمله للتصدي لسلسلة راديكالية من الاقتراحات من جانب
الحكومة الإيرانية منذ 4 آب/أغسطس، 2005، مشيراً الى تاريخ انتخاب
أحمدي نجاد رئيساً لإيران.
من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي ان ايران
ماضية قدما في برنامج سري للاسلحة النووية. وقال دوست بلازي "ما من
برنامج نووي مدني بوسعه ان يفسر البرنامج النووي الايراني. ولذلك
فبرنامج ايران هو برنامج عسكري نووي سري." وأضاف "المجتمع الدولي بعث
برسالة شديدة الحسم بقوله للايرانيين (عودوا الى رشدكم. اوقفوا كل
الانشطة النووية وتخصيب اليوارنيوم وتحويله).
"وهم لا يستمعون لنا." |